"أزمة اللقاح" ..محلية أم عالمية؟!!
كتب عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الانسان، النائب السابق د. ابراهيم البدور -
وباء كورنا باقٍ ويتمدد ،لا تؤثر عليه حرارة أو صقيع، ولا علاج له لغاية الآن؛ حقائق أصبحت واضحة عن هذا الفيروس الذي خرج من منطقة صغيرة في الصين وانتشر شيئاً فشيئًا حتى وصل الى كل الدول وتحولت المشكلة من محلية يمكن السيطرة عليها الى عالميه تحتاج تضافر جهود الجميع للتغلب عليها.
مع مرور حوالي عام على بدء الانتشار العالمي؛ قام العلماء بدراسة وتتبع سلوك الفيروس؛ حيث لاحظنا جميعاً التخبط العالمي -وحتى منظمة الصحة العالمية- وشاهدنا التصريحات والتوصيات المتضاربة، وطرح علاجات ثم سحبها وتغيير بروتوكلات.
لكن خلال هذه المده حاول العلماء والشركات الطبية الكبيرة تطوير لقاح يكون واقيا للناس من الاصابة، بحيث يحميهم من الاعراض الصحية التي يُحدثها الفيروس والذي تصل للوفاة -لاسمح الله -في حالات شديدة.
بالفعل؛ خلال ٩ أشهر من الأبحاث والدراسات خرجت علينا عدة شركات طبية وقدمت لنا لقاحات ونسب نجاح متفاوتة لكل لقاح، فالغرب بشكل عام -اوروبا وامريكا -اعتمدت على مطعوم شركة فايزر ،وتعتبر بريطانيا من أول الدول التي سمحت باعطاء هذا اللقاح وهذا بداية شهر ١٢ من العام ٢٠٢٠ ومنحت الشركة حصانة قضائية من أي مضاعفات تحدث من إعطاء اللقاح، بعد ذلك بحدود شهر أقرت منظمة الصحة العالمية لقاح فايزر كلقاح آمن وتوصي باستخدامه.
على الجانب الاخر، قدمت الصين وبالشراكة مع الامارات مطعوم (سينوفارم) والذي هو فيروس ميت، ويستخدم نفس الأسلوب التقليدي للمطاعيم، وبنسب نجاح تصل الى ٨٥ ٪. وتم استخدامه في دول الشرق بشكل عام والشرق الاوسط بالذات (الامارات والاردن ومصر ...).
لكن مع زياده الطلب العالمي على المطاعيم ودخول العالم في موجات جديده للفيروس أصبح هناك شُح في التوريد وأصبح هناك شبه (سوق سوداء) يباع فيها المطعوم من الشركات للذي يدفع أكثر، فتم حرمان الدول الفقيرة من المطعوم، والدول الغنية استأثرت بكل الكميات المُنتجة.
عندنا في الاردن أدخلت وزارة الصحة المطعومين الى البلد، وبدأت برنامجا وطنيا للتطعيم من حوالي ٣ اسابيع، حيث أُنشئت منصة لتسجيل الاسماء، وتم تشجيع الناس للذهاب واخذ المطعوم، وتوضيح مأمونيته وانه فعال ولكن مع ذلك حدثت عدة مشاكل في البرنامج التطعيمي؛ اولاً: تغيب ٤٠ ٪ من الذين سجلوا على المنصه ولم يتم تطعيم الا ٣٥ الف شخص فقط خلال حوالي اسبوعين ....!!
المشكلة الثانية التي يواجهها برنامج التطعيم الوطني هو عدم القدرة على توفير مطاعيم جديدة، وذلك يعود لعاملين؛ خارجي (يتمثل في ان الدول الصانعة تقدم مصلحة مواطنيها وان يكون الانتاج لهم اولا)، وداخلي (انه تم الاعتماد على تآلف كوفاكس لتوفير بحدود مليون مطعوم لكن ذلك لم يحدث لغاية الان ).
المشكلة الثالثة تتمثل في المشاكل اللوجستية في توزيع اللقاح، من حيث ذهاب المواطنين وانتهاء اللقاح قبل ان يصلهم الدور، واكتظاظ للناس امام مراكز التطعيم وبعث رسائل لاشخاص بالخطأ عن اخذ المطعوم، وشكوى بعض الناس انهم سجلوا على المنصة ولم يأتهم دور لغاية الان بالرغم انه تنطبق عليهم الشروط وقولهم انه يحدث تمييز لبعض الاشخاص في إعطاء المطعوم، ويؤشر البعض انه تم توزيع مطاعيم خارج المنصة وحتى بدون كشوفات واسماء!!
من كل ما شرحنا نرى ان أزمة اللقاح هي أزمة عالمية بشكل عام ولكن يوجد أزمة محليه ايضاً بحاجة لدراسة بحيث يتم تصحيح الاخطاء و تعزيز ثقة المواطن في اخذ وتوزيع المطعوم .