واقع البلديات في الأردن على سبيل الحديث حول قانون الإدارة المحلية ... نكوص أم ارتقاء

 حسب ما تورده الوثائق الأردنية، تعود نشأة البلديات في الاردن الى ما قبل تأسيس الدولة عام 1921، حيث بلغ عدد المجالس البلدية في الأردن عام 1920 عشرة مجالس بلدية وكان مجلس بلدية إربد أول وأقدم هذه المجالس في الأردن وقد تأسس عام 1880، كما تأسست جميع هذه المجالس بعد صدور قانون تشكيل الولايات العثماني حيث كانت عجلون أولى المناطق التي امتدت لها يد الادارة العثمانية وكان ذلك عام 1851 وكانت بلدية إربد مركزا لهذا القضاء ثم بسطت الدولة العثمانية سيطرتها على المنطقة الوسطى من شرقي الاردن -منطقة البلقاء- وتم ذلك عام 1868 فالمنطقة الجنوبية - الكرك ومعان وكان ذلك عام 1893، أما مدينة عمان فقد تم تأسيس المجلس البلدي فيها عام 1909.
تم في العهد العثماني تأسيس بلدية جرش عام 1910 وبلدية مأدبا 1912 وبلدية سحاب 1912 وبلدية الطفيلة 1914 وبلدية عجلون عام 1920، اما في عهد الامارة فقد تم تأسيس خمس بلديات هي: بلدية الرمثا عام 1943 وبلدية الحصن 1943 وبلدية المفرق 1944 وبلدية عنجرة 1945 وبلدية كفرنجة 1945.
في مؤتمر شاركت به حينها كان بعنوان " نحو إصدار قانون توافقي للبلديات في الأردن" وكان ذلك عام 2014 فقد تبين ما يأتي: هذه بعض الأرقام الكارثية لواقع البلديات في الأردن ..
يشكل موضوع توفير الرواتب في نهاية الشهر "هاجسا دائما” لكافة البلديات نظرا للحمولات الفائضة عن كل شيء من الكوادر التي تم تعيينها ذات غفلة لتستنزف موازنات البلديات بشكل مريع. لقد أصبح الإنجاز العظيم لأي بلدية يتمثل في تأمين الرواتب للموظفين. إن غالبية التعيينات تقع تحت بند " حالات إنسانية "
تشير الأرقام ما قبل جائحة كورونا إلى أن مجموع العاملين في بلديات المملكة يصل إلى 23 ألف موظفاً، ولا يشمل هذا الرقم أمانة عمّان الكبرى التي توظف ما يقارب 20 ألف موظفاً لوحدها. أما مجموع عدد العاملين في منشآت القطاع العام باستثناء القوات المسلحة والأمن العام والدفاع المدني، فقد وصل إلى 314 ألف موظفاً في مقابل 698 ألف موظفاً في منشآت القطاع الخاص على مستوى المملكة. أي أن مجموع القوة العاملة التي تمتلك فرصة عمل ما يقارب مليون وخمس وخمسون ألف مواطن. باستثناء القوات المسلحة والعاملين فيها.
أمانة عمان لديها جيش جرار من الموظفين يبلغ عددهم 20 ألف موظف.. المعلومة أن منهم آلاف الموظفين بدون دوام لأن عدم دوامهم أوفر من دوامهم.. يعني يتقاضون رواتبهم من ضرائب المواطنين وجبايات الأمانة التي لا تنتهي.. وفي بلدية وجد فيها 84 موظفاً يردون على الهاتف الأرضي المعطل، و71 موظفاً يعملون على مركبة واحدة.. كما أنه في إحدى البلديات يوجد 340 موظف لا عمل لأكثر من 300 موظف منهم.. وفي إحدى البلديات القريبة من عمان يوجد 17 موظفة في مكتبتها التي لا يدخلها مطالع واحد طيلة السنة .. هناك بلديات تذهب 105% من موازنتها فقط رواتب للموظفين.. وغالبية البلديات 80-90% من موازناتها رواتب.. وفي بلدية الزرقاء التي يوجد فيها 80 موظف للمقسم المعطل أصلاً..
ليس غريباً أن يصرح رئيس بلدية في الاردن وهو على رأس عمله بأن المئات من موظفيه غير ملتزمين بساعات العمل الرسمي، ولكنهم ملتزمون باستلام الراتب! فالأرشيف يعج بتصريحات رؤساء بلديات، ووزراء متعاقبين يتذمرون من " الترهل الإداري” والتوظيف غير المبرر، بينما يقرون بعجزهم عن إتخاذ إجراء يحل المشكلة جذرياً.
خلال فترة عمله، صرح أحد وزراء البلديات السابقين بوجود 1200 موظف في بلدية لواء الرصيفة التابع لمحافظة الزرقاء، وأن " أكثر من نصفهم لا يعملون”، ثم عاد وذكر بأنه من الصعب إتخاذ إجراءات بحق الموظفين الفائضين عن الحاجة، "فمنهم من تزوج وأخذ قرضاً ويجب عليه تسديد التزاماته” مما يجعل من الصعوبة بمكان الاستغناء عن خدمات من لا يخدم فعلياً.
أكثر من 60% ممن تم تعيينهم في البلديات هم عمال نظافة.. لكنهم فعليا حمولة زائدة لا يعملون أي شيء.. وفي دمج البلديات عام 2001 كانت عمليات الدمج سياسية وليست جغرافية.. عند فصل البلديات .. أصبحت كل حارة تريد بلدية فيها من ذات الباب القائم على التعيين للأقارب والمحاسيب وتزفيت الطريق لبيت هذا وذاك ومد خط مياه أو عمود كهرباء.. عندما أرادت الحكومة تنفيذ فكرة البلديات التنموية عام 2008 بدأ الطخ على المشروع بأنه اعلان للوطن البديل فأجهضت الفكرة لصالح بقاء ذات الفساد والإفساد..
نكتة الدمج للبلديات أن بلدية تجاور بلدية أخرى رفضت الدمج معها بذريعة الديمغرافيا والثقل السكاني.. وفضلت أن تدمج مع بلدية تفصل بينهما بلديات وبلديات.. وهذا غيض من فيض الفساد في البلاد