متى تظهر الإصابة بالسرطان لأول مرة؟

لا يوجد عامل خطر أقوى للإصابة بالسرطان من العمر. وفي وقت التشخيص، فإن متوسط ​​عمر المرضى عبر جميع أنواع السرطان هو 66 عاما.

 

 

ومع ذلك، فإن تلك اللحظة هي "تتويج" لسنوات من النمو السري للورم، وظلت الإجابة عن السؤال المهم: متى تبدأ نشأة السرطان أولا؟، بعيدة المنال حتى الآن.

وعلى الأقل، في بعض الحالات، يمكن أن تظهر الطفرة الأصلية المسببة للسرطان منذ 40 عاما، وفقا للدراسة الجديدة التي أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد ومعهد دانا فاربر للسرطان.

ومن خلال إعادة بناء تاريخ سلالة الخلايا السرطانية في فردين مصابين بسرطان دم نادر، ظهرت الطفرة الجينية التي أدت إلى ظهور المرض لأول مرة، في مريض يبلغ من العمر 63 عاما، في حوالي سن 19، وفي المريض الثاني البالغ من العمر 34 عاما، في حوالي 9 سنوات.

وتضاف النتائج، التي نُشرت في عدد 4 مارس من مجلة Cell Stem Cell، إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن السرطانات تتطور ببطء على مدى فترات طويلة من الزمن قبل أن تظهر كمرض مختلف.

وتقدم النتائج أيضا رؤى يمكن أن تفيد في الأساليب الجديدة للكشف المبكر أو الوقاية أو التدخل.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة ساهاند هرمز، الأستاذ المساعد لبيولوجيا الأنظمة في دانا فاربر: "بالنسبة لهذين المريضين، كان الأمر أشبه بمرض الطفولة الذي استغرق عقودا وعقودا لظهوره، وهو ما كان مفاجئا للغاية. وأعتقد أن دراستنا تجبرنا على التساؤل، متى يبدأ السرطان، ومتى يتوقف التمتع بالصحة؟. يبدو بشكل متزايد أنها سلسلة متصلة دون حدود واضحة، ما يثير سؤالا آخر: متى يجب أن نبحث عن السرطان؟".

 

وركز هرمز وزملاؤه على الأورام التكاثرية النخاعية (MPNs)، وهي نوع نادر من سرطان الدم ينطوي على فرط إنتاج شاذ لخلايا الدم. وترتبط غالبية MPNs بطفرة معينة في الجين JAK2.

وعندما تحدث الطفرة في الخلايا الجذعية لنخاع العظام، مصانع إنتاج خلايا الدم في الجسم، يمكن أن تنشط JAK2 بالخطأ وتؤدي إلى زيادة الإنتاج.

ولتحديد أصل سرطان الفرد، جمع الفريق الخلايا الجذعية لنخاع العظم من مريضين مصابين بالأورام التكاثرية النخاعية، مدفوعة بطفرة JAK2. قام الباحثون بعزل عدد من الخلايا الجذعية التي تحتوي على الطفرة، وكذلك الخلايا الجذعية الطبيعية، من كل مريض، ثم قاموا بترتيب تسلسل الجينوم الكامل لكل خلية على حدة.

وبمرور الوقت وعن طريق الصدفة، تكتسب جينومات الخلايا بشكل عشوائي ما يسمى بالطفرات الجسدية، وهي تغيرات عفوية غير وراثية وغير ضارة إلى حد كبير. الخلايا التي انفصلت مؤخرا من نفس الخلية الأم سيكون لها بصمات طفرة جسدية متشابهة جدا. لكن خليتين مترابطتين بعيدا تشتركان في سلف مشترك منذ عدة أجيال سيكون لديهما عدد أقل من الطفرات المشتركة لأنه كان لديهما الوقت لتراكم الطفرات بشكل منفصل.

 وبتحليل هذه البصمات، أنشأ هرمز وزملاؤه شجرة نسج، ترسم العلاقات والأسلاف المشتركة بين الخلايا، للخلايا الجذعية للمرضى، وهي عملية مشابهة لدراسات العلاقات بين الشمبانزي والبشر، على سبيل المثال.

وقال هرمز: "يمكننا إعادة بناء التاريخ التطوري لهذه الخلايا السرطانية، بالعودة إلى تلك الخلية الأصلية، السلف المشترك الذي حدثت فيه الطفرة الأولى".

وبالاقتران مع حسابات المعدل الذي تتراكم به الطفرات، يمكن للفريق تقدير وقت حدوث طفرة JAK2 لأول مرة.

وفي المريض الذي تم تشخيصه لأول مرة بالورم التكاثري النخاعي في سن 63، وجد الفريق أن الطفرة نشأت قبل 44 عاما تقريبا، في سن 19. وفي المريض الذي تم تشخيصه بالمرض في سن 34، نشأت الطفرة في سن 9.

ومن خلال النظر في العلاقات بين الخلايا، يمكن للباحثين أيضا تقدير عدد الخلايا التي تحمل الطفرة بمرور الوقت، ما يسمح لهم بإعادة بناء تاريخ تطور المرض.

 

وقال هرمز: "في البداية، هناك خلية واحدة بها الطفرة. وعلى مدى السنوات العشر القادمة هناك شيء مثل 100 خلية سرطانية. ولكن بمرور الوقت، ينمو العدد بشكل كبير ويصبح آلافا وآلافا. لدينا فكرة أن السرطان يستغرق وقتا طويلا جدا ليصبح مرضا علنيا، لكن لم يظهر ذلك على أحد بشكل واضح حتى الآن".

وتقدم نتائج الدراسة رؤى يمكن أن تحفز التشخيصات الجديدة، مثل التقنيات لتحديد وجود طفرات نادرة مسببة للسرطان يصعب اكتشافها حاليا، وفقا للمؤلفين.

ويعمل الباحثون الآن على تنقيح نهجهم في دراسة تاريخ السرطانات، بهدف المساعدة في اتخاذ القرارات السريرية في المستقبل.

وتشمل جهود الفريق الحالية تطوير تقنيات الكشف المبكر، وإعادة بناء تاريخ أعداد أكبر من الخلايا السرطانية، والتحقيق في سبب عدم تقدم طفرات بعض المرضى إلى سرطان كامل، لكن آخرين يفعلون ذلك.

وقال هرمز: "حتى لو تمكنا من اكتشاف الطفرات المسببة للسرطان في وقت مبكر، فإن التحدي يكمن في التنبؤ بالمرضى المعرضين لخطر الإصابة بالمرض وأيهم ليسوا كذلك. النظر إلى الماضي يمكن أن يخبرنا بشيء عن المستقبل، وأعتقد أن التحليلات التاريخية مثل تلك التي أجريناها يمكن أن تعطينا رؤى جديدة حول كيفية التشخيص والتدخل".

المصدر: ساينس ديلي