كسر احتكار اللقاحات.. العالم يبحث عن مخرج لأزمة كورونا
مع دخول العالم في الموجة الثالثة من فيروس كورونا المستجد، وشراسة انتشار المرض في العديد من بلدان العالم، انطلقت دعوات ومبادرات عالمية لتعليق العمل بقواعد واتفاقيات الملكية الفكرية المتعلقة بإنتاج وتجارة اللقاحات المضادة للفيروس، وتعزيز التعاون في مجال تصنيعها، وتبادل التكنولوجيا الخاصة بها، بهدف توفير اللقاحات في كافة دول العالم بأسرع وقت.
وتجاوبت المديرة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية، وفي أكثر مناسبة مع هذه الدعوات، وأطلقت عليها تعبير "الطريق الثالث" المؤدي إلى كسر احتكار "حقوق الملكية الفكرية" أمام البحث والتعاون بين القطاعين العام والخاص، لوصول المنتجات الضرورية لمكافحة كورونا إلى كافة دول العالم.
جهود دولية
وتدعم أكثر من 115 دولة رسميا اقتراح رفع الملكية الفكرية جنبا إلى جنب مع منظمات غير حكومية كبرى مثل "أطباء بلا حدود"، وتنادي بالتعامل مع لقاحات كوفيد-19 على أنها سلع عالمية عامة، لا تخضع لسيطرة أي شركة أو دولة بعينها.
وفي مايو 2020 أطلقت منظمة الصحة العالمية مجمع الوصول إلى التكنولوجيا المتعلقة بكورونا، (C-TAP) وهو آلية تطوعية لتبادل المعرفة والبيانات والملكية الفكرية بشأن اللقاحات والعلاجات.
وفي فبراير الماضي، كرر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الدعوة لمصنّعي اللقاحات لتبادل المعرفة من خلال هذه الآلية، لكن يبدو أن هذه الدعوة لم تلقى الاستجابة الكافية.
التحالف العالمي للقاحات
وبحسب لورا شيفلين، المتحدثة الرسمية باسم التحالف العالمي للقاحات والتحصين، فإن مهمة التحالف الأساسية هي ضمان حصول أكبر عدد ممكن من الأشخاص على اللقاحات المنقذة للحياة باستخدام الموارد المتاحة.
وأضافت في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هناك نقاشا حقيقيا يجب دعمه حول الطريقة التي ينبغي أن تدار بها الملكية الفكرية للقاحات كورونا، وضمان العدالة، دون الإضرار بقدرات الشركات أو الاستثمار في الابتكار، والمعني بهذا النقاش هو الحكومات الوطنية والمجتمع المدني ومؤسسات الصناعة.
وتابعت شيفلين قائلة: "الملكية الفكرية في حال تصنيع اللقاح لا تمثل سوى جزء من العملية الكبرى للإنتاج، وينطوي الجانب الأكثر تحديا على المعرفة الفنية وتكاليف التشغيل المرتفعة، لأن إنتاج اللقاح يتطلب الآلاف من خطوات التصنيع، ولن يكون القيد الرئيسي في 2021 هو الملكية الفكرية بل قيود العرض، وستتطلب معالجة هذه القضايا الاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة، بما في ذلك الصناعة، وسيظل هذا على رأس أولوياتنا".
وأكملت: "تتمثل مهمتنا أيضا في توجيه الاستثمار في القدرة التصنيعية، وتوقيع الصفقات التي توفر قيمة مقابل المال للبلدان التي نخدمها، وجمع الأموال من الجهات المانحة العامة، الخاصة لدفع ثمن اللقاحات التي نؤمنها من خلال تلك الصفقات، وملتزمون بتوسيع التنوع في التصنيع، وأبرمنا بالفعل صفقتين لنقل التكنولوجيا تشملان معهد مصل الهند (SII) ".
وتصطدم الأصوات المنادية بضرورة التنازل عن بعض حقوق الملكية الفكرية لإنتاج لقاحات كورونا بمصالح القطاع الصناعي، حيث وصفت شركة "فايزر" هذه الدعوات بأنها "هراء"، ولا يزال "الاتحاد الدولي للمصنعين والجمعيات الصيدلانية" في جنيف، يعارض الفكرة بشدة.
وفي مقال نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، حذر توماس كويني، المدير العام للاتحاد الدولي لرابطات صناعة الأدوية من أن تعليق قواعد براءات الاختراع قد يُعرّض الابتكار الطبي للخطر في المستقبل.
وفي المقابل تأمل المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونغو إيويالا، منذ الأسبوع الأول لاستلامها منصبها في كسر هذه الثنائية المتصادمة عبر محادثات على نطاق دولي.
وكحل وسط لهذه المشكلة، قالت أمنا سمالبيجوفيتش، المسؤولة بالمكتب الإعلامي بمنظمة الصحة العالمية في جنيف، إنه يجب على الشركات التي لديها القدرة على التصنيع وكميات من المنتج السائب استكشاف خيارات "الملء والإنهاء" مع الشركات التي قد يكون لديها إمكانيات التعبئة في قوارير، ويمكن للشركات أيضا تحويل منشآتها لإنتاج لقاحات شركات أخرى، والدخول في شراكات مع منتجين آخرين.
كذلك طرحت أمنا حلا آخر في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" بقولها: "يمكن للشركات أيضا إصدار تراخيص غير حصرية، حتى يتمكن أكبر عدد ممكن من المنتجين حسب الحاجة من تصنيع لقاحهم".
الجدل يستمر حول لقاح "أسترازينيكا"
وضربت أمنا المثل بسابقة لهذا التحرك، عندما لعبت التراخيص الطوعية دورا كبيرا في توسيع الوصول إلى علاجات فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد سي، وهو ما تأمل أن يتم مع لقاحات كورونا.
ودللت بهذا المثال على أنه يمكن أن تساعد مشاركة المعرفة والبيانات في تمكين الاستخدام الفوري للقدرات الإنتاجية غير المستغلة، من خلال مبادرات مثل "شبكة مصنعي اللقاحات في البلدان النامية"، والمساعدة في بناء قواعد تصنيع إضافية خاصة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والتي ستسهم في تلبية الطلب على اللقاحات.
ويبقى الأمل معلقا على جهود منظمتي الصحة العالمية والتجارة العالمية والدول الساعية لكسر احتكار الملكية الفكرية وتعزيز التعاون لشق الطريق الثالث، وتسريع تصنيع اللقاحات، وتبادل التكنولوجيا الخاصة بها، لإنقاذ العالم من شر كورونا المستطير.
سكاي نيوز