رمضانيات 28 - “مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ”



في هذا اليوم 28 رمضان من عام 1442 هجرية كانت تستعر ملحمة جديدة سطرها المرابطون والمجاهدون من أهلنا في القدس وفلسطين، ، معركة سلاحها الايمان والصيام والإرادة والوحدة، وبعض الحجارة والكاميرات، ستضاف لمعارك الامة التي حدثت في مثل هذا الشهر كمعركة بدر الكبرى وفتح مكة وعين جالوت، معركة سيسجلها التاريخ لأنها فرقان جديد كفرقان بدر، فرقان بين أهل الحق والايمان من جهة، وعصابات الاحتلال والمطبعون والخونة والمتخاذلون وأعداء الدين في بلاد العرب أولا ممن يحملون القابا ويملكون أموالا (ستكون عليهم حسرة) ويقودون جيوشا لقتل الضعفاء من المسلمين ولاستعراضات الهيبة الزائفة. وكما امتن الله على الرسول صلى الله عليه ةسلم والصحابة قراناً يتلى (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) هو يمتن على عباده بنصرهم عزلا من أي سلاح مادي أمام جبروت الة عسكرية وإعلامية وسياسية ضخمة.

يتساءل أناس عن النصر، كما تساءل الرسول والمؤمنون سابقا، والحقيقة ستتكرر، ان تمسنا البأساء والضراء وننجح في امتحان الايمان والصبر، فيكون الوعد حينها بالنصر القريب، اذ لصت الاية القصة الطويلة بكلمات معدودة (أمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).

ينبغي أن نعي هذه الحقيقة في صراعنا مع اليهود المحتلين وغيرهم ، فلا نيأس ولا نكل ولا نمل، ولا نخشى من القتل والدمار، فإن كنا نألم فانهم يألمون، فحذار الاستسلام والهوان والتطبيع والتعاون الأمني .... فربنا يسجل هذا بقوله (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً)، وقوله وهو يؤكد حقيقة عزة المؤمنين (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ويبطل كل نظريات السلام والتعايش وانصاف الحلول مع ألد أعداء الله ( فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ). الا يكفي ان الله سيكون معنا ؟.

الجهاد والصبر شرطان اساسيان من شروط النصر (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ). كما ترك موالاة الأعداء وان الركون لهم سبب ذلة وليس عزا شرط أخر(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعا) . وشرط اخر تأتي الايات لتؤكده (ولينصرنّ الله من ينصره) وقوله (إن تنصروا الله ينصركم ويُثبت أقدامكم )
وقوله تعالى (حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ) سؤال لم يصدر من بشر، بل صدح به الرسول والمؤمنون معا، يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله : إن سؤالهم ( متى نصر الله ) ليصور مدى المحنة التي تزلزل مثل هذه القلوب فتبعث منها ذلك السؤال ، وعندما تثبت القلوب على مثل هذه المحنة المزلزلة عندئذ تتم الكلمة ويجيء النصر من الله . إنه مدخر لمن يستحقونه ، ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية . الذين يثبتون على البأساء والضراء الذين يصمدون للزلزلة . الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة . الذين يستيقنون أن لا نصر إلا من الله وعندما يشاء ، فهم يتطلعون فحسب إلى نصر الله .

وشرط اخير جاء في قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) فليس المكافئة لهم او المتفوقة عليهم، ثم تلجأ الى الله بالدعاء (اذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ) عندها يتحقق (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي، إن الله قوي عزيز). ما احوجنا أن نعي حقيقة النصر ونصوب حياتنا نحو طريقه.

وتقبل الله صيامكم ونصرتكم لأهلكم في فلسطين في كل أمر، ولا تنسوهم من دعائكم.