انتحار نجوم موسيقى البوب في كوريا الجنوبية.. ما السر؟
تصدر نبأ العثور على جثة الفنانة الكورية الشابة "سونغ يو جونغ" الأخبار العالمية، مصحوبا بتساؤلات حول سبب الوفاة، وما إذا كانت ستنضم إلى سلسلة حوادث الانتحار المأساوية بكوريا الجنوبية.
وقد عثر على الممثلة البالغة من العمر 26 عاما وقد فارقت الحياة يوم 23 يناير/كانون الثاني الجاري في العاصمة سول، ولم تكشف الوكالة الإعلامية التي تدير أعمالها عن سبب الوفاة، ولكنها تفتح ملف سلسلة حالات انتحار بين النجوم الكوريين الذي لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين.
بدأت سونغ حياتها المهنية في عمر العشرين عاما حيث ظهرت في الإعلانات التجارية كعارضة لمنتجات العناية بالبشرة، ثم حصلت على دور بطلة خارقة عام 2019، وحصلت على العديد من الأدوار الرئيسية ذائعة الصيت. دافعت سونغ عن ذوي الاحتياجات الخاصة وأصبحت سفيرة للأعمال الخيرية.
قيود صارمة
وتفرض الوكالات الإعلامية الكورية قيودا صارمة على النجوم الملتحقين بها، وعادة ما تبدأ من عمر المراهقة، بدءا من المظهر وحتى التحكم بكافة تفاصيل التواصل خاصة عبر الشبكات الاجتماعية.
وأشار العديد من النقاد إلى أن بقاء هؤلاء النجوم في دائرة الضوء محدود جدا، وبحلول آواخر العشرينات من عمر الفنان تبدأ الوكالات في استبدالهم بنجوم آخرين أكثر شبابا، مما يسبب ضغط شديدا على هؤلاء النجوم.
وحذر الخبراء من الجانب المظلم الذي تعاني منه صناعة موسيقى البوب في كوريا، حيث كشف تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز عام 2019 فضائح إعلامية تورط فيها منتجون في صناعة البوب، والتحقيق بتورطهم في قضايا تتعلق بالاستغلال الجنسي والبغاء وقضايا المخدرات.
انتحار مألوف
تشهد الأوساط الفنية في كوريا الجنوبية حالات انتحار كثيرة، حتى باتت تلك الحوادث خبرا مألوفا السنوات الأخيرة، لا سيما من نجوم الصف الأول.
ففي عام 2017، انتحر المغني كيم جونغ هيون في سن 27 عامًا بعد أن كتب رسالة قال فيها إن الاكتئاب تغلب عليه. وعام 2019، انتحرت سولي نجمة موسيقى البوب البالغة من العمر 25 عامًا، بعد أن عانت من التنمر على صفحات التواصل والذي واجهته عقب انضمامها إلى حملة نسوية تدعو إلى عدم ارتداء حمالات الصدر، وبعد حوالي 6 أسابيع، انتحرت صديقتها غو هارا (28 عاماً) تاركة ملاحظة مكتوبة بخط اليد تعبر عن يأسها.
وذكر تقرير لصحيفة غارديان أنه تمت تغطية 30 حادث انتحار بين نجوم الصف الأول بكوريا الجنوبية، ورغم تنوع الدوافع بين مشكلات في المال والعلاقات والخلافات العائلية، لكن لا يمكن إغفال أثر انخفاض شعبية النجوم أو التنمر عبر شبكات التواصل كعوامل مشتركة في معظم تلك الحوادث، الأمر الذي دفع السلطات لتغريم (الجهات) -التي تحث مستخدمي التواصل على الانتحار- بغرامة تصل إلى 2000 دولار.
لا تنحصر مشكلة الانتحار في دائرة المشاهير، بل تحتل كوريا الجنوبية المركز الأول في معدلات الانتحار عالميا، وبحسب صحيفة إيكونوميست البريطانية فقد توفي 564 شخصا في هذا البلد بسبب الإصابة بكورونا، وانتحر حوالي ضعف هذا العدد خلال العام الماضي، وبحسب الإحصائيات فإن النساء والمراهقات ومن هم في سن العشرين هم الفئة الغالبة التي تُقبل على الانتحار بغض النظر عن مجال الصناعة أو الشهرة.
وتنتشر ظاهرة كي بوب K-Pop أو (البوب الكوري) بدرجة كبيرة عبر صفحات التواصل، ويتعرض نجومها لسيل من الرسائل من المتابعين سواء معجبين أو تعليقات تنم عن الكراهية والتنمر على مظهرهم أو حتى حياتهم الخاصة، ولأن صناعة البوب لا تهتم سوى بمهارات الرقص والغناء والتمثيل وتبدأ مع الموهوبين من سن صغيرة، فلا يكون هناك مجال لتأهيل هؤلاء النجوم على تقبل التنمر أو التعامل معه أو حتى تكوين علاقات اجتماعية سوية تمكنهم من التمسك بالحياة ومحاربة الأفكار الانتحارية.