النائب البدول: مشروع (عمالة الأطفال في البترا)....تلميع أم تنفيع؟
انتقدت النائب زينب البدول الدراسة الصادرة عن مشروع مكافحة عمالة الأطفال، والذي نفذته جمعية الهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري "بيت الانباط" في البترا خلال الأعوام 2009-2013 ، واستهدف بالدرجة الأولى أطفال منطقة أم صيحون في البترا، وتم تمويله من قبل بعض السفارات الأجنبية والمؤسسات الحكومية، وعلى رأسها السفارتين البريطانية والكندية.
وكانت النائب البدول قد طرحت العديد من الأسئلة الموجهة لوزارة الثقافة تعلقت بكلفة تنفيذ مشروع "مكافحة عمالة الأطفال في البترا" بمراحله الثلاثة والذي نفذته جمعية "بيت الأنباط" في لواء البترا، كما سألت عن الجهات الداعمة و الشريكة في المشروع، و قيمة الدعم المقدم، واستعلمت عن طبيعة البرامج المسحية والتوعوية والاجتماعية التي تخللت المشروع، كما سألت: هل تم أخذ الموافقات الرسمية من الجهات ذات العلاقة (دائرة الإحصاءات العامة، وزارة العمل، سلطة إقليم البترا، أولياء أمور الفئة المستهدفة).
وانتقدت النائب البدول الدراسة الصادرة عن المشروع ووصفتها بالقاصرة وقدت حولها الملاحظات الآتية:
1-عدم التزام الدراسة بالمنهجية العلمية شكلا ومضمونا.
2-عدم الارتكاز الى نظرية علمية في تحليل وتفسير نتائج الدراسة، كما خلت الدراسة من تحليلات علمية كافية لنتائج الدراسة والتي وضعت على شكل هوامش صغيرة أسفل الجداول.
3-وجود نقص كبير وخلل واضح في الأدبيات النظرية.
4-افتقار الدراسة للأدوات البحثية المناسبة بما يتناسب مع واقع الدراسة وأهدافها.
5-افتقار الدراسة إلى الإحالات العلمية للمصادر والمراجع كما هو معتمد لدى المقالات العلمية ذات المعايير، ما يطعن في صدقية الدراسة، إلى جانب عدم وجود قائمة للمصادر والمراجع أصلا.
6-عدم وجود خطة بحثية وإجرائية توضح مسار البحث من ألف إلى يائه، وعدم وضوح الإشكالية العامة وما يترتب عليها من الاستعانة بالنظريات والمقولات الكبرى.
7-هناك أخطاءو ركاكة ملحوظة في صياغة متن الدراسة؛ ما يؤشر الى الضعف المعرفي لدى منفذي الدراسة، والدراسة أقرب ما تكون إلى مسودة أعدها باحث مبتدئ.
8-افتقار الدراسة إلى منهجية واضحة في تحليل الأرقام والمسوحات.
9-افتقار الدراسة إلى تحديد عينة الدراسة وخصائصها وعددها وآلية الوصول إليها بشكل علمي، هناك أرقام وإحصاءات مختلطة وغير منظمة.
10-خلو الدراسة من أسماء الفريق البحثي ومؤهلاتهم وخبراتهم البحثية.
11-خلو الدراسة من نماذج لموافقات أولياء الأمور، ما يعد انتهاكا لخصوصية الأطفال.
12-تناولت الدراسة قضايا حساسة كالتحرش والاعتداء الجنسي وغيرها، وحيث أن الدراسة تخلو من أية ادوات بحثية من شأنها رصد وقياس تلك المفاهيم وتحديدها علميا أو إجرائيا، وثمة مفاهيم تم طرحها مثل العنف والإيذاء الجسدي والجوع والعطش والمرض، ولم يرد في الدراسة أية توضيحات عن آلية تحديد تلك المفاهيم والمصطلحات؛ أو تتعرض لطرق قياسها بشكل علمي، وربما كانت انطباعات أولية تشكلت لدى منفذي الدراسة، وسؤالي هل توفر أطباء في مشروع البحث لفحص الأطفال والتأكد من حالتهم الصحية مثلا؟؟؟ وسؤالنا: هل تم اجراء مقابلات مع الأطفال: وما هو المعيار الاخلاقي والمهني لتلك المقابلات، وهل تم أخذ موافقات أولياء أمورهم.
13-الإغراق في الرسوم البيانية رغم عدم وجود مقدمات تحيل إلى تلك البيانات المتضمنة في الرسوم البيانية.
14-عدم خضوع الدراسة إلى التحكيم العلمي من جهات محايدة، إذ أن مثل تلك الدراسات التي تستهدف الفئات الضعيفة في مناطق حساسة كالبترا ينبغي أن تكون مصانة بكل المعايير العلمية والمهنية والإنسانية.
15-جاءت الدراسة بحسب التمعن والتحليل في سياق إيديولوجي وأحكام مسبقة؛ بعيدا عن سمات البحث العلمي القائم على الحياد والموضوعية والنزاهة.
16-القالب العام للدراسة يؤشر إلى ضعف أهلية الفريق البحثي.
17-تضمنت الدراسة نصوصا تعبر عن مقاصد شخصية لكاتبها، وتلك النصوص لم تأت في أي من السياقات البحثية كسياق التحليل أو التفسير أو التماس المباشر مع النظرية الناظمة للبحث، عبارة عن نصوص كتبت بأسلوب وعظي في سياق منتزع ومشوه مفتقر لأدنى المعايير البحثية.
18-هناك تضارب بين الأرقام التي قدمتها تلك الدراسة، وبين الأرقام التي قدمتها المنظمات الدولية المختصة بحماية الأطفال وبفارق كبير جدا، ما يحيل إلى الشك في صحة تلك الأرقام.
19-تناول قضية عمالة الاطفال في البترا وقصد به (أطفال البدول تحديدا) تم انتزاعها من سياق عام متكامل بعناصره، ولم يتم التطرق إلى هذا الكل العام بكافة عناصره وسياقاته التاريخية والاجتماعية والثقافية، وظروف تشكله بعد تهجير البدول من البترا عام 1985 من موطنهم التاريخي، وحصرهم في منطقة محددة ومقيدة ومعزولة قانونيا وجغرافيا وتنمويا وإجرائيا.
20-إن تنفيذ الدراسة جاء على خلفية الصراع الاجتماعي والطبقي والقبلي بين مجتمعات البترا، وكانت الأهداف بحسب رأينا الشخصي متحيزة لمكونات ضد أخرى، وفي سياق ترسيخ وتبرير مفهوم الاستبعاد الاجتماعي والثقافي لبعض المكونات من الفضاء العام والمنافسة الاقتصادية على الموارد، والإشارات الخفية ضمن ثنايا الدراسة تدفع باتجاه وصم بعض المكونات الاجتماعية بالصفات السلبية، ولذلك تخرج الدراسة عن سياق الأمانة العلمية والموضوعية.
21-الكلفة المالية الباهظة للمشروع والزمن الذي نفذ خلاله وهو 4 سنوات، وحيث أن المشروع لم يتمكن من إنجاز دراسة ذات معايير علمية ولو بمستوى مقبول، هذا الأمر يتطلب منا مزيدا من المساءلة، ولو أن تلك الآلاف المؤلفة تم توجيهها لتوفير خدمات بيئية وترفيهية للأطفال لكان أجدى وأنفع.
ونوهت النائب البدول إلى أن ثمة إجراءات سيتم اتخاذها لتصويب الخلل القائم وهي:
1- مخاطبة وزارة الثقافة والطلب منها بإعادة تقييم الدراسة وسحبها وإلغائها، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق منفذيها، وتقديم الاعتذار الرسمي لأولياء أمور الأطفال المستهدفين.
2-مخاطبة سلطة اقليم البترا وطلب تقديم توضيحات حول إذا ما تم اعتماد الدراسة لديهم والعمل ضمن نتائجها.
3-مخاطبة المركز الوطني لحقوق الإنسان وتقديم توضيحات حول الأضرار التي انعكست على مجتمع أم صيحون وخصوصا فئات الأطفال.
4-ملاحظة: نظرا لحساسية وخصوصية البترا ينبغي على السلطة إصدار تعليمات بالتشديد على الفرق البحثية بضرورة الالتزام بالمنهجية العلمية مع ضرورة اشراك الجهات ذات العلاقة (الجامعات الرسمية، دائرة الاحصاءات العامة، المراكز البحثية المعتمدة، وزارة التخطيط، وزارة العمل ...الخ.) في عملية إجراء وتقييم تلك الدراسات.
5-الطلب من جمعية بيت الانباط بتزويدنا بالاستبانات وكشوفات بأسماء الأطفال المستهدفين، ونماذج من المقابلات التي تم تنفيذها (إن وجدت).
كما ستتم مخاطبة الجهات المانحة والجهات الرسمية الممولة للمشروع بالطرق الرسمية، وتقديم ملاحظات هامة عن ذلك المشروع، وآثاره وانعكاساته السلبية على واقع الفئات الضعيفة، كما تنوه النائب البدول بأن ظاهرة عمالة الأطفال في البترا لا نستطيع إنكارها، لكننا ضد أن يتم استثمارها وتوظيفها من أجل تلقي المنح والمعونات من أي جهة كانت، أو استغلالها للإساءة للمكونات الاجتماعية في البترا، كما أننا نضع أيدينا في أيدي الجهات والأفراد المخلصين ممن يسعون لدراسة ومعالجة الأخطاء والظواهر الاجتماعية السلبية بكل أمانة وحرفية، وصولا لمجتمعات آمنة ومستقرة.