“لم الشمل حقي”.. عنوان حراك لفلسطينيين بلا هوية
يؤرق ملف "لم الشمل” آلاف الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي ترفض إسرائيل الاعتراف بقانونية وجود أحد أفرادها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومؤخرا، تحرك عدد من ضحايا السياسات الإسرائيلية في حملة "لم الشمل حقي” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونظموا وقفات في مدينة رام الله وفي قطاع غزة.
ولا تملك السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ولا حركة "حماس” في قطاع غزة، سلطة إجراء أي تغيير على السجل السكاني للفلسطينيين، سوى تسجيل المواليد والوفيات واستبدال بطاقات الهوية الشخصية التالفة.
وتشترط إسرائيل للاعتراف بقانونية تواجد الفلسطينيين، في الضفة وغزة، بأن يكونوا قد تواجدوا في المنطقتين إبان احتلالها لهما في يونيو/حزيران 1967.
وأدى هذا الأمر إلى تشتت شمل عشرات الآلاف، من العائلات الفلسطينية.
وعقب تأسيس السلطة الفلسطينية (الحكم الذاتي) عام 1994، وافقت إسرائيل على "لم شمل” آلاف العائلات الفلسطينية.
لكنّها عادت وأوقفت منح قرارات "لم الشمل”، منذ عام 2009، عقب تولي بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود، مقاليد الحكم.
وتبرز المشكلة بشكل خاص، لدى العائلات التي دخل بعض أفرادها إلى الضفة وغزة، بتصاريح مؤقتة أو "سياحية”، والفلسطينيين الذين تزوجوا من جنسيات أخرى، دون أن يحصلوا على قرار "لم الشمل”؛ حيث أن إسرائيل تعتبرهم "مقيمين غير شرعيين”، وفي حال اضطر بعضهم للسفر، فإنه لا يستطيع العودة للعيش مع أسرته.
كما يتشعب ملف "لم الشمل” ليشمل أيضا العائلات التي تقيم داخل فلسطين، لكن بعض أفرادها يقيمون في مناطق مختلفة مثل الضفة والقدس وقطاع غزة، حيث تتعمد إسرائيل الفصل بين تلك المناطق، ومنع تواصل الفلسطينيين بينها، إلا وفق تصاريح خاصة.
** 10 سنوات بلا حرية
الفلسطينية "ديانا قدورة”، واحدة من الناشطات في حراك "لم الشمل حقي”، دخلت الضفة الغربية قادمة من الأردن عام 2011، بتأشيرة سياحية إسرائيلية، وفي مدينة البيرة (وسط) تزوجت شابا فلسطينيا، وهي اليوم أم لطفلين.
تقدمت قدورة (35 عاما) إلى إسرائيل، عبر هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، بطلب للم شملها بزوجها ومنحها الهوية الفلسطينية، لكن ملفها يراوح مكانه منذ عشر سنوات.
تقول قدورة للأناضول "تزوجت منذ عشر سنوات، وأُعَد مخالِفة (للأنظمة)، لأني قدمت من الأردن بتأشيرة إسرائيلية (انتهت)”.
وعن حرمانها من لم الشمل، تقول "أثّر عليّ كثيرا، لا يوجد معي إثبات شخصية، وهذا يؤثر في كل شيء، جميع الحريات مفقودة ومعدومة؛ حرية التنقل والأهم حرية السفر”.
** سجناء في مدنهم
وتقول قدورة، إنها تعيش فيما يشبه "السجن”، مضيفة "من حق الشخص الطبيعي أن يزور أهله ويزورنه، لا أحد يزورنا ولا نزور أحدا”.
وتضيف "فقط نتحرك (المحرومون من الشمل) داخل محافظاتنا، لم أزر أي محافظة فلسطينية، فقط مشوار (زيارة واحدة) إلى (مدينة) أريحا”.
وتخشى ديانا كثيرا من انتشار الجيش الإسرائيلي، في أغلب المناطق، والذي قد يوقفها ويبعدها خارج الضفة.
وتقول إنها لا تحاول الاقتراب من حواجزه وأماكن وجوده، مضيفة "لما أشوفهم (حينما أراهم) أخاف، خاصة إذا سألوني عن (بطاقة) هويتي”.
وأشارت ديانا قدورة إلى أن حملة "لم الشمل حقي”، أُطلقت منذ شهور وساعدت كثيرا في التعريف بقضية طالبي لم الشمل، وانتشر هاشتاغ (وسم) "لم الشمل حقي” بشكل واسع.
وذكرت أن زوجات وأزواجا وأبناءً من عدة جنسيات، يقيمون في الضفة، ولا يعترف الاحتلال بوجودهم، بعضهم من الجزائر، وتونس، وسوريا، ومصر، وآخرون من دول غير عربية.
** قصص معاناة
وتنشر صفحة الحملة، قصصا لمعاناة بعض طالبي لم الشمل، وبينهم جزائرية (لم يذكر اسمها) تزوجت فلسطينيا من الضفة ومقيمة حاليا بالأردن.
تقول السيدة الجزائرية إن زوجها موجود حاليا في الضفة، لأنه لا يستطيع أن يعمل في الأردن، وهي لا تستطيع دخول الضفة.
وتضيف "نعيش معاناة استئجار المنزل، ومعاناة الإقامة في الأردن، ندفع غرامات (…) بسبب الإغلاقات (لمواجهة فيروس كورونا) لم نر زوجي لمدة سنة وشهر وتستمر المعاناة”.
وختمت "يتم تعذيب الإنسان نفسيا ومعنويا وجسديا، كبارا وأطفالا، فقط لأننا اخترنا أزواجنا من فلسطين”.
** المنع بقرار سياسي إسرائيلي
ويتقدم بطلبات "لمّ الشمل” فلسطينيون يقيمون في الأراضي المحتلة، لصالح أزواجهم أو أقربائهم من الدرجة الأولى من غير المسجلين في سجل السكان الفلسطيني الذي تديره إسرائيل منذ عام 1967، والذين حضروا بطرق مختلفة منها تصاريح دخول إسرائيلية.
وكانت آخر مرة وافقت فيها إسرائيل على قوائم لم الشمل الفلسطينية قبل أكثر من عشر سنوات حين تمت الموافقة على نحو 50 ألف فلسطيني، لكنها جَمدت الملف بعد ذلك، وفق تصريحات صحفية سابقة لرئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ.
وفي وقفة سابقة لطالبي لم الشمل، أبلغ الشيخ، المشاركين أن ملف لم الشمل متوقف بـ”قرار سياسي” من الجانب الإسرائيلي.
وقال "تطرف يميني كبير، داخل الحكومة يمنع هذا القرار (تحريك الملف)”.
ولا تتوفر معطيات حديثة حول عدد طالبي "لمّ الشمل”، لكن عماد قراقرة، مسؤول الإعلام بهيئة الشؤون المدنية يقول للأناضول إنهم "بالآلاف”، في حين تقدرهم حملة "لم الشمل حقي” على صفحتها بفيسبوك بنحو اثنين وعشرين ألفا.
ويشير قرارة إلى أنه منذ مجيء بنيامين نتنياهو عام 2009، "تم تجميد ملف طلبات لم الشمل”.
وأضاف أن الملف "على سلم أولويات الهيئة، وتطرحه في كل لقاءاتها مع الجانب الإسرائيلي”.
وأشار إلى موافقة إسرائيل، قبل أكثر من 10 سنوات، على "لمّ شمل” نحو 50 ألف فلسطيني، لكن الملف معلق منذ ذلك الحين.
ووفق منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، جمّدت تل أبيب في عام 2000، عملية تسجيل المستجدات والتغييرات في نسخة سجل السكان الذي لديها، ولا تعترف بالتغييرات التي تجريها السلطة الفلسطينية.-(الاناضول)