صواريخ غزة تنتصر للقدس وعمان تنتفض لهما....
لن أكون في صف المتخاذلين الانهزاميين الذين يستكثرون على غزة التصدي وتحدي الترسانة العسكرية الإسرائيلية ، بل سأكون من المتفائلين والداعمين للقوى السياسية الفلسطينية في الداخل( بإستثناء موقف السلطة المتخاذل. ). معتبرا أن ما تم إنجازه من قبل غزة وأهلها وقادتها ضد الكيان المحتل تعجز عنه دول مستقلة ودول ذات نفوذ سياسي وعسكري في الإقليم.. ما تم على أيدي اهل القدس (المقادسة ) واهل غزة وفصائلها المقاومة الباسلة.. وسام شرف يسجل للعرب وللمسلمين جميعهم لانهم يدافعون عن بقعة مقدسة للمسلمين برمتهم ، ولأن ما قاموا به كان دفاعا عن شرف الأمة ونيابة عنها، تلك الأمة التي التي أصبحت عاجزة عن تحدي إسرائيل عسكريا بل وحتى سياسيا . لماذا نعتز بنا قام به اهل غزة ودلالته؟ لأن ما تم على أيدي غزة وصمودها في وجه الإرهاب الإسرائيلي هو دفاع عن مستقبل الأمة وامانيها وصونا وحفاظا على قبلة المسلمين الأولى التي عجز العرب عن التصدي العسكري دفاعا عنها في وقتنا الحالي، في ظل البيئة الاستراتيجية العربية الهزيلة والضعيفه مكتفين بردود الفعل السياسية والمعنوية ... التي لا نقلل من شأنها لكنها محدودة الأثر، لانها لا تجبر إسرائيل على وقف بطشها وتماديها على المقدسات. ولأن إسرائيل لا تفهم الا لغة القوة للأسف. كما أن مواقف العرب الضعيفة هذه لن تجبر إسرائيل على تقديم تنازلات ، بل ان مواقف المقادسة والغزيين العسكرية هي الوحيدة فقط القادرة على تحقيق شي على الأرض. لصالح القضية الفلسطينية وليس شي اخر، كل صاروخ يدك تل أبيت ومستوطناتها سيحرز أثرا ابجابيا اكثر من كل التنديد والشجب والمؤتمرات الداعمة لكنها غير مجدية كصواريخ غزة.
بداية لابد من من تجسيد الحالة السياسية الفلسطينية (في القدس ) التي وقعت في العشر الأواخر من رمضان والتي تمثلت واضحة بإعلان إسرائيل حربها على القدس والفلسطينيين، جراء محاولة إسرائيل القيام باحتفال تحت اسم القدس الموحدة وافساح المجال لليهود للممارسة طقوسهم الدينية، ومحاولة لفرض سياسة التهجير على حي الشيخ جراح، وممارسة التتويد بشكل فعلي، ومحاولة فرض ارادتهم على المقادسة بالتهديد والوحيد والبطش والاعتقال وتجريدهم من ارادتهم وهويتهم.. فكانت ارادة المقادسة الرافضة لمحاولة البطش والنهويد وطمس الهوية لهم بالمرصاد بتصد يهم لهم بكامل قدراتهم، فتحدوا تلك الإرادة الإرهابية بالصمود والتضحية دفاعا عن مسرى الرسول الذي بارك الله فيه وحوله.. ونجحوا في ذلك الامتحان أن اثبتوا انهم أصحاب الحق، وأن اليهود هم الطارئون. فرضوا إخلاء بيوتهم في الشيخ جراح، واصروا على ممارسة العبادة في الأقصى رغم كل العقبات، وقد نجحت ثورتهم وسياستهم تلك بأن تعاطف اهل الضفة الغربية والداخل الفلسطيني كلة ، وأهل غزة البواسل أيضا معهم والى جانبهم، فكان التحدي والنصر...وارى أن ما تم بالقدس كان عبارة عن ثورة، ثورة شعبية وليست انتفاضة، فالثورة غالبا ما تكون اكثر قوة من الانتفاضة وتاتي شعبية رافضة للحال القائم الذي يقوم على مبررات قوية وفقا لأسباب وجيهة، والذي غالبا ما يتبعها ردة فعل عسكرية او مقاومة، فكانت ثورة وآية ثورة فقد حصدت نجاحا رائعا في غزة ، غزة هاشم التي حطمت معنويات كيان يهود وغطرستهم وكشفت ضعف كيانهم المغتصب بضرب (تل أبيب) ومدن فلسطينية أخرى، معلنة بذلك نجاح ثورة القدس والمقادسة.
أرى انه في الوقت الذي عجز العالم ودول الإقليم والمنظمات الدولية المزيفة والولايات المتحدة الأمريكية الراعية للسلام (كما تدعي ) عن فك الحصار عن الاقصى وانقاذ المقادسة من بطش يهود وظلمهم وتنكيلهم.. وافساح المجال لهم لممارسة طقوسهم الدينية،، هبت غزة بصواريخها وهبت كتائب القسام ووعودات ابي عبيدة لإنقاذ القدس من جبروت إسرائيل، في الوقت المحدد بعد تجاوزها كل الحدود باخذ مفاتيح الاقصى واشعال النيران وإطلاق الرصاص بداخلة، دون ايلاء شأن او التزام بكل المواثيق الدولية والاتفاقيات تجاه القدس والعبادة فيها بما فيها خصوصية الدولة الأردنية والوصاية الهاشمية في القدس كما هو متفق ومتعارف علية. فاي دولة هذه التي لا تقيم وزنا للعهود والوعود، هذه الدولة التي لا تعرف سوى القوة، ولن يثنيها عن ظلمها وبطشها الا قوة عسكرية مقابلة لها رغم صعوبة المقارنة في حجم الترسانة العسكرية بين الجانبين.
إن قيام كتائب القسام بدك تل أبيب وعسقلان بالصواريخ حمل دلالات كثيرة وكبيرة جدا ونتائج باهرة أيضا نجملها على النحو التالي:
اولا _ إن انتصار القدس وأهلها واجبار المحتل على فك الحصار عنها جاء من غزة، فالنصر جاء من غزة والمقاومة الإسلامية المسلحة دون غيرها، في ظل عجز السلطة الوطنية وتخاذلها وتهاوها، وفي ظل عجز اقليمي عن نصرة غزة أيضا ومناصرتها عسكريا ، مما يثبت ان النصر للقدس لن يكون الا من الداخل الفلسطيني نفسه.
ثانيا _ نجاح كتائب القسام بتغير المعادلة السياسية الفلسطينية بالكامل، فقد اثبتت تلك الكتائب المسلحة ان هناك شعب قادر على المقاومة بدءا من إشراف القدس وحرائرها بالإضافة لأهل الضفة الغربية حتى الداخل الأخضر، فكلهم لبوا نداء القدس هذا من جهة، من جهة ثانية اثبتت صواريخ القسام كشف النوايا الحقيقية للمكون السياسي الفلسطيني وارادة التصدي والصمود في وجه الاحتلال والذي تمثل لمقاومة غزة وفصائلها المسلحة وحدها مع ضعف وتهمبش دور السلطة الفلسطينية وعدم اهليتها للدفاع عن القدس وفلسطين بل هي مجرد ديكور لا أكثر ولا أقل، أصبحت مجردة عن اي ردة فعل لا عسكرية ولا حتى سياسية مما يستوجب تهميش السلطة كقوى فلسطينية واستبدالها بالفصائل الفلسطينية القادرة على القيام بمسؤوليتها الوطنية او تلك التي تثبت جدارتها وقدرتها على الدفاع عن الشعب الفلسطيني، دون البحث عن مكاسب أخرى كما هو الحال بالنسبة لحركة فتح المتهالكة والمتقاعصة عن نصرة الشعب الفلسطيني عسكريا حتى سياسيا واكتفائها بتصريحات غير مجدية، لا تسمن ولا تغني من جوع.
ثالثا _ما قامت به غزة من ضرب لإسرائيل ادخل الفرح والسرور لكل الشعوب العربية وقادتها من داخل أنفسهم حتى اؤلئك المطبعون. وما قامت به غزة اغرى الشعوب العربية وايقذ مشاعرهم وحنينهم للقدس، الأمر الذي جعلهم يجددون مسألة وجود شعوب حية وما زالت فلسطين قضيتهم المركزية، والاستعداد للدفاع عنها، وما السماح للشعوب العربية بالقيام بمظاهرات ووقفات تنديد لإسرائيل وحربها ضد غزة ومحاولات اختراق لحدودها من قبل شعوب دول الجوار في الأردن ومصر ولبنان ، الا لدليل واضح على دعم بعض تلك القيادات والأنظمة السياسية لأحلام شعوبها وامانيها بتحرير فلسطين وعدالة قضيتهم،، كما أن ما قام به اؤلئك الشباب المتحمسون يصب في باب حبهم لفلسطين ودعمهم لاخوانهم غرب النهر واسماتتهم للدفاع عن القدس، التي تعد مسؤولية الدفاع عنها واجب شرعي لكل من يدين بدين الإسلام.. وأعتقد أن ما تم هو رسالة موجهة من تلك الشعوب وقادتها ان ما تمارسة إسرائيل المتغطرسة عمل مرفوض وغير مقبول،، ورسالة واضحة من قادة العرب أن ما تمارسة إسرائيل فاق كل المعايير، وأن هذه الانظمة السياسية في لحظة معينة قد تكون غير قادر على السكوت أمام شعوبها عن ما تفعله اسرائيل من انتهاكات وخروقات للقانون الدولي،، مما يجعلهم في لحظة معينة مضطرين الرضوخ لشعوبهم لاستخدام كافة الوسائل المتاحة للتصدي لإسرائيل بما فيها الحلول العسكرية والجهاد المقدس ضد ذات الكيان المغتصب للارض، كما أن ما حدث على حدود تلك البلاد العربية مع إسرائيل يعد دقا لناقوس الخطر ومؤشرا خطير على وجود تلك الدولة المحتلة ( إسرائيل) وايجابيا تجاه القضية الفلسطينية على أن الشعوب في طريقها للوحدة إزاء قضيتها العادلة وفي دفاعها عن فلسطين والقدس، وتكاد تكون رسالة سياسية لإسرائيل فيها تأكيدا على أن الاحتلال مهما طال فلابد للقدس من يحررها، فكما وهب الله لها صلاح الدين ليحررها فسيكون في القريب العاجل من يضع حدا لإسرائيل وجبروتها وظلمها مهما علت وبطشت واستطالت.. فحشود الشباب العربية بدماءها المتجددة على حدود فلسطين من جهة الأردن وسيناء ولبنان رسالة سياسية ربما تؤتي أكلها، وأن الأردن بقيادتها وبشعبها وشبابها الأكثر قربا وتضحية للقدس وفلسطين وأهلها..فعمان والقدس رئتان في جسم واحد وقلب واحد..