إيدر.. من هو الطفل المغربي الذي أبهر خبراء "غوغل"؟
أنامله تنقر بسرعة فائقة على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، وعيناه لا تبرحان الشاشة، بكل تركيز يغوص في عالم البرمجة بين الآحاد والأصفار، فداخل هذه السطور الخرساء التي لا يفهم مغزاها إلا العارفون، يجد الطفل إيدر مطيع راحته، ويطلق العنان لمخيلته للإبداع داخل عالم افتراضي لا حدود له.
إيدر مطيع يبلغ الآن من العمر 14 سنة، ويتقن لغات برمجيات عديدة ويعشق أسلوب شكسبير ولغته، ينحدر من مدينة تزنيت جنوبي المغرب حيث تابع دراسته الأولية.
ورغم صغر سنه، أبهر إيدر كبار المبرمجين بالعالم، وأثبت ذلك العام الماضي في مهرجان المطورين "ديف فيست" الذي نظمته مجموعة "غوغل ديفلوبر غروب" في مدينة أكادير المغربية.
ويحكي الطفل العبقري لموقع "سكاي نيوز عربية"، كيف فاجأ منظمي المسابقة بفراسته وفهمه لتفاصيل برنامج "بايثون"، ويقول: "عندما سمعت أن غوغل تنظم مهرجانا للبرمجة بأكادير، طلبت من والديّ اصطحابي إلى هناك. فاندهشا من طلبي لأن المسابقة كانت مخصصة لطلبة الجامعات. وافق عمي على مرافقتي لأنه يعرف أنني مهووس بالتكنولوجيا وأحب البرمجة".
وتحدث عمه الحسن مطيع لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن واقعة طريفة حدثت لهما بعد تنقلهما من تزنيت إلى أكادير، وقال: "مُنعنا من الولوج إلى داخل المدرسة العليا التي تنظم فيها تظاهرة غوغل، بدعوى أن الطفل ذي 11 سنة آنذاك لن يفقه شيئا في المجال. لكن بعد إصراره على المشاركة كمتفرج تمكنا من الدخول. لم يستغرق الأمر سوى دقائق قليلة حتى لفت انتباه القائمين على الحدث".
تفاعل الطفل مع أسئلة اللجنة، بل وكانت أجوبته أسرع وأدق من كل الحاضرين، وهنا كانت الانطلاقة، حيث بدأ مشوار الألف ميل.
"بايثون" ليست لغة البرمجة الوحيدة التي يتقنها الطفل الصغير، حيث أفصح عن بدايات استكشافه لهذا العالم الذي يأخذ كل اهتمامه، فتعلم بداية لغة البرمجة "html"، قبل أن ينتقل سريعا لتعلم "Javascript" و"C" و"C++" و"SQL" و"Scratch".
شهرة إيدر، بلغ صداها السفارة الأميركية في الرباط، التي هنأته في منشور على صفحتها بموقع "فيسبوك"، وكتبت: "طفل في عمره 11 عاما متفوق في البرمجيات واللغة الإنجليزية من تزنيت. واصل إيدر!".
وأثار الطفل الأعجوبة انتباه عدد من المدارس التي تواصلت معه، مبدية استعدادها لتبنيه وتوفير مقعد للدراسة له ضمن صفوفها. فقرر إيدر الالتحاق بمعهد "لندن أكاديمي" الخاص فرع الدار البيضاء، وهي مؤسسة تقتبس منهجها التعليمي من المدارس البريطانية.
وبدلا من دفع آلاف الدولارات سنويا، يدرس إيدر بالمجان، تشجيعا له على كفاءته، وقد انتقل الآن للعيش بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، الدار البيضاء، رفقة أسرته.
وعن تعلم اللغة الإنجليزية في سن مبكرة يقول إيدر: "لقد ترعرعت في أسرة تحب العلم والمعرفة. وبحكم أنني الأصغر سنا فقد حظيت بعناية خاصة، خصوصا من طرف أخي فهد الذي اهتم بي منذ نعومة أظافري وعلمني اللغة الإنجليزية، لدرجة أنه في بيتنا، لا صوت يعلو على لغة شكسبير حتى حول مائدة الطعام".
تلقف الصغير المعارف الأولى، واستعان بدروس على منصة "يوتيوب" للبحث وصقل معارفه، خاصة أنه يتقن اللغة الإنجليزية على عكس أغلب التلاميذ المغاربة ممن يتلقون اللغة الفرنسية كلغة ثانية بعد العربية.
وأوضح إيدر أن نحو 96 بالمئة من مصادر الأبحاث والمراجع في مجال التكنولوجيا والرقميات لا تتوفر إلا باللغة الانجليزية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن عالم البرمجة دون الحديث عن هذه اللغة العالمية، مستشهدا بتجربته الشخصية والآفاق التي فتحت أمامه بعد ولوجه معهد "لندن أكاديمي " وإتقانه لهذه اللغة، وبالتالي الإبحار أكثر في عوالم البرمجة.
وأكد العبقري الصغير على الحاجة الماسة لإنشاء شركات متخصصة في البرمجيات، لتمكين التلاميذ والطلبة من تطوير مهاراتهم.
واستطاع إيدر مطيع الذي يدير حاليا فريقا صغيرا للبحث في مجال الروبوتات، الحصول على المركز الأول في جائزة المغرب الوطنية، وجائزة التميز في مسابقة "VEX IQ" المنظمة في الرباط خلال نهاية بداية السنة الماضية، وذلك رفقة 3 من زملائه.
إيدر مطيع لا يشبه أقرانه في شيء، فطموحه يتجاوز سنه بكثير، ومنذ سنواته الأولى كان يقول لأسرته وأساتذته إنه يريد أن يصبح عالما، وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، عبر عن رغبته في أن يصبح "قرصانا" من ذوي القبعات البيضاء، بمعنى أنه يطمح لمساعدة الشركات على حماية معلوماتها على الإنترنت.
واسترسل قائلا: "هاكر القبعة البيضاء هو خبير في حماية المعلومات، يستطيع استخدام وسائل قد تكون ممنوعة لمعالجة أمن الحواسيب بالشركات والمؤسسات ولخدمة الآخرين".
وينشغل إيدر حاليا باكتساب معارف برمجية جديدة وتعلم اللغة الألمانية، إلى جانب تعزيز لغته الإنجليزية، معتمدا على نفسه بشكل عصامي.
وبعيدا عن الأضواء واتصالات الصحفيين به، يرغب الطفل العبقري في إكمال مشواره التعليمي في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو ألمانيا، ليضع بصمته في علوم الحاسوب ويحقق حلمه الذي طالما ردده على مسامع مقربيه.