باسم في عيون عبدالحي



في مؤلفه المعنون ب: "نذر العولمة"، أورد الدكتور عبدالحي زلوم:

" لما توقف دهاقنة البنك الدولي مليا عند خطورة مايدعو له أتباع المدرسة الوطنية في النهج الاقتصادي، على مستوى العالم، الذين تقوم أفكارهم على تمكين الصناعات المحلية، بهدف استبدال الواردات بالمنتوجات الوطنية، وتدعيم دور الدولة في السيطرة على بعض القطاعات الإنتاجية والخدمية، وهو ما يصطدم بشكل مباشر مع سياسات البنك الدولي، التي تدفع باتجاه فتح الإقتصادات، و"تحريرها".

الحال الذي استحدث فيه دهاقنة البنك الدولي، أولئك، معهدا أطلقوا عليه: " معهد التنمية الإقتصادية"، وشرعوا، كما أورد الدكتور زلوم بالحرف الواحد، "بعملية بناء سلسلة من المؤسسات في الدول النامية، اختير موظفوها من المتعولمين الذين تلقوا تدريبات إضافية في معهد التنمية آنف الذكر، وأوجدوا مؤسسات "وطنية" أُُريد لها أن تكون مستقلة ذاتيا عن أية سلطة حكومية أو مايتبعها من هيئات أو وزارات، وأُُدخل في روع هذه المؤسسات ضرورة أن تصبح من العملاء المفترضين بشكل معتاد للبنك الدولي، وتم تدريبها على مثل هذه الممارسات. وهكذا - والكلام لازال كما ورد حرفيًا في المؤَلَّف المذكور- وجدنا من هذا القبيل الكثير من "مجالس التنمية"، "وسلطات المياه"، "وهيئات الإتصالات"، "وسلطات الموانئ"، ويكمل زلوم ويقول أيضا: " وقد عمل البنك الدولي ليتأكد على نحو لايقبل الشك، أن هذه المؤسسات الوطنية قد عملت بأقصى درجات الاستقلال الذاتي عن حكوماتها، فقد عمل البنك الدولي على الزج بموظفين من أولئك التكنوقراطيين المتعولمين الموالين حتى النخاع للغرب والذين يرتبطون بعلاقات وثيقة على الصعيدين المالي والمهني مع البنك الدولي" ....انتهى الاقتباس.

بداية نقول: إن ماورد أعلاه، قد جاء في مؤلف نذر العولمة المذكور أعلاه، الذي طُبع في العام 1999، وأُجيزت طباعته في الأردن، قبل ذلك بعام، وإذا ما افترضنا أن الشروع في كتابته قد تمت قبل ذلك بعام؛ فإن الأفكار الواردة فيه تعود للعام 1997 على أقل تقدير.

إن من يقرأ النص المقتبس أعلاه، يجد أن الأفكار الواردة فيه، والتي خُطِطَ لتطبيقها في دول العالم الثالث، قد طُبِّقت نصا وحرفا عندنا في الأردن.

فما ذُكر عن الأشخاص المتعولمين، الذين يزج بهم البنك الدولي، إلى دول العالم الثالث، من أجل تصفية السياسات الاقتصادية الوطنية، وتفكيك عُرى الدولة من خلال إنشاء مؤسسات وهيئات موازية للمؤسسات التقليدية( الوزارات)، ومن خلال برامج الخصخصة المدمرة، نجد أن تطبيقاته في الأردن جاءت بشكل حرفي، من خلال مابات يعرف بالهيئات المستقلة، التي كانت عند إنشائها تستدين بإرادتها المنفردة؛ أي دون الرجوع إلى الحكومة باعتبارها صاحبة الولاية العامة في هذا الشأن، ومن خلال عملية الخصخصة التي بيعت بموجبها مرافق الدولة الإنتاجية والخدمية، التي بُنيت على مدار عشرات السنين، بأبخس أبخس الأثمان.

إن مالايقل عن ذلك أهمية يتمثل في السؤال التالي:

لما كان صندوق النقد الدولي يرسل إلى الدول التي يراد تطويعها اقتصاديا، وسياسيا بطبيعة الحال، بأشخاص معولمين ومدرببن، موالين للغرب، يتبعون لذلك الصندوق ماليا ومهنيا، يقومون في سبيل تنفيذ ذلك، بتفكيك مؤسسات الدولة، وخصخصة ماتملكه من قطاعات إنتاجية وخدمية؛ فإن السؤال البدهي الذي نطرحه بشكل موضوعي، بناءً على ماسلف، بالرغم من أنه قد يغدو غير لازم لبدهية الإجابة عليه؛ هو: من تراه قد يكون ذلك الشخص المعولم الذي أُُسندت له تلك المهمة في الأردن غير باسم عوض الله؟!!!

إن كان ثمة شخص، غير باسم عوض الله، تنطبق عليه التوصيفات، التي وردت في مؤلف الدكتور زلوم، عام 1997؛ أي قبل أن يسطع نجم عوض الله، ويقوم، في مستهل الألفية الثالثة، بما يعرفه جميعنا من هدم ممنهج لبنية الإقتصاد الوطني الأردني، وذبح ماأنجزته الدولة الأردنية على مدار ثمانية عقود ونيف، على مذبح الخصخصة؛ إن كان ثمة شخص تصدق عليه التوصيفات آنفة الذكر؛ فليدلنا عليه هدانا وإياه الله.