ألاكير جيمس.. قصة إفريقية بالمغرب تحدت العنصرية بطريقة خاصة

ربما يكون الغضب العارم هو ردة فعل أي فتاة على شخص يشببها بـ"الصرصور" على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما تحظر حسابه، لكن ردة فعل شابة سمراء على تصرفات مشينة مثل هذه، كانت خارج المألوف.


والحديث هنا عن الشابة ألاكير جيمس من دولة جنوب السودان التي تعيش في المغرب.

ومن الواضح أن ألاكير اكتسبت مناعة قوية ضد التنمر والنعوث العنصرية، قادرة على مواجهة الكلمات الجارحة بالضحك والعفوية.

بابتسامة عريضة وبكل برودة أعصاب وضحكة قد تصل بها إلى حد ذرف الدموع، تقابل ألاكير الأوصاف "العنصرية" الصادرة من بعض متابعيها عبر تطبيق "تيك توك" المتخصص في الفيدوهات القصيرة.

وأثار الأسلوب الذي تتفاعل به ألاكير مع التعليقات المشينة وغير اللائقة إعجاب الكثير من متابعيها، ولقيت فيديوهاتها على "تيك توك"، انتشارا واسعا وحقق نسب مشاهدات عالية وسط رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب.
 

سنوات من التنمر

واكتسبت ألاكير التي عانت من التنمر منذ صغر سنها من طرف عائلتها أولا ثم أصدقائها وزملائها في المدرسة، شخصية صلبة وجلدا سميكا لا يخترقه تعليق جارح على مواقع التواصل الاجتماعي أو تصرف عنصري في الشارع، كما تؤكد.

وتقول ألاكير لـموقع "سكاي نيوز عربية" مبتسمة: "أنا الوحيدة وسط عائلتي من لديه لون بشرة داكن وهو ما كان يميزني عنهم، وهو ما كان أيضا يثير فضول ضيوفنا، الذين لا يترددون في الاستفسار عن ذلك".

وتضيف " في بادئ الأمر كان ذلك يسبب لي إحراجا و ضررا نفسيا يصل بي إلى حد الانعزال والبكاء، غير أنني ومع مرور السنين تأقلمت مع الوضع".

وبعد أن كانت ألاكير تنهار باكية بسبب التعليقات الجارحة والكلمات القاسية، أصبحت اليوم أكثر صلابة وقوية، وباتت متصالحة مع اختلاف شكلها و لون بشرتها الأسود، وتنشر السعادة والفرح بين متابيعها من خلف كاميرا الهاتف.

ومع ذلك، فإن الشابة تعتبر أن النعوت العنصرية من شأنها تحطيم نفسية الشخص، بسبب الأثر السلبي الذي تخلفه الكلمة الجارحة والتي تصدر دون تذوق مرارة طعمها، أو استعاب حجم الضرر الذي يمكن أن تلحقه بالآخر.

 
تحويل السلبي إلى إيجابي

وقبل سنتين وصلت ألاكير البالغة من العمر 24 عاما، إلى المغرب قادمة من جنوب السودان، ضمن بعثة دراسية في العاصمة الرباط.

وكونت علاقات و أصدقاء جدد في هذا البلد العربي، الذي ترغب في الاستقرار به في حال حصلت على فرصة عمل جيدة.

واستطاعت طالبة علم النفس، وفي مدة قصيرة اتقان اللهجة المغربية، التي تعلمتها انطلاقا من ما تتابعه على مواقع التواصل الاجتماعي وبمساعدة صديقة مغربية، إذ تحرص على التواصل والرد على التعليقات التي تتوصل بها على تطبيق "تيك توك" بالدارجة المغربية.

 

وانتشرت في الفترة الأخيرة فيديوهات ألاكير بشكل واسع، وهي تدافع فيها عن نفسها وعن كل من يتعرض للتنمر بطريقة عفوية ومباشرة، وتحاول الإشارة إلى التأثير السلبي للتمييز العنصري، وترفض ربط الجمال بلون بشرة أو بشكل معين.

وعن ردها على الإساءة والتنمر بالضحك والسخرية، تقول ألاكير، " لا أبالي بتلك التعليقات ولا أمنحها الفرصة لكي تزعز ثقتي في نفسي، وأعمل على تحويل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية ولا أكثرت لمن يحاول الإساءة لي".

وتتأسف لاستمرار تشبع البعض بالأفكار العنصرية التي لا تتقبل اختلاف الاخر وتمييزه انطلاقا من شكله أو لونه أو عرقه.

 

أحلام بلا حدود

ومنح الاستقرار في المغرب لألكير الفرصة لتحقيق حلمها بدخول مجال عرض الأزياء.

وتحكي لموقع"سكاي نيوز عربية"، أنها كانت تعشق عالم الأزياء والموضة منذ نعومة أظافرها، غير أن الظروف التي كانت تعيشها في بلدها منعتها من تحقيق ذلك الحلم.

وتضيف الشابة أنها بدأت منذ فترة شق طريقها في مجال عرض الأزياء وتهدف إلى تحقيق ذاتها وإتباث إمكانتها، رغم الصعوبات التي تواجهها ومن ضمنها أسلوب التعامل مع العارضات السمراوات والمواقف التي تواجهنها مع بعض مصممات الأزياء اللواتي لا يتقبلن الاختلاف ويعرضنهن للسخرية والاستهزاء.

وتطمح ألاكير اليوم إلى أن تصل العالمية في مجال عرض الأزياء، كما تحاول استغلال شهرتها على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مناهضة التنمر والعنصرية بأسلوبها الخاص، وتسعى مستقبلا إلى المشاركة في ملتقيات عاليمة للحديث عن تجربتها من أجل التوعية والتحسيس بمخاطر التنمر والعنصرية.

وتوصي ألاكير ضحايا التنمر بالتسلح بفن اللامبالاة وإتقانه، والتعامل مع الواقع ببساطة وعفوية، والتصالح مع الذات الذي ترى أنه المفتاح الأساسي لتجاوز كل التأثيرات السلبية، مع عدم السماح لأي طاقة سلبية بالسيطرة على حياتهم أو التحكم في طريقة عيشهم.سكاي نيوز