إلى أمّي وأمّهاتِكم ...


على أردانِ ثوبِكِ
الأفراحُ الّتي تهزمُ جيوشَ الأحزانِ رضا أمّي ...
المعجزاتُ الّتي تحيلُ الإخفاقَ نجاحًا دعواتُ أمّي ...
الطّريقُ الخضراءُ المزهرةُ روَتْها دموعُ أمّي ...

أيَّتُها العظيمةُ المكلَّلةُ بابتهالاتٍ تخجلُ السَماءُ منْ ردِّها، أيَّتُها الجميلةُ المتوشِّحةُ برداءِ الصَّبرِ، المتدثِّرةُ بثوبِ القناعةِ والرّضا، أيَّتُها الخالدةُ حينَ تنفدُ حكاياتُ البطولةِ وأمجادُ الفداءِ...

يا حصنَنا الحصينَ الّذي نحتمي بِهِ، وخيمةَ الصّبرِ الّتي نأوي إليها كلّما أوجعَتنا سياطُ العمرِ.

مشرعةُ الصَّدرِ أنتِ؛ تتّسعينَ لأوجاعِنا، ولا تشتكينَ. واسعةُ الرّاحتَيْنِ أنتِ؛ تُطعمينَ أسرابَ الطّيورِ، وتمسحينَ بالعافيةِ على كلِّ مجبورٍ. مباركةٌ أنتِ؛ يحلِّ الرّبيعُ حيثُ سرتِ، وتُطأطئُ سنابلُ القمحِ هاماتِها مثقلةً بحملِها الوفيرِ. سمحةٌ أنتِ؛ يعمُّ السّلامُ حينَ يُصغي الكونِ لتمتماتكِ الطّافحةِ باليقينِ. صلبةُ العودِ أنتِ، كشوكةٍ رُمحُها الكرامةُ، تُلقِّنينَ دروسَها لكلِّ المتخاذلينَ.

تنازعُنا الأيّامُ مرورَها، وما عبئْنا بمرورِها غيرَ أنْ نبقى في كنفِ ثوبكِ الطّاهرِ أطفالًا، تكبرينَ أنتَ في عيونِهم، وهمْ لا يكبرونَ، وما اكتفَيْنا منْ دفئِكِ، نتهافَتُ إلى حضنِكِ، نتنافسُ فيكَ، نتفاخرُ بتحيّزكِ، ونسعى إليكَ سعيَ المؤمنينَ إلى الجنانِ، يا جنّةَ الدُّنيا ونعيمَها.

على أطرافِ ثوبِكِ رسَمَ الرّبيعُ عبورَهَ، فاختالَ هناكَ على كلِّ الرّياضِ والحقولِ، ومنْ أردانِكِ لاحَتْ راياتُ البطولةِ والكرامةِ؛ ليجتمعَ الوطنُ اليومَ فيكِ، صبرَيْنِ لهمٍّ واحدٍ، كانَ فيهِ الوطنُ أُمًّا، والأمُّ وطنًا، في ثنائيّةٍ مزجَتْها ذاتَ فجرٍ مباركٍ من آذارَ يداكِ، وأنتِ تعجنينَ الخبزَ لأبطالِكِ الظّافرينَ.

كلُّ حينٍ وأنتِ أمّي ...