التعديل الوزاري.. يا ما كسر الجمل بطيخ



أحمد الحراسيس - يبدو أن الأمور ذاهبة نحو اجراء رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة تعديلا وزاريا على حكومته التي شكلها في 12 تشرين أول 2020، وخاصة بعد استقالة اثنين من وزرائه، والملاحظات الكثيرة على أداء الحكومة وتشكيلها الموسّع الذي ضمّ ثمانية وزراء دولة، بعضهم لم نسمع له صوتا ولم يعرف أحد اختصاصاته وواجباته، ووزراء آخرون بحقائب لم يحرّكوا ساكنا لغاية اللحظة..

الواقع أن خروج هذا الوزير أو دخول ذاك إلى الفريق الوزاري ليس بالأمر المهم على الاطلاق، فهذا لن يقدّم أو يؤخر في الأمر شيئا، فالمشكلة الأساسية أننا لم نتمكن حتى الآن من وضع معايير محددة لاختيار الوزراء ولم نضع أسسا واضحة لاقالتهم واخراجهم من الفريق الوزاري.

ماذا لو قرر الخصاونة -على سبيل المثال- اخراج أمية طوقان أو أحمد الزيادات أو نبيل مصاروة أو محمد النابلسي من فريقه الوزاري، هل سيقول لنا أين أخفقوا ولماذا تمّ استبعادهم من الحكومة؟ وهل سيكشف لنا عن الأسس التي قرر بناء عليها اختيار هذه الأسماء في حكومته؟! وماذا لو قرر الرئيس الاحتفاظ بوزير التربية ووزير الشؤون السياسية ووزير الاعلام؟! هل سيُطلعنا على الأسباب التي دفعته للاحتفاظ بهم رغم كلّ الاخفاقات التي طغت على أدائهم؟! وهل سيقول لنا لماذا يمكن أن يحافظ على وزير التخطيط ووزيرة الطاقة ووزير المالية ووزير الثقافة؟! وماذا أنجز وزير الدولة لشؤون المتابعة والتنسيق وما هي الواجبات الموكولة إليه أصلا؟!

الحقيقة أننا إذا أردنا تحليل ومحاكمة أداء وزراء الخصاونة، فلن يبقى منهم إلا ثلاثة أو أربعة على أبعد تقدير.

حكومة الخصاونة سجّلت فشلا في ادارة العملية الانتخابية التي أفرزت مجلس النواب التاسع عشر، ولم تنجح في محاولات احتواء وباء كورونا رغم زيادة قدرات النظام الصحي، وعلى الصعيد الاقتصادي فشلت الحكومة في انقاذ القطاعات المتضررة من جائحة كورونا وذهبت إلى الإجهاز عليها من خلال فرض حظر شامل وتمديد الحظر الجزئي.

وفي الملف السياسي، فشلت الحكومة في تعزيز الحريات العامة وحرية الصحافة تحديدا، وهنا نشير إلى ملفّ معتقلي الرأي وتعديلات قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بما تضمنته من بنود عرفية تحدّ من حرية الصحافة وحرية التعبير، بالاضافة إلى حبس أحد الصحفيين واحالته الى محكمة أمن الدولة على خلفية نشره مادة صحفية، كما ذهبت الحكومة إلى الاعتداء على خيارات منتسبي بعض النقابات المهنية والتوجه لحلّ حزب سياسي، هذا عدا عن لجوئها إلى سنّ نهج محاربة الأردنيين في أرزاقهم من خلال احالة معلمين على التقاعد المبكر والاستيداع نتيجة نشاطهم النقابي.

قد يكون الخصاونة مضطرا لاجراء تعديل وزاري من أجل تعبئة الحقائب الشاغرة وربما تخفيف الحمولة الزائدة في حكومته، ولكن ليس هذا ما تحتاجه الحكومة، فما ننتظره شيء آخر تماما؛ المطلوب هو تغيير العقلية والمنهجية التي يُتخذ بها القرار والتي لا تلقي بالا لاتجاهات الرأي العام، ومراجعة الملفات التي تعتبر تأزيمية وحلّ تلك القضايا من جذورها، المطلوب من الحكومة التركيز على جلب لقاحات كورونا وتوفيرها بدلا من الانصراف نحو الوصفات التدميرية من فرض حظر واغلاق قطاعات، المطلوب حلّ المشكلات الاقتصادية والذهاب نحو تحقيق اصلاح سياسي حقيقي يبدأ بالافراج عن سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين، والتوقف عن تعميق الأزمة مع المعلمين واعادة النقابة لانهاء هذا الملف، المطلوب من الحكومة أن تستعيد ثقة الأردنيين وتستعيد المبادرة وتبدأ بحلّ المشكلات، المطلوب شيء مختلف تماما عن التعديل الوزاري، فلعبة تدوير الكراسي ما عادت مخرجا ولن تحلّ مشكلة الحكومة وأزمتها.. فيا ما كسر الجمل بطيخ.