المئوية وجردة الحساب

 في الزمانات كان الانسان أغلى ما نملك وكنا نتمنى أن نصل الى المئوية رافعين شعارا رديفا الانسان اعز ما نملك
لكن تماشيا مع المرحلة فالانسان في هذه المرحله يبدأ بالدفع منذ ولادته مرورا باجهزة الدولة المختلفة إلى ان يوارى في المقابر والتي تشترط دفع قبل الدفن.

.... في الزمانات ايضا كان الاستثمار الصادق ينحصر بعدة اوجه منها التعليم الحكومي رغم ضيق اليد المالية لكنه حقق الاهداف المرجوة في بناء الانسان والدولة و انعكس ذلك على تدفق حوالات العاملين في الخارج ونشرات البنك المركزي الاردني الفترات شاهدة على ذلك.
لكن الاهم الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية في الاردن التي لعبت دورا لتكريس دولة المؤسسات والقانون والعدالة والبناء فكانت مسرح للكافة دون تمييز كالبوتاس والفوسفات والموانئ والبنك الصناعي ومؤسسة الإقراض والمنظمة التعاونية وشركة الاسمنت وشركة تسويق الزراعي ومؤسسة المراكز التجارية ومصفاة البترول وسلطة المياه ومصنع الزجاج ومؤسسة المواصلات وغيرها الكثير من المشاريع التي ساهمت في عشق الاردنيين لوطنهم لانها جاءت بنوايا جادة لبناء دولة مستمرة قابلة للحياة!!
كل هذا وغيره كانت خطط الدولة في الاستثمار الوطني وخاصة التعليم الذي كان ركن من اركان النهوض والتطور الأمر الذي دفع الجهات الرسمية ان تولي هذا الجانب اهتمام خاص من خلال المدارس الحكومية الواسعة الانتشار في كل بقعة اردنية وفي حين كانت المدارس الخاصة على عدد اصابع اليد والمصنفة بالدرجة الثانية لدى الدولة والناس وبالتالي كانت المساواة في التعليم سمة غالبة لمعظم الشعب الاردني كونها بنيت على العلم وليس التجارة.

كان لدينا جامعة واحدة تأخذ المتميزين من الطلبة لاستكمال الدراسة الجامعية في حين كانت البقية تتوزع بين العراق ومصر وسوريا وقليل منها الى الدول الاجنبية لكن جامعة بيروت العربية كانت تستحوذ على حصة الاسد بالانتساب.

وهكذا استمرت حياة الاردنيين متساوية في الكفاءة والفرص ودون منغاصات وفواتير مالية كبيرة إلى ان جاءت حكومة عبدالحميد شرف رحمه الله ليقرع ناقوس الخطر برفع شعار ترشيد الاستهلاك وضغط النفقات عام 1979 ولم ندرك المعنى من ذلك إلا متأخرين رغم البحبوحة النسبية التي كنا نعيش وتدفق المساعدات وحولات من الخارج وحاول تطبيقه إلا ان القدر لم يسعفه و انتقل الى رحمته تعالى في ريعان شبابه (43 عاما) بوزاره لم تدم إلا و 6 شهور وانيط بالاستمرار لهذه الحكومة بتعيين نائبه الدكتور قاسم الريماوي رحمه الله ليكون رئيس وزراء وهو الاستاذ الجامعي في كلية الزراعة في الجامعة الاردنية . واستمرت هذه الحكومة مدة 40 يوما واتضح انها حكومة تصريف اعمال لا أكثر وبقي يسكن في منطقة الشعبية بجبل الحسين منذ ان كان مدرسا بالجامعة مرورا برئاسة الوزراء حتى وفاته وهكذا كانت حياة الشرفاء!!

ومنذ ذلك التاريخ بدء المنحنى يهبط شيئا فشيئا الى ان جاءت احداث 1988 والتي كشفت هشاشة الوضع الاقتصادي وجيء ببرلمان يمتص الغضب ويعيد الأمور الى نصابها وكانت من نتائج تلك المرحلة ان هبط سعر الدينار من 3 دولار الى دولار و 30 سنت (!!!)
استمر التراجع ووقعنا اتفاقية السلام مع اسرائيل وخرج علينا وزير الإعلام انذاك يحدثنا عن المعلقة والذهب والرخاء الاتي من تلك الاتفاقية لكن، التراجع استمر، والخداع زاد، والكذب اتسع وانكشف، وفي كل يوم المزيد من الوقاحة يقابله المزيد من الخنوع لدى الشعب الطيب، واستمرت الأمور بالانحطاط، وفقد المنصب الرسمي هيبته، وتقزم بحجم الصغار الذين يجلسون عليه باجندات خارجية إلى ان وصلنا الى المزيد من التردي والفشل، وزيف للحقائق وبيع لمقدرات الوطن بذرائع مختلفة اتفهها ما يسمى الخصخصة وبيع مشاريعيه الاستراتيجية بطريقة جعلت الكل يفقد الأمل بالاصلاح والنهوض واصبحت مثل هذه المصطلحات ملهاة الاطفال او مدعاة للسخرية والضحك للكبار .

استمرت المديونية بازدياد دون ادنى اكتراث بالغيرة الوطنية على الوطن ودون عمل فعلي منجز يقابل تلك المديونية وتلاشت الطبقة الوسطى وتوسعت الطبقة الفقيرة والمعدومة بشكل لافت واصبحت هي الغالبة بين طبقات الشعب الثلاث وافرزت هذه المرحلة طبقة حديثي النعمة وتراجعت الطبقة الغنية التقليدية وانقلبت الموازيين واصبحت الانجازات حبر على ورق وليس على الواقع.

والناس ليسوا كإسنان المشط!!

انعكس هذا كله على المنظومة التعليمية التي اصبحت ايضا تجارة وحققت الفشل تلو الفشل سواء في التعليم المدرسي او الجامعي واصبحت الغاية هي الربح المالي على حساب تلك المنظومة التي لم نجد من يعلق الجرس لخطوراتها بل كان الهم تحقيق المصالح الشخصية على حساب مصالح الوطن وأبناءه.

.
لقد زادت نسبة البطالة في صورة ملفتة للنظر نتيجة التخبط والفساد زادت نسبتها حتى وصلت في منتصف 2020 الى 23٪ وربما تتجاوز ال 25٪ عام 2021.

ومن هنا نقف في حيرة من امرنا وكيف لنا ان ندخل الفرحة ونجعل الجميع سعيدا بهذه الموية.

و هل سندخلها بكل هذا الكم من المصائب والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والاحباط والتعثر في ظل البحث عن الحقوق و بنوايا صادقة لبناء المواطن والوطن.

هل سنطرق طرق أبواب والساليب الممارسة النقيه والبحث عن اساليب اكثر جدية وصدق في بناء الدولة لتشعر الناس ان الدوله وجدت لتظمهم وفق الفرص والكفأة والعدالة وينعكس كل هذا على نهظة حياتهم

دعونا نرى
الايام ستحكم