ردا على هرطقات دودين: اسرائيل كالبالون ومن هانت عليه نفسه كان على الناس اهون
لقد أصبت بالذهول والصدمة مما سمعت من وزير اعلامنا المبجل من تصريحات عن "تواضع" إمكانية قواتنا المسلحة / الجيش العربي عندما أشار بأننا لا نملك الصواريخ والدبابات للتعامل مع إسرائيل، وأنه ليس أمامنا سوى توظيف الدبلوماسية والقوة الناعمة. هنا ربما تجاهل الوزير – عن قصد او غير قصد – أن هذه المؤسسة العريقة راسخة في وجدان الأردنيين جميعاً في كافة ارجاء الوطن.
والحال أن بعضًا من رجال دولتنا العتيدة لا يقرأون التاريخ وربما لا يعرفون حدود الجغرافيا، فكل أسرة اردنية لديها منتسب يعمل في هذه المؤسسة، ويحمل في قلبه وعقله شعار الغار والمجد، أو متقاعد منها ينام كل يوم على شريط من الذكريات الجميلة، او شهيد روى بدمائه الزكية تراب الوطن ما يشعرنا جميعاً بالعز والفخار، وهم ليسوا الوحيدين في ميادين الوغى، فهناك إخوانهم أبناء الأجهزة الأمنية القابضين على الجمر حتى يعيش الأردنيون في أمن وسلام.
اين انت يا معالي الوزير المهندس من إنجازات هذا الجيش، الذي كان رائداً في التعليم حيث خرجت مدارس الثقافة العسكرية كوكبة من الأجيال القادة والمبدعين، الذين ساهموا في بناء الوطن! وأين انت من إنجازات الجيش في الصحة، من خلال الخدمات الطبية الملكية، والتي قدمت الرعاية الصحية النوعية لجميع الأردنيين، والتي تساهم في خدمة اكثر من 38% من مجمل المواطنين، وأصبحت منارة للعلم والمعرفة ينشدها الكثيرون من اصقاع الوطن العربي طلبًا للعلاج.
ناهيك عن حقيقة أن الجيش العربي كان حاضراً في جميع أزمات الوطن من شماله الى جنوبه، وكان دائماً الملاذ الأخير والآمن للدولة الأردنية منذ بدايات تأسيس الامارة وحتى ازمة كورونا التي نعيشها اليوم.
اين انت يا معالي الوزير من تضحيات هذه المؤسسة العريقة، والتي كانت دائماً في طليعة أزمات الأمة من العراق الى الكويت الى عُمان الى سوريا ثم الى فلسطين الحبيبة، قرة عين الامة، لقد سالت دمائها الزكية في كل مكان من ارجاء الوطن العربي الكبير، وما معارك اللطرون وباب الواد ومعارك القدس ومعركة الكرامة الخالدة التي إعادة للوطن وللامة كرامتها وهيبتها وكسرت اسطورة الجيش الذي لا يقهر إلا شواهد حية لمساهمات جيشنا المصطفوي، وهنا اود ان أُذكر معاليك بأن معركة الكرامة كانت بقليل من السلاح وكثيراً من العزم كما وصفها الراحل العظيم الحسين بن طلال.
ثم أولم تكن هذه المؤسسة رسول سلام في شتى ارجاء المعمورة من يوغسلافيا السابقة الى هاييتي الى أفغانستان الى سيراليون والقائمة تطول وشهد فيها القاصي والداني من حيث احترافيها وقدرتها على انجاز المهام.
لماذا يا معالي الوزير تقول هذا ولصالح من؟ وكيف تتحدث عن مؤسسة يجمع عليها الأردنيون بنسبة تتجاوز 94% وفقا لجميع استطلاعات الرأي في حين أن نسبة الثقة في حكومتك – كما هو الحال مع سابقاتها – لم تتجاوز 30% في أحسن الأحوال؟ لماذا هذه المحاولات البائسة لهز الثقة ما بين أبناء الوطن ومؤسستهم الأولى وركيزة النظام السياسي بمجمله، انا شخصياً لم أرى في حياتي كلها دولةً أو كيانًا يشير بوضوح الى ضعفه أمام خصومه أو حتى أمام أصدقائه بهذه الصورة، حتى لو كان ذلك من باب الواقعية السياسية والدفاعية! عفواً معاليك، والله لو ذهبت الى الغاب لوجدت ان الحيوانات الضعيفة تظهر وسائل دفاعها مضطرة أمام اعتى المفترسات، فالنملة قالت اذهبوا الى مساكنكم حتى لا يحطمنكم سليمان وجنوده، فهي لم تتحدث عن الهزيمة بل طلبت الذهاب الى المسكن وهو عنوان للتمسك بالأرض، وبالتالي فإن الذي قيل يجب ألا يقال لأننا نتحدث عن الردع بمفهومه الواسع، وحتى لو كان هناك قلة في التسليح فهناك الردع المعنوي والذي يتحدث عن إمكانية استخدام القوة بعزيمة وإصرار اذا تتطلب الامر.
وأخيراً، أود أن أشير إلى كتاب حروب الجيل الخامس(أساليب التفجير من الداخل على الساحة الدولية) للدكتور شادي عبدالوهاب الذي يعد أحد أهم وأبرز الباحثين في العالم العربي، حيث يقول الكاتب (لم تعد الحرب في الوقت الراهن مجرد حربًا تقليدية واضحة المعالم والأدوات، وإنما باتت خليطاً من توظيف كافة الأدوات المتاحة، التقليدية وغير التقليدية، بحيث أضحى الملمح والهدف الجوهري هو "التفجير من الداخل” باعتباره الوسيلة الأمثل لهزيمة الخصوم، دون تحمل تكلفة كبيرة، على نحو يحقق نبوءة صن تزو، الجنرال الصيني والخبير العسكري، في كتابه "فن الحرب (أن تخضع العدو دون قتال هو ذروة المهارة)، وهنا اود أن أسأل إذا كان معاليك مطلع على هذا الكتاب، أم إن ما تحدثت به هو توصية ممن يعرف بهذا المجال، أم انها جاءت معك بحكم الصدفة ودون قصد رغم ايماني المطلق بأن عامل الصدفة غير وارد خاصةً اذا ربطنا تصريحك هذا بهرطقات سابقة كنت قد وقعت بها .
أود أن أقول لمعاليك واطمئن الشعب الأردني في ارجاء الوطن أن إسرائيل لن تستطع احتلال الأردن، وهذا ليس تهوراً او استهتاراً بقوة إسرائيل، فهي دولة تمتلك جيشًا قويًا براً وبحراً وجواً مع أفضل وأحدث أنواع التكنولوجيا المتقدمة في العالم، وتستطيع أن تنشر الدمار في كل مكان، لكن الحرب يا أصدقائي أصبحت الآن تدور حول مركز ثقلها الأساسي وهو الايمان والتصميم والإرادة، ولو كانت الدولة تمتلك القليل من السلاح والعتاد، ألم تشاهد وتسمع معاليك عن قوم يقطنون غزة الصمود وكيف إن إسرائيل لم تستطع يوماً أن تكسر شوكتهم وهيبتهم، أولم تسمع معاليك عن قوم آخرون يقطنون في لبنان وما مثلهم ببعيد عن عرب غزة، ألم تسمع معاليك عن تشي جيفارا وهوشي منه وماو تسي تونغ الذين انتصروا بالعزيمة والإرادة وحب الوطن؟ صحيح إن إسرائيل قوية، لكن لقوتها حدود، فهي كالبالون اذا أخذ ما يزيد عن سعته من الهواء فأنه حتماً سينفجر، وهنا أحب أن أؤكد لك وايضاً لجمهور الأردنيين ان ايدي كوهين لم يتحرك في تغريدته البائسة حول إمكانية دولته في احتلال الأردن خلال ساعتين الا من مبدأ (من هانت عليه نفسه كان على الناس اهون).