رمضانيات 21 - "وَلَيَالٍ عَشْرٍ"



يقسم الله تعالى بمخلوقاته للدلالة على أهمية هذه الايات ولفت الأنظار للتفكر فيها (وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ. وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ. وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ). فالقران الكريم كتاب الله المعجز الخالد، لن ينتهي كشف اسراره حتى قيام الساعة. فيقسم الله تعالى بالفجر‏،‏ كما بالليال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بأن جعلها أشرف عشرة ليالي في السنة‏،‏ وجعل ليلة القدر أشرفها على الإطلاق حيث وصفها بالليلة المباركة (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) (الدخان‏: 3) وبأنها (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، جاء بالحديث الشريف‏ ( ليلة خير من ألف شهر‏،‏ من حُرِم خيرها فقد حُرِم‏). ‏

أيام قلائل سرعان ما تذهب وقد لا تعود في حياة بعضنا، لذا علينا استثمارها (وترها وشفعها)، في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره)، أي إحْياؤها بالعبادة فهي خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة، وهذا فضل عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ). فطوبى لمن أدركها ودعا ربه فغفر له. فأطيلوا القيام في هذه الليالي وأخروا الوتر ان صليتم في جماعة (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وِترا).

يستحب فيها الاعتكاف: فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله تعالى، ثم أعتكف أزواجه من بعده ). وفى العام الذي قُبض فيه النبي اعتكف عشرين يومًا، أي: العشر الأواسط والعشر الأواخر جميعًا. كما يستحب فيها صلاة القيام: (مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه). كما يستحب فيها الاكثار من الدعاء: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وافقتُ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عني). كما لا ينبغي ان يتوقف ذلك على الشحص بنفسه، بل يقتدي بفعله صلى الله عليه وسلم بإيقاظ الأهل للصلاة: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله). ولا يفوتنا التذكير بالمحافظة على الصلوات في المسجد: خصوصًا المغرب والعشاء والفجر.

وتقبل الله صيامكم وقيامكم وأدرككم ليلة القدر وغفر لكم، ولا تنسونا بهذه الليالي من دعواتكم.