"مصنع الموت".. ماذا حدث أسفل عقار جسر السويس المنهار؟

شهدت مصر حادثة مؤلمة بانهيار عقار في إحدى شوارع منطقة جسر السويس، ليخلّف العديد من الوفيات والمفقودين الذين تبحث عنهم قوات الحماية المدنية خلال الساعات الأخيرة.



ووفقا لحديث عدد من الشهود لموقع سكاي نيوز عربية الذين يقطنون منازلا مجاورة للعقار، فإن السبب الرئيسي في انهيار العقار هو "مصنع الملابس الذي قرّر صاحبه العبث في أساسيات العقار لتوسعته بما يتناسب مع تواجد معدات أكثر وعمالة أكبر لتحقيق المزيد من الأرباح".

ويقول أحد شهود العيان المتواجد في محيط العقار المنهار: "العقار من سنوات قليلة كان عبارة عن ثلاجة للحوم فقط، وهو ما سمي الشارع على اسمها، ولكن تم تغييرها وبناء أطباق إضافية ليصل العقار لـ10 أدوار، في الأدوار السفلية تم عمل مصنع ملابس ومخزن، وهو السبب في هذه الكارثة بعد أن عبث صاحب المصنع بأساسيات العقار لتوسعته".
 

وتابع: "الجميع كان يعلم بما فعل ولكن لم يصل الأمر أن يتصور أن ينهار العقار، من أيام سمعنا إن حصل تشققات في العقار واضطر عدد من السكان للهرب خوفا من حدوث الكارثة والتواجد عند أقاربهم، ومنهم من اضطر لتأجير شقة سكنية أخرى".

وأكد شاهد العيان، وأحد جيران العقار: "لابد من وضع حد لانتشار مصانع الملابس في المنطقة، فقبل سنوات لم يكن هناك أي مصنعا، نخاف دوما من أن تطال أي نيران أو شرارة تلك المصانع وتسبب كارثة أخرى"، مشيدا بدور الحي في المرور على العقارات بشكل دائم وضبط المخالفين.
 
اجتماع عاجل لإسكان البرلمان

وكان رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، النائب عماد سعد حمودة، قد أكد أنه سيعقد اجتماع موسع بحضور وزير الإسكان والتنمية المحلية لبحث أسباب انهيار العقار، عقب الانتهاء من التحقيقات للوقوف على التفاصيل، بجانب تشكيل لجنة لمعاينة موقع العقار، وهل أثّرت على العقارات المجاورة بهذا الانهيار من عدمه.

وأوضح حمودة: "الالتزام بأسس التصميم وشروط تنفيذ المباني والمنشآت بالأكواد المصرية، من ضمن حزمة الاشتراطات الجديدة أيضا، بالإضافة للالتزام بضوابط واشتراطات التقسيمات المعتمدة، ولن يسمح بالتراخيص الجديدة للإشغالات والأنشطة التجارية أو الإدارية بالمباني السكنية، وسيحظر تغيير نشاط الوحدات السكنية لغير الاستخدام السكني".

طرد أصحاب المصانع

وبينما قالت شيماء عبده أحد أصحاب الشقق المجاورة للعقار المنهار، إنّ "هناك شخصا استأجر العقار قبل فترة وسمعنا أنه قام بعمل بعض التوسعات فيه لكي يتناسب مع طبيعة المصنع ويتيح له تواجد عدد من المعدات الخاصة بالملابس".
 

وتابعت عبده في حديثها مع موقع سكاي نيوز عربية أنّ "العقار قبل يومين شاهدنا فيه ميلا كبيرا بسبب تلك التوسعات، وحذّر الأهالي المجاورين له السكان من التواجد في العقار لأنه سينهار في أي وقت. ولكن عدد منهم لم يستجيبوا ولم يتصور لهم أن يصل الأمر لذلك".

وأكدت السيدة الثلاثينية، أنّ "الجميع في حالة ذهول لما حدث، وهناك تجمعات بين الشباب لطرد ملاك المصانع المتواجدة في المنطقة خوفا على أرواحهم، فما حدث من المالك سبب كارثة طالت الأرواح مع وجود مفقودين لم يستدل على تواجدهم بين الأنقاض حتى الآن".

فحص العقارات المجاورة

وكان اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، قد قرّر تشكيل لجنة هندسية لفحص العقارات المجاورة للعقار المنهار وبيان مدى تأثرها من الانهيار، ورفع المخلفات الناتجة عن الحادث فور انتهاء النيابة العامة من المعاينة.

كما قرّر عبد العال توجيه المستشفيات التي يتواجد فيها الحالات المصابة، بتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم ومتابعتهم حتى تحسن حالتهم، مؤكدا أنه فور وقوع الحادث تم رفع حالة الطوارئ القصوى بالمستشفى، مع توافر كافة المستلزمات الطبية بالمستشفى، وجميع الفرق الطبية.

ووفقا لآخر بيان صدر عن محافظة القاهرة، فإن عدد ضحايا حادث انهيار العقار قد ارتفع إلى 5 وفيات ونحو 24 مصابا.

التخزين العشوائي

ويقول اللواء ممدوح عبد القادر مدير الحماية المدنية الأسبق، إنّ "التخزين العشوائي أسفل العقارات، وتغيير النشاط هو أسوء ما يتم في العقارات، لأن ذلك يتم بدون أي وسيلة للأمان، وهو ما يعتبر كارثة حقيقية تهدّد المواطنين المتواجدين في العقار".

وأكد عبد القادر في حديثه مع موقع سكاي نيوز عربية، أنّ "ما يحدث في الكثير من الأوقات هو أن يقوم صاحب المكان بتغيير أماكن الأعمدة والحوائط الحاملة الهامة في قلب العقار، لكي يكون هناك مساحة تخزين أكبر، دون دراية بقواعد الأمن والأمان التي يتم على أساسها بناء العقار".

وطالب مدير الحماية المدنية الأسبق من المواطنين أن يكونوا مساعدين لقوات الأمن، "لابد أن تُبلّغوا الأجهزة الأمنية في حال قيام أي مالك عقار بأي تغيير، فلابد من تعاون المواطن مع الحكومة، لأن هناك تكتيم يتم بين المالك والمتواجدين في المنطقة في حال سؤال أسئلة الأمن عن أي خوارج".

وأوضح "عبد القادر" في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "لابد وأن يكون هناك تغليظًا لعقوبة مثل تلك المخالفات لكي تكون عبرة للجميع من تكرار تلك الأفعال، فالدولة تصدّت بقوة في مخالفة عقار فيصل المحترق، وأرسلت رسالة للجميع بأن المخالف سينال أشد العقاب"، منوهًا أنّ الحلقة الأقوى دومًا هي الدولة بمؤسساتها ويجب على الجميع الرد والخوف من العقاب.

شرطة للإدارة المحلية

وعبّر الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية بكلية الإدارة بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا عن استياءه من عدم تطبيق قانون المحال بصوره كاملة رغم صدوره بلائحته التنفيذية منذ أكثر من 6 شهور، قائلًا، "لا يجوز إنشاء مصانع في الكتل السكنية، ويجب مراجعة اشتراطات المحال أسفل العقارات، وتفعيل مواد قانون المحال لحماية الأرواح والممتلكات لأصحاب المحال والمواطنين أيضا".

وطالب "عرفة" في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" المحافظين وما يتبعهم من رؤساء المراكز والمدن والأحياء والوحدات المحلية القروية بتنفيذ قانون المحال التجارية الجديد، منوهًا، "تجاوزات الأغلبية العظمي من أصحاب المحال أصبحت بلا حدود، مثل تلك الكارثة التي حدثت وخلّفت عن عدد من الوفيات والإصابات".

وأشار أستاذ الإدارة المحلية بكلية الإدارة بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا إلى أنّه "يتم ضياع ما يقرب من 43 مليار جنيه على المحليات من الأغلبية العظمى من تلك المحلات والمصانع، في صورة عدم تأمين على العمالة، ورسوم ترخيص واشتراك مياه وكهرباء، وتحصيل غرامات مخالفات، والضرائب، وعدد آخر من الرسوم التي تدرّ دخلًا كبيرا للدولة المصرية".

وطالب عرفة في حديثه مع موقع سكاي نيوز عربية بإنشاء شرطة متخصصة للإدارة المحلية تعاون أصحاب المحليات، حيث أنّ أغلبية الموظفين في المحليات ممن لهم سلطة متابعة مخالفات المحلات وإزالتها يتم ضربهم والاعتداء عليهم من أصحاب المحلات".