لماذا لم يدخل مطعوم المكورات الرئوية ضمن برنامج التطعيم الوطني؟



في الرابع عشر من شهر آذار عام ٢٠١٩ ، وقع وزير الصحة الأسبق الدكتور غازي الزبن ومدير بعثة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية بالإنابة لدى المملكة ‐ انذاك ‐ رالف كورينج اتفاقية لتنفيذ مشروع شركاء الصحة وتنظيم الاسرة وادخال مطعوم المكورات الرئوية .
واليوم وبعد مرور عامين على توقيع الاتفاقية، فإن المشروع بقي حبرا على ورق ، في الجانب المتعلق بمطعوم المكورات الرئوية الذي لم يجد طريقه الى اجساد الاطفال الغضة ليحميها ويقيها من الامراض التي تسببها .
وحسب منظمة الصحة العالمية فإن المكورات العنقودية الرئوية هي بكتيريا تتسبب في الإصابة بعدد من الأمراض الشائعة، والتي تتراوح من الأمراض الخطيرة مثل التهاب السحايا وتسمم الدم وحالات الالتهاب الرئوي للعدوى التي تكون أكثر اعتدالاً ولكنها أكثر شيوعًا مثل التهاب الجيوب الأنفية والتهاب الأذن الوسطى.
وتعتبر الأمراض الرئوية سبب شائع لانتشار الأمراض والوفيات في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن معدلات المرض والوفيات مرتفعة بشكل أكبر في البلدان النامية عن مناطق البلدان الصناعية، إلا أن الغالبية العظمى للوفيات تحدث في الدول الأسيوية والأفريقية الواقعة جنوب الصحراء. ويعتبر هذا المرض هو الأكثر شيوعًا في الأطفال الصغار .
وتوصي المنظمة بإدراج لقاحات المكورات الرئوية في برامج التمنيع الخاصة بالأطفال في جميع أنحاء العالم،
اذ ان المكورات الرئوية تعد السبب الاول لوفيات الاطفال دون سن الخامسة عالميا .
وحسب الاتفاقية يتضمن المشروع ادخال مطعوم المكورات الرئوية ضمن برنامج التطعيم الوطني الذي ينفذه الاردن منذ عام ١٩٧٩ ،وحقق نجاحا منقطع النظير في التخلص من عديد من الامراض الخطرة السارية كشلل الاطفال والحصبة ، والحد من انتشار امراض اخرى الى ادنى مستوى ممكن ويبذل الاردن جهودا كبيرة للتخلص منها ،كمرض السل .
وللحقيقة ذكرني بهذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات والقرارات والاجراءات التي لم تر النور وبقيت حبيسة الادراج الدكتور غازي الزبن وزير الصحة الأسبق خلال اتصال هاتفي تجاذبنا خلاله اطراف الحديث ، وعبر كلانا عن الاسف لما تؤول اليه الاوضاع الصحية في البلد تحت وطأة انتشار فيروس كوفيد ١٩ وحالة التردد والتخبط السائدة والتراجع عن العديد من الاجراءات التي اتخذتها الوزارة للنهوض بالواقع الصحي .
وأبدى الدكتور الزبن استهجانه واستغرابه من عدم انفاذ الجانب المتصل بإدخال مطعوم المكورات الرئوية ضمن البرنامج الوطني للتطعيم لغاية اليوم ، رغم اهمية ذلك وضرورته، والجهود التي بذلت للحصول على الدعم بمنحة سخية ،ولسنوات طويلة .
ويذكر ان توقيع الاتفاقية جاء في اطار الاتفاقية التنفيذية للأهداف الانمائية المبرمة بين المملكة الاردنية الهاشمية والولايات المتحدة الامريكية التي تلتزم بتمويل الوزارة من خلال المشروع كمنحة تبلغ قيمتها 95مليون دولار امريكي ، توجه لدعم تقديم خدمات عالية الجودة في مجالات تنظيم الاسرة وادخال مطعوم المكورات الرئوية ، وينفذ على مدى سبع سنوات .
وللحقيقة فإن ادخال المطعوم ضمن البرنامج الوطني للتطعيم يكتسب اهمية بالغة ، وانه سيشكل حال تنفيذه نقلة نوعية في البرنامج وحماية الاطفال ،اذ كان يفترض اعطاء المطعوم لحوالي ( 300) الف طفل رضيع سنويا ،الامر الذي من شأنه تحسين المؤشرات الصحية الايجابية التي حققها الاردن على مدى السنوات الماضية وفي مقدمتها خفض وفيات الاطفال وارتفاع العمر المتوقع عند الولادة .
واعتقد جازما ان وزير الصحة الدكتور فراس الهواري ،بصفته الوظيفية من ناحية ،وبحكم التخصص من ناحية اخرى ،ربما يكون معنيا ومهتما ، بنبش الادراج المقفلة ، ونفض الغبار عن العديد من الملفات ، ومن اكثرها حيوية لصحة الناس وسلامتهم ، وحماية الاطفال من المكورات الرئوية التي تعتبر من اسباب الوفاة الرئيسة ،بإدخال المطعوم المحصن ضدها في البرنامج الوطني للتطعيم.

ويبقى السؤال برسم اجابة الوزارة : لماذا لم يدخل مطعوم المكورات الرئوية ضمن برنامج التطعيم الوطني لغاية اليوم ،رغم مرور عامين على اتفاقية لهذه الغاية بدعم وتمويل الوكالة الامريكية للتنمية الدولية؟؟.