زلة الوزير دودين.. الحدود الفاصلة بين النقد الموضوعي البناء وعملية التصيد والتأويل



كتب محرر الشؤون المحلية - صحيح ان هذه الحكومة وبشكل مبكر قد خسرت رصيدها كله، وان استقالة الوزير السابق معن القطامين كانت بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، الا ان ذلك لا يعني ابدا ان نتنازل -وتحت وطأة الاخطاء المتكررة والعجز المزمن و التخبط المستفحل في الاداء الحكومي- عن موضوعيتنا في النقد والتحليل، وهذا ما يدفعنا الان الى الكتابة حول الهجمة الشرسة -وغير المبررة- التي يتعرض لها وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المهندس صخر دودين.

قلنا فور اعلان اسماء الوزراء الذين دخلوا بالتعديل الوزاري الاخير لحكومة بشر الخصاونة ، ان تعيين وزير اعلام يحتاج الى خبرة وتجربة في هذا المجال ، وهو منصب مهم وحساس للغاية ، ولكن هذا لا يعني ابدا ، نفي امكانية ان ينجح وزير من خارج هذا القطاع في الاضطلاع بمهامه على اكمل وجه ، وخاصة ان العديد من الصحفيين والاعلاميين الذين شغلوا هذا المنصب فشلوا تماما في احداث اي فرق . صحيح ان فرصة نجاح هؤلاء ضعيفة للغاية ، ولكن نجاحهم ليس مهمة مستحيلة.

منذ اليوم الاول الذي باشر به دودين - الذي لم نعرفه من قبل - مهامه وهو يجيب على اسئلة الصحفيين بمنتهى الشفافية والانفتاح ، وهو لا يفرق ابدا كما فعل سابقوه بين وسيلة اعلام واخرى ، وهو غير مفتون بمحطات التلفزة التي اخذت مؤخرا بتحقيق بعض الحضور ،جراء المعاملة التفضيلية التي تحظى بها من قبل المسؤولين الحكوميين ، في ظل ازمة كورونا ،فلقد كانت هذه الجائحة - المصيبة - بالنسبة لهذه القنوات مدخلها الوحيد للشعبية و تحقيق - الفوائد- التي ما كانت لتتحقق لولا هذا الوباء اللعين .

على كل حال ، هذا ليس موضوعنا ، نحن نتحدث عن تحميل زلة اللسان ، او لنقل تعبير دودين المجازي غير الموفق ، فوق ما تحتمل من دلالة ومعنى ، الوزير للامانة الاخلاقية البعيدة عن اي نوع من انواع التحيز او المجاملة ،لم يقصد شيئا مما ذهب اليه منتقدوه ، ما اراد قوله هو ان اولئك الذين قاموا بتسريب الوثائق الرسمية ستجري محاسبتهم ، هذه هي الدلالة المباشرة والوحيدة ،لاستخدامه ذلك المجاز "دحرجة الرؤوس"..

للان ،الوزير دودين ،لم يرتكب اي خطأ متعلق بمهامه والادوار المناطة به، وعندما يثبُت لنا انه ليس مؤهلا لهذا الموقع فاننا سنكون اول من سيقولها على الملأ دون مواربة او مجازات او تردد .

 دعونا  نقرأ الاستعارة التي استخدمها دودين بعقل بارد ، دون تشنج و احكام مسبقة، هل سيكون لها ذات الوقع والاثر الذي تركه تقيمنا لها ونحن مسكونون بالغضب والاستياء و انعدام الثقة ؟!

في الحقيقة  لا يجوز ان نبني موقفنا من الرجل اعتمادا على جملة غير موفقة استخدمها في احدى مؤتمراته الصحفية ، تقييم الوزير مرتبط بمحاكمة ادائه ونشاطه وقراراته وسياساته ، ومن خلال هذه كلها سنشكل موقفنا الموضوعي منه .

نعرف جيدا منطلقات الناس، وحالة الاحباط واليأس التي يعيشون، وربما غياب الثقة بكل ما هو رسمي كان دافعا لتأويل الامر، وتحميله فوق طاقته، وهذا متوقع وطبيعي، ولكن دعونا نحافظ على موضوعيتنا وتوازننا حتى لا نساهم في اثخان الجراح وتعميق الضرر، دعوهم يتحملون لوحدهم وزر ما يقترفون، لم نحمل معولا للهدم ولن يكون غضبنا و قلقنا دافعا لنظلم احدا كائنا من كان ..

الجهات الرسمية والامنية تقوم بتأويل وتفسير كلام النشطاء وتعابيرهم المجازية على شبكات التواصل بالشكل والطريقة التي تريد وتشتهي ، وتقوم بالزج بهم في المعتقلات والزنازن ، لمجرد انها تملك النص القانوني الفضفاض غير المنضبط وغير الدستوري و العقلية العرفية و القوة الغاشمة لتنفذ هذه الاعتقالات ، لا نريد ان نستخدم قوتنا الاخلاقية الاعلى والاسمى وتأثيرنا وقدرتنا على تشكيل انطباع وموقف ورأي عام في تأويل الكلام على هوانا وامزجتنا ، هذا ظالم وغير موضوعي ..

ما قلناه ليس دفاعا عن الوزير دودين وانما حماية لمنظومة شعبنا الاخلاقية والقيمية ، وللمحافظة على الحدود الفاصلة بين النقد الموضوعي البناء وعمليات التصيد والتأويل و الاستهداف غير المبررة..