شهداء السلط ضحية الترهل الإداري..
يتكرر السيناريو الأردني في كل مرة، الاهل هم الخاسرون الأكثر ألما وحزنا ، والوطن باهله الشرفاء ، الحريصين على الوطن هو الخاسر الثاني ، اما المترهلون اداريا واعداء الضمير والإنسانية وأصحاب المناصب الرفيعة بالواسطة والمحسوبية، قيبقوا متواجدين على رؤوس اعمالهم بحجة القدر هو سبب هذه الكوارث ، اي قدر هذا ونحن نتباهى ونحتفل بانحازات الدولة في القرن الواحد والعشرين ومئوية ثانية، ونحن لانملك رقابة إدارية على مؤسسة صغيرة كمستشفى حكومي ، لانملك مقومات بديهية وبسيطة لادنى درجات الحفاظ على المرضى، ولم يكن ذلك ليصل لولا الفشل الإداري، والتاكد من الفلتان والنجاة من العقاب بحجج مختلفة،، الضمير المعدوم عند الموظف المترهل. والذي من الممكن اي يحدث في اي بقعة او مؤسسة بالوطن سواء قربت ام ابتعدت عن العاصمه عمان، ولكن أين العقاب، في سلم المسؤوليات، أين العقوبات الحقيقية التي تجعل من موظف الدولة حريص كل الحرص على عدم ارتكاب أخطاء قاتلة كتلك التي حدثت بالسلط. الرقابة وايقاع العقاب الرادع ومحاسبة المسؤول الرئيسي والفرعي اعتقد انها آنية ومرحلية، (زوبعة في فنجان ) وتعود الأمور كما كانت، لأننا نفتقد للمؤسسية، نفتقد للضبط والربط الحقيقي، وتحكمنا الواسطة والمحسوبية والعشائرية المقيتة التي تجعل من كل شي رخيص وهين حتى الأرواح.. للأسف..
أصبحنا في مهب الريح ،سواء في كارثة السلط هذه او البحر الميت من قبلها او وفيات كورونا بمجملهم، وكذلك ضحايا اية مصيبة وكارثة تحدث في الوطن في ظل حكومات مترهلة،.لكن العودة للاصل والعلة امر ضروري للوصول للحلول الناجعة والتي يمكن حصرها بثلاث عناصر هامة وهي ، الرقابة من عدمها، أهمية العمل والاخلاص فيه، والمتسبب والسبب فيهن جميعهن انه العنصر البشري هنا، حيث يعد العمل وتقديره في حياة الموظف من الأهمية بمكان والذي يعد جزءا من واجبه بل في صميم عمله، وخاصة اننا نتحدث عن جائحة كورونا، والاستعدادات لها، وأعتقد أن كتاب التكلف السامي لحكومة بشر الخصاونة ركز على ذلك كثيرا،، لقول جلالته في كتاب التكليف "... ولطالما كانت وستظل صحة المواطن وسلامته أولوية قصوى الأمر الذي تتطلب من الحكومة للاستمرار في اتخاذ كل الإجراءات والتدابير المدروسة في التعامل مع جائحة كورونا... كما يتطلب هذا الظرف الاستثنائي بذل أقصى الجهود لتحسين النظام الصحي ورفع جاهزيته وقدرته..... ".هذه الحكومة اردها جلالة الملك معنية بصحة الإنسان ورفع جاهزية وزارة الصحة حتى اعتقدنا انها حكومة جل همها الصحة ومكافحة وباء كورونا ، وعلى رأي احد النواب حكومة صحة او حكومة صحية. وهنا اتسائل كما يتسائل غيري، هل تحققت تلك الرؤية ونفذت تلك الاستراتيجية في العمل لهذه الحكومة، ام لا. من المؤكد انها لم تتحقق بدليل ارتفاع اعداد المصابين وكارثة السلط... ومع كل ذلك في ظل الإعلام الحكومي ، وفي ظل كل تلك الاستعدادات، لمواجهة الوباء، وفي ظل وزير مهني كنذير عبيدات، الذي رافق أزمة كورونا من اولها وقد حدث هذا الأمر. اذا هناك خللل إداري مؤسسي هيكلي، ام انها ضمير موظف، واستهتار، ام عدم الخوف من العقاب، ام ان الحكومات كلها أصبحت غير فاعلة غير قادرة على العمل، مترهلة لا تعرف معنى الإنجاز، تعامل الموظف الصغير او الكبير مع المواطن يعتمد على العلاقة (او بالعامية اذا سألني بخدمه، ما سألني ما بخدمه، وبعمل حالي مش شايف) ، إلى هذا الحد وصلنا، أيعقل انه في السلط من يتمكن من جلب وجر اسطوانه أكسجين لأبيه او امه من كوادر الدفاع المدني ينقذ والده من الموت ويعيش، ومن لم يتمكن من جر اسطوانه او نفذت الاسطوانات ان يفقد والده او والدته، اذا نحن لسنا في دولة مؤسسات كما ندعي نحن في دولة تفتقد للحكومات الوطنية ،( نحن في زمن كل من ايده اله). ونحن أصبحنا نخاف على أنفسنا واهلنا آبائنا وأمهاتنا واطفالنا في هذا الوطن للأسف، لأن تلك المؤسسة الحكومية التي نراجعها او تحتاج منها خدمة اذا وجد بها موظف يملك ضميرا تتيسر امورك( عال العال) وتتعالج وتتداوى وتتعلم وكل شي تمام، واذا لم يتوفر ذلك، وصادفت الموظف المترهل ومنعدم الضمير فقدت حياتك..
لنعترف اننا في ظائقة مالية ولسنا دولة عظمى، ونعاني من المديونية،وهذا ليس عيبا ولكنه لا يجوز أن يكون مبررا لكي نتهاون في عملنا ومسؤليتنا ورقابتنا من أدنى موظف لأعلى موظف، ونختلق الحجج بأننا نعاني من نقص الكوادر. هناك نقص كوادر طبية وتمريضية نعم صحيح، لكن هذه مسألة فنية إدارية يقوم بها موظف ومساعد المدير والمدير يراقب ويتابع لكن المسألة اكبر من ذلك بكثير، انها ترهل حكومة كاملة وزيادة عدد الموظفين الاكفاء على حساب أصحاب الكفاءة،وهذا سسبه واسطة ومحسوبية وضعف محاسبة، وهذا بحد ذاته الفساد، الفساد الإداري الذي نخر بالدولة وارداها ميتة وتلتقط أنفاسها الأخيرة اداريا اذا لم يأتي من ينقذها ويعطيها الجرعة الأخيرة من الإخلاص والتفاني في العمل عوضا عن الماء والاكسجين .
لقد كنا في السبعينات والثمانينات نملك موظف مهني احترافي يملك خبرة وضمير، على الرغم انه ربما كان بدرجة الدبلوم او التوجيهي ولكنه يقدر العمل ويعظمه لانه يعرف معنى الوطن وحبه والانتماء اليه. وكنا في تلك الفترة نملك مسؤول ووزير قدير يخشاه الموظف والمدير والجميع، وكنا نملك رؤساء وزارت وطنيين، اقل ما يمكن أن يقال عنهم انهم رجال، أو رجال دولة، لهم من الخبرة والدراية في العمل العام، ما يثلج الصدر، وتتعب وانت تقرا سيرتهم الحافلة بالمواقف والرجولة ، ولهم من الشخصية، والقدرة على اتخاذ القرار الصائب المبني على دراسات وحقائق.