المخابرات الاردنية بعيون ملكية وذكرى تعريب الجيش
يستذكر الاردنييون بكل عام ذكرى تعريب الجيش العربي المصطفوي، التي قادها المغفور له باذن الله الملك حسين ، بعد مماطلة وتسويف من قبل الجنرال الانجليزي كلوب ، والذي كان يصفه الاردنييون بابو حنيك لاصابته بطلق بحنكه فقد صدرت الاوامر الملكية بالاول من اذار عام اذار عام 1956 ، بانهاء خدمات الضباط الانجليز وعلى راسهم كلوب ليحل محلهم ضباط اردنييون ، ولقيت الخطوة الملكية بذلك الوقت الدعم والمساندة من الجيش والشعب ، عدا عن تاييد عربي ايضا لما يمثله الوجود الاجنبي من انتقاص للسيادة الوطنية ، لاسيما على راس الجيش الذي من واجبه حماية الوطن والتصدي لاي اعتداءات هدفها احتلال الوطن .
وتعتبر دائرة المخابرات العامة جزء من الاجهزة الامنية ، حيث تم تاسيس جهاز المخابرات بموجب القانون رقم (24) لعام 1964 ويعين المدير العام للدائرة بموجب ارادة ملكية ، ومن الجدير بالذكر انه وبموجب اخر تعديل على الدستور عام 2014 تم اتباع القوات المسلحة والمخابرات مباشرة لجلالة الملك وبحيث تكون هذه الاجهزة بالتحديد خارج ولاية الحكومة ، ويقع على عاتق الجهاز العمل على حماية امن المملكة داخليا وخارجيا من خلال عمليات استخبارية يتم القيام بها ضمن الخطط المتبعة لتنفيذ المهام المطلوبة ، وقد تعاقب على رئاسة الدائرة منذ نشأتها وحسب المراجع بحدود اربعة عشر مديرا اولهم المرحوم محمد رسول الكيلاني واخرهم المدير الحالي اللواء احمد حسني حتقواي، ولشعار الدائرة المعروف معاني ورموز ، فالتاج هو التاج الملكي وغصني الزيتون يرمزان للسلام والازدهار واالدرع هو درع اسلامي يدل على حماية وصون امن البلد وفيه خمسة وعشرون بوابة تدل على 25 ايار عيد استقلال المملكة ويرمز طائر العقاب للقوة والسيطرة على الهدف اما الافعى فترمز للعدو ومن لا يريدون بالوطن خيرا ويرمز السيفان لاستخدام القوة بالتصدي لكل محاولات المس بامن البلد واخيرا شريط تعلوه الاية الكريمة وقل جاء الحق ومدلولها ان الدائرة تسعى لاحقاق الحق في مواجهة الباطل .
رسالة جلالة الملك حفظه الله ورعاه الاخيرة لمدير عام الدائرة اخذت حيزا واسعا من النقاش ، وهي بالمناسبة ليست الاولى فجلالة الملك سبق ان خاطب العديد من مدراء المخابرات برسائل كثيرة ، منها ما تم الاعلان عنه ومنها لم يتم الاعلان عنها لاسباب تتعلق بعمل الدائرة وما تتطلبه من سرية في اغلب الامور ، ونعود بالذاكرة لرسالة جلالة الملك لمدير المخابرات السابق اللواء عدنان الجندي والذي كلف برئاسة الدائرة عام 2017 وتضمنت رسالة جلالة الملك بذلك الوقت للواء الجندي التركيز على محاربة الارهاب ونقتبس من الرسالة الملكية (إننا نواجه اليوم تحديات عديدة نتيجة للظروف والأوضاع المضطربة التي تمر بها المنطقة من حولنا، والتحدي الأكبر الذي نواجهه هو الحرب على الإرهـاب، والتصدي له بكل أشكاله، وبشتى الوسائل والسبل ) كما وجه جلالته اللواء الجندي بتعزيز الثقة ما بين الدائرة والمواطنين. ونقتبس ايضا ( وإن ذلك ليستدعي الحفاظ على ثقة المواطنين الكبيرة بعمل دائرة المخابرات العامة، من خلال تعزيز وتحديث إمكاناتها والاستثمار في رفع قدراتها وتطوير هيكلتها، من أجل ضمان أعلى درجات الكفاءة والاحتراف، وبما يتلاءم مع المستجدات وحجم المخاطر الاستراتيجية، وكذلك مواكبة المتغيرات المتواصلة حتى تستمر الدائرة، وكما عهدناها دائما، بالعمل بمنتهى التميز والاقتدار ) هذه مقتطفات من رسالة الملك للواء عدنان الجندي ، اما ما جاء برسالة الملك حفظه الله ورعاه للواء احمد حسني عندما تم تكليفه لرئاسة دائرة المخابرات وبعد ان اشاد جلالته بما تقوم به الدائرة بحماية الامن الوطني ، الا ان تلك الرسالة لم تخلوا من الاشارة لجوانب سلبية حدثت بالمجتمع الاردني ، ونقتبس من الرسالة الملكية توجيه الملك قائلا ( في رصد كل المحاولات اليائسة التي نلمسها - خصوصاً في الآونة الأخيرة - والهادفة للمساس بالثوابت الوطنية الأردنية، والتعامل معها بفاعلية، وفي التصدي لكل من تسول له نفسه محاولة العبث بالمرتكزات التي ينص عليها الدستور الأردني، وفي مواجهة البعض ممن يستغلون الظروف الصعبة والدقيقة التي نمر بها، والهموم المشروعة، التي نعمل على تجاوزها، لدى بعض الفئات في مجتمعنا، طلباً لشعبية زائلة، تاركين بذلك أنفسهم، سواءً عن علم أو جهل، عرضة للاستغلال من جهات عديدة لا تريد لنا الخير وتعمل على العبث بأمن الأردن واستقراره ) وعلى صعيد سلبيات حدثت داخل الجهاز ولم تكن غائبة ربما لاثارها على سمعة وسيرة الجهاز فقال جلالته (ورغم أن مسيرة دائرة المخابرات العامة - فرسان الحق، كانت دوما مسيرة مشرقة ومشرفة، إلا أنها لم تخلو- شأنها في ذلك شأن أي مؤسسة او إدارة حكومية أخرى- من بعض التجاوزات لدى قلة قليلة، حادت عن طريق الخدمة المخلصة للوطن وقدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، الأمر الذي تطلب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه.
ويتعين علي هنا أن أعيد التأكيد والتشديد على أن مثل هذه التصرفات الفردية والسلوك المستغل لهذه القلة القليلة، التي تناست ونسيت أن السلطة والمناصب، وعلى كل المستويات، تصاحبها وتتلازم معها بالضرورة المسؤولية والمساءلة، ولم تتعامل مع السلطة والمنصب على أنهما تكليف وواجب خدمة وطني ينبغي أن لا يحيد قيد أنملة عن اعتبارات تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، يجب أن لا تؤدي بنا إلى الوقوع في شرك إصدار أحكام عامة مغلوطة وظالمة وسوداوية حول مؤسساتنا وأجهزتنا أو التشكيك في مصداقيتها أو نزاهتها أو تفاني ونزاهة السواد الأعظم من العاملين فيها وإخلاصهم ) هذ ما جاء برسائل ملكية سابقة لمديرين للدائرة وتظهر ما هو مطلوب ان تعمل عليه الدائرة وما عليها ان تتجنبه حتى تكون صورتها ناصعة فهل هناك امر جديد استدعى ان يوجه جلالة الملك رسالته الاخيرة لمدير الدائرة ؟ لا نرغب ان نحمل رسالة الملك اكثر مما جاء فيها ، وقد تم قرائتها من قبل محللين وكتاب بصور مختلفة ،ولا اريد الخوض فيما كتبه او قاله الاخرون فهو منشور بوسائل الاعلام المختلفة ، فالمهم ان تكون توجيهات جلالة الملك محل اهتمام وتقدير وان يعمل بها ويتم تنفيذها ، لا ان تبقى عبارات نرددها ونتغنى بها من خلال وسائل الاعلام او يجري استخدامها للخارج كدليل على حرصنا على حقوق الانسان ، وبذات الوقت تظهر تقارير دولية مكانة الاردن سواء في الحرص على حقوق الانسان ، وكذلك الاوضاع الاقتصادية ومحاربة الفساد ، فبدلا ان نكون في مقدمة القائمة نكون في مرتبة متأخرة وهذا لا يعطي صورة مشرقة عن الاردن.