عندما يؤدي انخفاض الطلب إلى إعاقة تقدمنا نحو مناعة القطيع



حالياً، تقوم الولايات المتحدة الأمريكيه بالسير نحو حقيقة جديدة لا يمكن توقعها، الإمدادات من لقاح فيروس كوفد-١٩ لم تعد مشكلة، بل الطلب على اللقاح أصبح المشكلة. حينما حذر باحثون وخبراء طبيون سابقاً بسيناريوهات مشابهة قد تحدث، الأسباب المرتبطة بالخوف وعدم التأكد من أخذ اللقاح بين عدة مختلفة من مجموعات اجتماعية ديموغرافية.

التردد في أخذ اللقاح لا يعتبر معوقا جديدا عند التطرق لمكافحة الأوبئة، حيث كانت معوقا كبيرا في الإنفلونزا الموسميه وجائحة (H1N1) عام ٢٠٠٩. بحوث صاعدة في مجال الصحة العامة ودراسة السلوك البشري في العشر سنوات السابقة تظهر ترددا متزايدا في السنوات العديدة السابقة من بين أعداد من السكان، حتى بين العاملين في القطاع الصحي. المجموعات الاجتماعية المعاكسة للتلقيح في الولايات المتحدة في نمو منذ عدة سنوات، مجموعة بعدة عوامل، فتلك ساهمت في إزدياد نسبة السكان في الولايات المتحدة وأوروبا الذين يرفضون التلقيح في السنوات السابقة. بصورة ممثلة، مستوى العدوى للإنفلونزا الموسمية في إنخفاض، بالرغم من أن إنتشار مرض الحصبة بين أهمية أخذ اللقاحات من قبل السكان، لكن حيث أن اللقاح أثبت فعاليته في القضاء على مرض الحصبة في الولايات المتحدة، تحت المجتمعات غير الملقحة ساهمت في ظهوره مجدداً. بالإثباتات، التردد بأخذ اللقاحات ساهم جذرياً بإنخفاض نسب التلقيح بين السكان ويشكل تحديا كبيرا لخبراء الصحة العامة بموجب محاربة الأوبة المعدية، ففي عام ٢٠١٩، منظمه الصحة العالميه صنفت تردد السكان بأخذ اللقاحات واحدا من أعلى ١٠ مخاطر تهدد الصحة العالمية لعام ٢٠١٩.

في سياق جائحة كوفيد-١٩، خطر تردد السكان في أخذ اللقاح أصبح بارزا أكثر، حيث أن النسب العالية للتلقيح بين السكان أصبح أداة أساسية في مكافحة هذا الوباء. علماً أنه من الصعب جعل اللقاح إلزاميا، خصوصاً في المجتمعات الفردية، فإنه من الأساسي فهم العوامل التي تساهم في تردد السكان لعدم أخذ اللقاح من أجل إعلام صناع القرار وإيجاد طرق تدخل ناجحة سعياً للسيطرة والقضاء على جائحة وباء كوفد-١٩. أوضحت الدراسات إتجاهات ومتشابهات حين تحديد السكان الأكثر عرضة لعدم التلقيح بسبب التردد والمخاوف من أخذ اللقاح. لوهنة، المتغيرات الاجتماعية الديمغرافية بخصوص التردد والتخوف العالي في أخذ اللقاح تتضمن عوامل مثل دخل الفرد (مثال: أن يكونو من ذوي الدخل المنخفض)، العمر(مثال: المرضى الأصغر عمراً يكونو مترددين أكثر لأخذ أي لقاح، بسب أنهم يعتبرون أنفسهم معرضين لخطورة أقل من هذا الوباء مقارنة بالأكبر منهم عمراً)، المستوى التعليمي (مثال: لديهم مؤهلات علميه أقل)، الأصل أو النسب ( مثال: من يعتبرون نفسهم من الأقليات).

هذة العوامل الاجتماعية الديموغرافية مرتبطة إرتباطا مباشرا مع نسب تلقيح منخفضة للأوبئة من بين سكان مناطق مختلفة وسكان متنوعين. استهداف هذه المتغيرات قد تؤدي إلى نسب تردد أقل من بين سكان معرضين حيث أن نسب التلقيح يمكن أن تكون محدودة، حيث أنها يمكن أن تحفز مناعة القطيع بينهم وتحسن المخارج الصحية لوباء كوفد-١٩. 

نظريات مثل هذه يتم دعمها بأمثلة على أرض الواقع التي نشهدها حالياً. كمثال، في مدينة لوس أنجلوس، أوضح الخبراء قلقهم بنسب تلقي اللقاح المتدنية بين السكان السود وذوي الاصول الأمريكية الجنوبية، الذين لديهم نسب تلقيح ١٩٪ و ١٧٪ بالترتيب. هذا يعتبر نسبة تلقيح منخفضة مقارنة بنسبة تلقيح سكان لوس أنجلوس التي هي ٣٧٪ . ليس مفاجئاً، هذة المجموعات تم ضربها بقوة من قبل الوباء. لكي يتمكنوا من وصول سكان لوس أنجلوس بأجمعهم لمناعة القطيع والوصول لبر الأمان، من المهم وصول هذه المجموعات لنسب تلقيح مشابهة لباقي السكان.

اليوم، الولايات المتحدة محظوظة بأن العرض والانتاج للقاح كوفد-١٩ يوازي الطلب الحالي، إذا الاستراتجيات الحاليه ليست بوضعية لزياده الطلب على التلقيح، ممكن أن نشهد عصر يقوم به تردد السكان مضموناً مع عدم اتاحته أمام البعض منع التطور إلى متطلبات مرحلة مناعة القطيع. الخطط المستقبلية وسبل التدخل يجب أن يتم تصويبها نحو الأقليات من السكان من هم أكثر عرضة للإصابة بكوفد-١٩ وأيضاً اكثر عرضة للتردد بأخذ اللقاح.


** يزن أحمد العجلوني باحث صحة عامة في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك وطالب طب في كلية الطب بنيويورك – مستشفى وستشستر. لديه العشرات من الأبحاث العلمية في مجال الصحة العامة، بالإضافة إلى مساهمته في كتابة أربع فصول لكتب علمية تركز على الصحة العامة وعلوم المتعلقة بمنطقة المعيشة والجغرافية المكانية للمكان الذي نعيش به.