أوليفيا.. مراهقة أميركية مسيحية تصوم رمضان وتغير ثقافة أسرتها

بالنسبة لأسرة مسيحية أميركية لم يكن تاريخ 10 أبريل/نيسان 2021 يعني شيئا حتى قالت لها ابنتها أوليفيا إن شهر رمضان بعد يومين، وإنها ستصوم هذا العام.

لحظات قليلة مرت على والديها في اندهاش ومحاولة إدراك ما يجري، وقبل أن تمر دقيقتان أخبراها "كما تريدين".
 
انطلقت إلى غرفتها ووضعت على التقويم المثبت على الحائط علامة حمراء على يوم 12 أبريل/نيسان الموافق لبداية شهر رمضان كما اعتقدت، لم تنتظر رؤية الهلال وصامت الفتاة المراهقة المسيحية يوم الاثنين قبل بدء رمضان فعليا بيوم واحد.

أثر مستمر
ولدت أوليفيا عام 2009 بولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية، وسط أسرة أميركية مسيحية مورمونية.

منذ طفولتها المبكرة اطلعت على ثقافات مختلفة، وقرأت عن حضارات متعددة، ورافقت أصدقاء مسلمين، ومنهم تعلمت بعض الكلمات العربية، واستمعت بشغف إلى صديقاتها عن عاداتهم وتقاليدهم ومناسباتهم الدينية المختلفة.

كان لمربيتها الأولى "فاطمة" أثر كبير في تشكيل وعيها وفكرها وشعورها بشكل أو بآخر، إنها تنتمي لذلك التكوين رغم اختلاف المسميات، فمعها حضرت "عيدها الأول" على حد وصفها.

عيدها الأول
تتذكر أوليفيا طفولتها قائلة "من عمر الـ4 إلى 7 سنوات كانت فاطمة المغربية مربيتي، وكان لديها 3 أطفال، كانوا يأتون للعب معي أو أذهب أنا إلى بيتهم".

لم تتحدث معها "فاطمة" عن الصيام، لكنها كأي طفل صغير لاحظت عدم تناولها الطعام أو الماء طوال اليوم رغم قضائها كثيرا من الوقت في المطبخ لإعداد الطعام، وإطعام أطفالها وأوليفيا سويا.

اعلان
تقول أوليفيا "في بيت فاطمة عشت أول عيد لي، وكان مبهرا بشكل لا يصدق، أكلت الكعك واحتفلت معهم، وبدأت أسأل وأفهم شيئا عن العيد ورمضان".

تقول أوليفيا إن أغلب أصدقائها من المسلمين (الجزيرة)
فضول وانفتاح على الثقافات
وساهمت أسرة أوليفيا بتغذية فضولها لمعرفة العادات والثقافات المختلفة من خلال الانفتاح أيضا على مختلف الثقافات والعادات ومصادقة أبناء الجنسيات والجاليات المتعددة.

وتعاملت أسرتها مع العديد من العرب والمسلمين، وأشارت أوليفيا إلى أن أغلب أصدقائها من المسلمين.

أخبرتها صديقتها السودانية أن رمضان اقترب، وبحسب ديانتها يجب عليها الصيام لمدة 30 يوما من طلوع الفجر حتى غياب الشمس، أدهشت الفكرة أوليفيا، وشعرت في نفس الوقت بصعوبتها على صديقتها، فقررت مساندتها قائلة "في ديانتي نصوم يوما واحدا، أول يوم أحد من كل شهر، نتناول العشاء وننتظر حتى اليوم التالي لتناول العشاء، وهنا في أميركا لا يتم التعامل مع الصوم بشكل عام بجدية أو تقدير من الكثيرين"، مضيفة أن "فكرة الصوم لمدة 30 يوما أمر مبهر وجدير بالاحترام لممارسيه، لذا قررت التجربة والتضامن".

تجربة أولى
تطلق أوليفيا على نفسها لقب "فتاة غير صباحية"، لا تحب أن تصحو من النوم مبكرا، ومع ذلك أصبحت تضبط المنبه لتصحو قبل طلوع الفجر وتتناول وجبة السحور.

تحكي الفتاة ذات الـ12 عاما "في أول يوم تناولت رقائق الحبوب مع الحليب حتى شعرت بالشبع، وذهبت لأكمل نومي، وفي منتصف اليوم شعرت بالجوع الشديد حتى كدت أبكي، فتناولت الدواء المسكن وأكملت صيام اليوم حتى غروب الشمس".

أخبرتها صديقتها بأنها يجب أن تتناول طعاما أكثر أثناء السحور ليمدها بالطاقة ويجعلها تتحمل مشقة الصيام، وأضافت أنه غير مسموح لها بتناول الدواء أثناء فترة الصيام.

تقول أوليفيا "سألتها أكثر عن الإفطار والسحور، وتعرفت على مفطرات الصيام، ومتى يمكنني أن أفطر، وما الذي يجب أن أمتنع عنه حتى لا أفطر".

دعم أسري
منذ اللحظة التي اختارت فيها أوليفيا خوض التجربة دعمتها أسرتها بشكل واضح، حتى أن والدتها سألت صديقاتها عن أنسب الأطعمة التي تعدها لابنتها في الإفطار والسحور، تقول "جيني" والدة أوليفيا "أحاول ألا أتناول الطعام أمامها لأني أعرف أنها جائعة، وأفكر أن أتضامن معها وأصوم يومين أو 3 أيام".

أصبحت "جيني" تصنع طعاما أكثر يحتوي على البروتين والخضار من أجل إفطار "أوليفيا"، وتحتفظ بجزء منه من أجل سحورها.

ويحرص كذلك والدها وأشقاؤها الصغار على تناول الطعام بعيدا عنها، وتوضح أوليفيا "أعرف أنهم يمتنعون عن تناول الطعام أمامي لأنني صائمة، لكن حتى إن فعلوا وأكلوا أمامي لا أكترث، لقد اخترت بإرادتي أن أصوم، وها أنا أفعلها ومقتنعة تماما".

تستحق التكرار
لا تعرف أوليفيا الكثير عن شكل الاحتفال برمضان في البلاد العربية أو الإسلامية، لكنها تعرف بعض الأيقونات الخاصة بذلك الشهر الكريم مثل "الفانوس".

وتعرف أوليفيا أيضا بعض الأكلات الرمضانية، وتحب تناول السمبوسك، وتقول "أعشق تناول الأطعمة العربية، خاصة السمبوسك، سواء باللحم أو الجبن، لا تعرف أمي صنع تلك الأطباق لكنني أتناولها مع أصدقائي"، مضيفة "أنتظر العيد أيضا للتوقف عن الصيام والاحتفال وتناول الكعك والحلوى، وسأعيد تجربة الصيام في العام المقبل أيضا".

المصدر : الجزيرة