العلاقات الاردنية اليابانية ومئوية الدولة الاردنية - صور

** الكاتب رئيس الجمعية الاكاديمية الاردنية اليابانية - 


في هذا اليوم الثالث والعشرين من شباط تحتفل اليابان في عيد ميلاد الامبراطور ناروهيتو الذي ياتي في التربيب الامبراطوري للحكم الياباني المائة بعد السادس والعشرين في تاريخ اليابان الحديث الذي يمتد الى اكثر من 200 عاما ، وتقلد الحكم في الاول من ايار من عام 2019 بعد ان تنحى والده الامبراطور لاسباب صحية وجرى العرف في اليابان ان يكون عيد ميلاد الامبرطور هو يوما وطنيا تعطل به الدوائر الرسمية وتحتفي السفارات اليابانية بهذه المناسبة في جميع الدول التي لها علاقات دبلوماسية معها نظرا لما يتمتع به الامبراطور من مكانة دينية وعقائدية لدى اليابانيين الذي استمر الى عهد الامبراطور هيروهيتو الا انه وبعد هزيمة اليابان اصبح الامبراطور رمزا للدولة فقط واختفت المكانة الدينية بتولي ابنه الامبراطور اكيهيتو .

وياتي الاحتفال الياباني بذكرى ميلاد الامبراطور الستين متزامنا مع انطلاقة احتفالية المملكة الاردنية الهاشمية بمئويتها الاولى واستذكر هنا بداية العلاقات الدبلوماسية الاردنية كما رواها لي سعادة المرحوم عامر شموط اول سفير للبلاط الاردني في الدولة اليابانية ففي عام 1954 تم الاعلان عن بدء العلاقات الدبلوماسية الاردنية اليابانية بدون سفارات اذ تبادلت البعثتان الدبلوماسيتان اليابانية والأردنية في القاهرة المذكرات الشفوية من أجل إقامة علاقة دبلوماسية الى ان تم افتتاح السفارة بعدها بعشرين عاما اي في الرابع من تموز من عام 1974 وصدرت الارادة الملكية بتعين السيد عامرزهير شموط سفيرا لدى اليابان كاول سفير مقيم للاردن في اليابان وبعد سنتين قام جلالة الملك الراحل الحسين والملكة الراحلة علياء باول زيارة رسمية الى اليابان وقدم لي رحمه الله البوم من الصور الرائعة لاول زيارة ملكية الى اليابان في ذلك الوقت وسمح لي وقتها بعمل مسح ضوئي للصور والاحتفاظ بها كنوع من التوثيق ، وبهذه المناسبة ساضمن بعض من اللقطات لهذه الزيارة الملكية الاولى لليابان فهي من الصور النادرة . وقد روى لي ايضا السفير والصديق العزيز سمير الناعوري الذي كان يخدم بمعية السفير عامر شموط ان المهمة كانت صعبة جدا لسفارة ما زالت فتية ولا يوجد بها غير دبلوماسين اثنين بالاضافة الى السفير لاعداد برنامج على مستوى ملكي مهم لبداية علاقات وثيقة بين البلدين .

وتعاقب بعد انتهاء مهام السفير عامر عدة سفراء وهم على الترتيب: زهير المفتي (1980-1983) ثم سعد البطانية (1983-1985) ، ثم خالد فلاح المدادحة (1985-1990) ثم معالي فاروق القصراوي (1990-2000) والتي تزامنت فترتي وجودي في اليابان خلال مدة خدمته التي ربطتني بمعاليه صداقة متنية الى الان ، ثم الاخ والصديق العزيز سمير الناعوري (2000-2008) الذي ايضا تربطني به علاقة صداقة قوية الى الان ، ثم ديماي حداد (2009-2018) الذي تعرفت عليه اكثر في الاردن وحاليا السيدة لينا عناب (2019-) وبذلك تعاقب على السفارة الاردنية من بدء العلاقات الدبلوماسية 8 سفراء.

حظيت العلاقات الاردنية اليابانية برعاية ملكية سامية منذ ان تولى جلالة الملك الحسين سلطاته الدستورية بدات العلاقات الدبلوماسية بعدها مباشرة بسنتين من تولي الملك الحكم ، وزار الحسين رحمه الله اليابان اربع مرات زيارات رسمية كان اخرها في عام 1989 ، اما في عهد الملك عبد الله الثاني فقد حافظ جلالته على النهج الذي بدأه المغفور له الملك الحسين فعزز من العلاقات الدبلوماسية والاقتصادبة فقد قام جلالته بزيارات رسمية تجاوت التسع زيارات منذ تولي سلطاته الدستورية، وفي المقابل كانت الزيارات الرسمية من قبل الجانب الياباني ايضا على المستوى الامبراطري الياباني فقد زار الامبراطور الياباني الاردن في عام 1976 (عندما كان وليا للعهد) ، والامير والاميرة تاكامادو وعدد من رؤساء الوزراء اليابانيين ( كايفو -ابان حرب الخليج-، موري ياما، اوبوتشي ،كوازومي ، وابي -مرتين-)

ان التعاون بين الاردن واليابان امتدت لاكثر من 66 عاما في شتى المجالات السياسية والاقتصادية ، والثقافية والاكاديمية والتبادل الثقافي والمتطوعين اليابانيين ، ولعل ابرز الانشطة التي حظيت برعاية ملكية اقامة اسبوع اردني ياباني في كل من طوكيو وعمان مما ساهم في توطيد عرى الثقافة وتعزيز التعاون الاقتصادي ونتج عنه انشاء شركات يابانية مميزة مثل مؤسسة ميتسوبيشي ، واتتشو ، ماروبيني للترويج نحو الاستثمار في الاردن وفتح المجال للمنتجات الاردنية في اليابان ولعل ابرزها شركة الاسمدة اليابانية الاردنية في عمان وتعاقب بعد ذلك تواجد فروع لشركات يابانية اخرى مثل توبكو و شركة ميتسوي وحاليا يوجد في الاردن 20 شركة يابانية تعمل في مجال الطاقة والاسمدة والتبغ وتحظى اي زيارة ملكية دائما الى اليابان بلقاء مع ممثلي قطاع الصناعة لجذب المستثمرين اليابانيين الى الاردن

أولت اليابان أهمية كبيرة لعلاقتها مع الأردن ادراكا لاهمية الأردن في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وقد قدمت المساعدة للأردن في شتى المجالات للحفاظ على الاقتصاد ودعم اللاجئين ولتعزيز ذلك تم تاسيس مكتب الوكالة اليابانية للتعاون الدولي في عام 1991 واخذ على عاتقه تدريب اردنيين في اليابان في المجالات الهندسية والتعليمية والصناعية والمهنية لرفع كفاءة وارسال متطوعين يابانيين في مجالات مختلفة مثل الزراعة والتعليم والسياحة والطاقة وتمكين المراة .

ومنذ عام 2004 انتقلت العلاقات بين البلدين من صفتها التقليدية كعلاقات مانح ومتلق ، لتدخل مرحلة جديدة هي مرحلة الشراكة وخاصة في التعاون اي اصبح الاردن شريكا لليابان في دعم برامج اقليمية تنفذ في الاردن ، وتأتي برامج التدريب المهني وتطوير السياحة في المرتبة الثانية الى جانب الدعم المقدم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاردن المدرة للدخل في المناطق الفقيرة ويشار الى ان حجم المساعدات المقدمة للاردن حتى عام 2016 على شكل منح بلغت 87 مليار ين ، وعلى شكل قروض 283 مليار ين، وعلى شكل مساعدات فنية فني 36 مليار ين حسب موقع وزارة الخارجية اليابانية

اما على الصعيد الثقافي فقد وثقت العلاقات الثنائية عدة نشاطات مهمة خلال العقود الماضية لعل ابرزها الاسبوع الياباني الاردني -مرفق صور- وكذلك احتفالية الدولتين في عام 2004 بمناسبة مرور 50 عاما على اقامة العلاقات الدبلوماسية الاردنية اليابانية مثل مهرجانات استعراضية للفنون اليابانية التقليدية كقرع الطبول والرقص التقليدي لاوكيناوا في مدينة جرش وجبل القلعة ، وعرض افلام يابانية ومحاضرات علمية لاستاذة مميزين من اليابان ولقاءات حوارية ومؤتمر للعلاقات الاردنية اليابانية في المعهد الدبلوماسي والمركز الثقافي االملكي وزراعة اشجار الساكورا اليابانية -شجرة الكرز- في حدائق الملك حسين التي تم احضارها من اليابان وتعبتر الساكورا رمز الثقافة اليابانية في فصل الربيع لما تحظى به من مهرجانات اثناء الازهار من شكل جميل ومن يزور اليابان في فصل الربيع لا بد وان شاهد الساكورا وما تعنيه من جمال.

ويجدر بالذكر ان السفارة اليابانية تعمل ايضا على نشر وتدريس اللغة اليابانية في الجامعات الاردنية وعقد مسابقة اللغة اليابانية سنويا منذ 25 عاما اضافة الى تقديم منح دراسية للدراسات العليا في اليابان والذي بدأ هذا البرنامج منذ عام 1975 واستفاد من هذه المنح ما يزيد عن 120 طالب الى نهاية عام 2019 وعاد اغلب الذين درسوا في اليابان واغلبهم يدرسون في الجامعات الاردنية او من لديهم اعمال خاصة وهم يعتبرون سفراء لنقل الثقافة والمعرفة اليابانية الى الاردن وفي عام 2004 في الرابع من اذار وبمناسبة اقامة العلاقات الاردنية اليابانية وبحضور سفير اليابان المعتمد في ذلك الوقت السيد اوباتا تم اشهار الجمعية الاكاديمية الاردنية اليابانية لخريجي الجامعات اليابانية ومنذ ذلك الحين تقع على عاتق الجمعية مد اواصل التعاون الاكاديمي مع الباحثين اليابانيين في الاردن وعقد ندوات وورشات والمشاركة في المناسبات الوطنية والاحداث التي تمر بها اليابان والتعاون الوثيق مع السفارة اليابانية ، ولعل ابرز هذه الاحداث ما قامت بهذه الجمعية من اقامة حفل خيري لجمع تبرعات لضحايا زلزال فوكوشيما في ايلول 2011 وتم ارسال كافة المبالغ الى مدينة سوما في فوكوشيما لمدرسة الاطفال الايتام وقدم الشكر عمدة المدينة للحكومة الاردنية والشعب الاردني على هذه الوقفة التاريخية. وعلى غرار الجمعية الاكاديمة تم تاسيس الجمعية الاردنية لخريجي جايكا في 2006 والتي ضمت في عضويتها كل من تلقى تدريبا فنيا في اليابان وعن طريق الوكالة والذين يسعون ايضا الى مد اواصر التعاون الثقافي بين البلدين

ولا تزال العلاقات الاردنية اليابانية مستمرة في ظل رعاية ملكية سامية وبتناغم عبر التاريخ الاردني لتستمر مسيرة العطاء وبخطوات ثابتة نحو المئوية الثانية ، فعلى الرغم من البعد الجغرافي بين البلدين الا ان روح التعاون بين البلدين جعلها مميزة في المنطقة ومثالا يحتذى به ، مبارك لليابان بيومها الوطني وعيد ميلاد الامبراطور ناروهيتو الستين ومبارك للاردن المئوية الاولى ومزيدا من العطاء والتعاون البناء.


 
الامبراطور هيروهيتو والملك حسين والملكة علياء ( من مقتنيات المرحوم السفير عامر شموط)

ملاحظة الصور من مقتنيات المرحوم السفير عامر شموط


 

 




 


 


 

 

 

 
الاسبوع الاردني الياباني عمان الامير والاميرة تاكامادو