ديوان الخدمة تضرب منظومة العدالة،و تتوسع في الاستثناءات على حساب الترتيب التنافسي
كتب محرر الشؤون المحلية - بالأمس، أعلن رئيس ديوان الخدمة المدنية، سامح الناصر، موافقة مجلس الوزراء -المدجج بالقانونيين والذي يرأسه شخصية قانونية- على توصية ديوان الخدمة بتخصيص (100) شاغر لأبناء المتقاعدين العسكريين، ضمن الوظائف المتوفرة على جدول تشكيلات الوظائف الحكومية سنويا، اعتبارا من عام 2022.
اللافت أن الناصر برر توصية ديوان الخدمة بتخصيص تلك الشواغر بأنها تأتي في غمرة الاحتفالات بمئوية الدولة، لكن هذا يطرح تساؤلا هامّا؛ كيف تقبل الحكومة أن ندخل المئوية الثانية بقرار يخالف النصّ الصريح للدستور الأردني والذي نصّ في المادة (6) على أن الاردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وأن الدولة تكفل العمل والتعليم وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين؟!
ومع تقديرنا الكبير واعتزازنا بهمبالجهود الجبارة التي نبذل في مؤسساتنا الأمنية والعسكرية و جميع منتسبيها، إلا أن هذا التقدير لا يُفترض أن يكون على حساب فئات المجتمع الأخرى، فهذا البلد بنته كافة المؤسسات -مدنية وعسكرية- بالتشارك، فكما بذل العسكريون جهودا في حفظ الأمن، بذل ويبذل المعلمون جهودا جبارة في بناء أجيال المستقبل، ويبذل العاملون في البلديات جهودا أيضا في تقديم الخدمات للمجتمع، ويقدّم العاملون في المؤسسات الصحية جهودا في حفظ أرواح الأردنيين، ويبذل القطاع الخاص والعاملون فيه جهودا كبيرة أيضا في بناء الاقتصاد الوطني، ولا يمكن أن تقبل فئة تقليل الجهود التي تبذلها في خدمة الوطن.
تكريم العسكريين لا يكون بتمييزهم عن بقية الأردنيين، ولا على حساب الناس وفرصهم واحقيتهم ، ففي هذا انتقاص من المدنيين الذين يبذلون جهودا لا تقلّ عن إخوانهم العسكريين، بالإضافة إلى كون مثل هذه الممارسات تخلق شرخا بين أبناء الشعب الواحد، وتثير مشاعر سلبية نحن في غنى عنها.
ديوان الخدمة المدنية والقطاع العام ليس شركة خاصة ، لا يحق للحكومة للرئيس بشر الخصاونة ان يوزّع الوظائف على هواهم لهذه الفئة أو تلك دون اي سند قانوني او قيمي ، وحتى لو جرى تعديل نظام الخدمة المدنية لمحاولة شرعنة توسعهم في الاستثناءات على حساب اصحاب الاحقية في التعيين ، فإن التعديل سيبقى باعتقادنا غير دستوري.ثم ما هو مصير الكشوفات التنافسية اذا ما استمرينا في توزيع الاستثناءات التي لا نعرف كيف سيجري انفاذها و لصالح من ؟!!
المتقاعدون بامس الحاجة لامتيازات واهتمام على اعلى المستويات، هم بحاجة ماسة للحماية من شركات تأكل ما تبقى من سنوات عمرهم وهم يقفون على ابواب المرافق والشركات والسفارات ، وبرواتب بخسة تستغل حاجتهم الماسة لدخول اضافية ، يريدون توسعا في قبول ابنائهم في الجامعات وتحمل نفقات الدراسة ، يريدون تفعيل صندوق اسكانهم لتمكينهم من شراء بيت العمر لهم ولابنائهم من بعدهم ، يريدون فرص عمل لائقة لهم ولابنائهم . الحكومة تستطيع ان تفعل لهم الكثير دون ان تضرب منظومة العدالة وتحمل المواطنين فاتورة انصاف هذه الشريحة التي نعتز بها ونفتخر .