عن مخالفة طبيب لم يلتزم بالكمام.. المطلوب وزير صحة لاطلاق الطاقات لا تطويقها
"في اللحظه التي كنا ننتظر فيها من يقدم الشكر على ما تقدمه كوادر وزارة الصحه في ظل الجائحة التي تعصف بارض الوطن و نحن خط الدفاع الاول ....لاتفاجأ بالايعاز بمخالفتي" .
بهذه العبارة استهل احد اطباء وزارة الصحة رسالته الموجهة الى وزير الصحة المكلف ، المهندس مازن الفراية بعد مخالفته لانه " غير ملتزم بارتداء الكمامة وفقا لأوامر الدفاع، داخل مستشفى الامير فيصل بلواء الرصيفة " كما تناقلت وسائل الاعلام .
وللحقيقة فإن رسالة الطبيب ، تبعث على الأسى والحزن، بما حملته من امنيات وعتب وتعب والم نفسي وانكسار داخلي امام جبروت ليس في محله وفي غير أوانه ،وانما هو خارج نطاق اللحظة التاريخية المثقلة بهموم مهنة تواجه تحديات معركة شرسة وقلق اكبر من مساحة كمامة على وجه طبيب "سهران طول الليل "يساند المرضى في صراعهم من أجل الحياة في مواجهة الموت اختناقا .
وامام قسوة اللحظة ، وهول الصدمة ، يلوذ الطبيب بالحلم والأمنيات بطيب الكلام من قبل الوزير "يعطيك العافيه" ، "جهودكم مشكورة"، والتذكير بأهمية وضرورة لبس الكمامة للوقاية والحماية والحفاظ على الصحة العامة ،بدلا من التشهير والتعنيف والاحتكام لامر دفاع في وجه طبيب نسي بعد تعب السهر طوال الليل وضع الكمامة .
وختم الطبيب رسالته، بالقول :"كم كان جميلا لو كان الخبر العاجل . الفرايه يهدي كمامه ملكيه لطبيب في مستشفى الامير فيصل غير ملتزم بكمامته ".
يبدو ان وزير الصحة المكلف يسابق الزمن في محاولة لاثبات القدرة على إدارة شؤون وزارة الصحة ،وتحقيق نجاح لم يسبقه اليه احد ،قبل ان يسلم حقيبة الصحة لوزيرها الاصيل المرتقب في التعديل الوزاري الثالث على حكومة الدكتور بشر الخصاونة المترنحة على وقع اقالة وزير الصحة على خلفية فاجعة مستشفى السلط ،واستقالة وزير العمل بعد اداء القسم ، والمزاج العام المطالب برحيلها .
وتأتي واقعة مخالفة "طبيب الكمامة " وما تبعها من ردود فعل منحازة له ،بعد موجة نقد لاذع ونكات ساخرة للتوجه الذي اعلنه المهندس الفراية بتعيين متصرف في كل مستشفى من مستشفيات وزارة الصحة ، وظيفتهم " ليست الابلاغ عن المشكلة إنما حلها ان وجدت " .
وللحقيقة ، فإنني استغرب نهج الوزير المكلف في اقحام نفسه في قضايا تثير جدلا هو والبلد بغنى عنه ، فالوزير المكلف وكما هو العرف ، يتولى تسيير شؤون الوزارة اليومية التي لا تحتاج الى اتخاذ قرارات عميقة ،فهي تترك للوزير الاصيل ، في إطار رؤية استراتيجية ، وليس كرد فعل آني لواقعة في هذا الموقع او ذاك .
وفي الرؤية الاستراتيجية ، فأن الوطن اليوم بأمس الحاجة إلى اطلاق طاقات الكوادر العاملة في القطاع الصحي ،وفي مقدمتهم الاطباء ،وهم يخوضون اشرس المعارك في مواجهة وباء حصد ارواح العديد من هذه الكوادر التي حذرنا مرارا وتكرارا من انها تواجه الخطر الداهم بصدور عارية .
ومن نافلة الحديث القول ان مخالفة طبيب مستشفى الامير فيصل حركت في الجسم الصحي مشاعر غضب ورفض لادارة وزارة الصحة بعقلية امنية ،قد تصلح وتناسب الداخلية لكنها محبطة ومقيدة للطاقات، اذا ما استمر الوزير المكلف في جعلها نهجا لأسلوب ادارة وزارة الصحة .
وقد استشعر العقلاء والخبراء العارفون بوزارة الصحة الخطر الماثل في غياب تعيين وزير لهذه الوزارة الاهم اليوم في ظل الجائحة التي تهدد امننا الصحي ، وتنذر بعواقب وخيمة ربما ليس اسوأها انهيار النظام الصحي . نعم "إننا اليوم في وقت أحوج ما نكون فيه إلى وجود وزير للصحة يكون متفرغا لهذه الوزارة الهامة أكثر من أي وقت مضى " كما يقول الدكتور ممدوح العبادي .
ومطلوب اليوم اكثر من اي وقت مضى وزير استثنائي يطلق الطاقات ولا يطوقها، ويخرج المارد من قمقمه ، واذكر هنا بمقولة وزير الصحة الأسبق الدكتور عبداللطيف وريكات ، حين كان يصف وزارة الصحة بالمارد الذي يتململ، فهل من مطلق لهذا المارد ؟؟.