الظهور الاعلامي للوزراء..اول الرقص حجلان!!



مما لا شك فيه، ولا جدال او اختلاف في الرأي حوله، ان وسائل الاعلام والاتصال، تعتبر الرافعة الوازنة الاهم، لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة، وتطور المجتمع، والمشاركة الحقيقية في مسيرة التقدم الانساني، والاسهام في الحضارة البشرية، لترك بصمة تدل وتؤكد الحضور الفاعل الحي، وانك كمجتمع، لست مجرد رقم في تعداد سكاني ينتظر افراده الموت ببلاهة !!.

واذا كانت وسائل الاعلام والاتصال تحظى بهذه الأهمية، وتعتبر المحرك الديناميكي لتطور البشرية وتقدمها، وهي كذلك ، فإنه من الواجب والحتمي والملح ، ان تنبري الاقلام النظيفة والشريفة الأصيلة المدافعة عن حرية الرأي والتعبير ، وصونهما والالتفاف حولهما ، وحمايتهما من اي اعتداء، في تناول المسألة الاعلامية مرارا وتكرارا دون كلل او ملل او ياس او استسلام ، او اذعان للكواتم التي توجه رصاصها ، لهذه المسألة لاصابتها في مقتل ، لاغتيال دورها وحرمان المجتمع من اي امل في النهضة وتحقيق التقدم والازدهار .

وفي هذا السياق ،انظر الى ما تناوله محرر الشؤون المحلية ، ل جو ٢٤ ، تحت عنوان " الحكومة الواثقة من نفسها لا تخشى الاعلام ابدا "، والذي تستشف منه خلاصة تؤكد ان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة،رفع منذ بداية عهده في الرابع بيمينه شعار شفافية الحكومة وانفتاحها على وسائل الإعلام، واسقطه بيساره عبر ممارسة عنوانها "انغلاق كامل" ، يتمثل في احجام الوزراء عن الظهور الاعلامي ، بل وشكاوى أمناء عامين وزارات " منعهم من التصريح" !!.

ويلتمس المحرر عذرا للرئيس اذ انه "ربما يرى أن وزراءه لا يمتلكون الكفاءة للظهور عبر وسائل الإعلام " ويستدرك بالدعوة لحل هذه المشكلة "بتدريبهم وتأهيلهم" ، خاصة إن وصل الخطأ والزلل حدّ الاساءة إلى مؤسسات وطنية هي محلّ اجماع واحترام الأردنيين كافة!.

وبالتأكيد الاشارة هنا الى من يفترض ان يصوب مسار الظهور الاعلامي وضبط ايقاعه وتوجيهه ليصب في بوتقة ايصال رسالة الاردن ، وهو وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة ، ولا حاجة للتذكير بتصريحه الذي حجم دور الاردن وانتقص من بطولات اشاوسه على جبهات القتال ، ودحر العدو في معركة إعادة الكرامة !!.

نعم ، سجلت على عديد من وزراء الحكومة ،سقطات لا تغتفر خلال ظهورهم الاعلامي ، ويتوه في لملمتها على الاغلب ،الناطق الاعلامي في الوزارة الذي يجد نفسه وجها لوجه امام قنبلة انفجرت وتنأثرت شظاياها في جبين وزارته .

وخلال مسيرة العمل كناطق اعلامي ،واجهت مثل هذه الانفجارات ، ولطالما طالبنا كناطقين اعلاميين ،من رئاسة الوزراء ، خلال الاجتماعات الدورية للناطقين الاعلاميين ،بمسألتين على درجة كبيرة من الأهمية . الاولى : اقناع الوزراء بأهمية دور الاعلام والانفتاح عليه والتواصل معه ،والثانية : تدريبهم على الظهور الاعلامي، من حيث شكله ومضمونه على حد سواء ، ولا حياة لمن تنادي ، والشاهد كل هذه السقطات الاعلامية ،التي يندى لها الجبين احيانا .

واذ اتفق مع المحرر حول اهمية تدريب الوزراء وكبار المسؤولين ،على الظهور الاعلامي ، لكنني ارى ان هنالك ما هو اهم واجدى وانفع ، والمتمثل في ايجاد الناطق الاعلامي المؤهل والمدرب والمسلح بالعلم والمعرفة ومهارات الاعلام والاتصال وفقا للمارسات الفضلى ،على هذا الصعيد .

واذا كانت العرب تحتفل وتحتفي بميلاد شاعر ليكون صوتها المجلجل وصورتها البهية ، قبل عقود من الزمن ، فإن على الدولة في عصرنا الراهن ،عصر الاعلام ،ان تحتفي بميلاد ناطق اعلامي ، ذلك ان حروب اليوم لا ينتصر فيها الا من يمتلك الإذاعات وقنوات التلفزة والورق والحبر ومنصات التواصل الاعلامي الأصيلة المهنية التي تحمل رسائل ومضامين مدروسة .

وللامانة التاريخية فان الدولة في مرحلة ما اولت الناطقين الاعلاميين في الوزارات والمؤسسات جل الاهتمام ،وحرصت على تأهيلهم وتدريبهم، على اعلى المستويات ،والحاقهم في دورات محلية وعربية وعالمية متقدمة ، وقد اتيح لي شخصيا المشاركة في العديد من هذه الدورات رفيعة المستوى ، داخل المملكة وخارجها .

اما الغريب المريب ،فهو الاجهاز على هذه التجربة الناجحة واجهاضها، ومن يتابع اعلامنا في الوزارات والمؤسسات ،يلاحظ دون عناء وبعيدا عن مشقة البحث ،الغياب الكامل للناطقين الاعلاميين ، وبالتالي الظهور الهزيل لوزارء يتخبطون بجهلهم باصول المهنة ، ويلقون بالتصريحات جزافا ،فيقعون في فاحشة الثرثرة والكبائر في ممارسة الاعلام !!.

مطلوب اليوم ،ليس تدريب الوزراء على الظهور الاعلامي ،على اهمية ذلك ، وانما تيسير ميلاد ناطقين اعلاميين اكفاء والاحتفاء بهم ليكونوا في واجهة الظهور الاعلامي الواعي المدرك لدوره ورسالته وشرف المهنة واصولها وضوابطها المهنية والاخلاقية والإنسانية، وفيما عدا ذلك سيبقى يطل علينا هواة التجريب والتخريب ووأد الاحياء في مقبرة الاموات !!.

وبعد ، ليس غريبا او مفاجئا تقرير مركز راصد الخاص بمراقبة أداء حكومة الدكتور بشر الخصاونة ضمن الفترة الواقعة 12/10/2020 ولغاية 12/4/2021، فيما يتعلق بممارسة الحكومة لمبدأ الشفافية وإتاحة المعلومة للمواطنين والإعلام .

وحسب التقرير المنشور اخيرا يرى 4,7% من الأردنيين أن الحكومة مارستها بشكل كبير، بينما يرى 18,4% أن الحكومة مارستها بشكل متوسط، ووصلت نسبة الأردنيين الذين يرون أن الحكومة مارستها بشكل ضعيف إلى 32,1%، وأخيراً لم يرى 44,8% من الأردنيين أن الحكومة مارست مبدأ الشفافية وإتاحة المعلومة للمواطنين والإعلام.

والسؤال اليوم لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونه ، هل يفوق من غفلته عن دور الاعلام ، في دفع عجلة التنمية وتحقيق التقدم والازدهار ؟؟ وهل يعيد البريق لدور الناطقين الاعلاميين في الوزارات والمؤسسات ،للخلاص من الظهور الاعلامي ، الذي اقل ما يوصف به انه هزيل !!.