الفيسبوك يستحيل لاداة تزيف الوعي وتضلل الرأي العام وتصادر حق الناس في التعبير



كتب احمد الحراسيس - بينما تُعرّف "فيسبوك، انستغرام، تيك توك" نفسها على أنها مواقع للتواصل الاجتماعي وتبادل الآراء المختلفة، تُثبت سياسة هذه المواقع في التعامل مع الأحداث المتلاحقة - ونحن هنا نتحدث عن العدوان على الشعب الفلسطيني - أنها أدوات لتزييف الوعي وتضليل الناس وغسل ادمغتهم و ذلك من خلال تغييب الحقائق والسماح بضخّ معلومات من شأنها توجيه المستخدمين باتجاه معيّن. وهذا ما بدا جليّا في تعامل هذه المواقع وعلى رأسها "فيسبوك" مع الاعتداءات الصهيونية على القدس والعدوان الغاشم على قطاع غزة.

باختصار، يقوم "فيسبوك" بحظر وتعطيل حساب أي مستخدم يبثّ منشورات مناهضة للاحتلال الصهيوني، أو حتى داعمة للفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية، معتبرا تلك المنشورات مخالفة لسياساته، وهو الشيء ذاته الذي تفعله "مواقع التواصل" الأخرى، ولكن بدرجة أقلّ من "فيسبوك". حيث حذفت مواقع التواصل حسابات عشرات آلاف الأردنيين والعرب، وحسابات مؤسسات اعلامية عريقة و واسعة الانتشار قامت بتغطية مهنية لمجريات الاحداث في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، و بما يشكّل تواطؤا وانحيازا واصطفافا مع الاحتلال و بنفس الوقت معاداة للفلسطينيين والعرب.

اللافت أن تلك المواقع لا تفعل ذات الشيء مع الأشخاص والحسابات التي تبثّ محتوى يدعم الاحتلال أو يحرّض على الفلسطينيين، ما يشكّل ازدواجية مقززة تكشف الوجه الحقيقي لوسائل التواصل تلك،والتي يبدو انها شريكة في العدوان وفي المؤامرة على اعتبار انها واحدة من ادوات الحرب الالكترونية او الاعلامية التي توظف لصالح تسويق وجهة النظر الصهيونية ، و التعتيم على وجهة النظر التي تعكس حقيقة ما يجري من انتهاكات لحقوق الانسان وللقانون الدولي !

الخبير في الأمن السيبراني ومواقع التواصل الاجتماعي، المهندس محمد علي خريشة، قال إن أفضل ما يمكن اللجوء إليه من قبل العرب والمسلمين والمتضامنين مع القضية الفلسطينية (حكومات وأفراد) أن يتمّ وقف الاعلانات عبر الفيسبوك.

ولفت الخريشة في منشور عبر صفحته على "فيسبوك": هناك أيضا بدائل لموقع "فيسبوك"، والتحوّل إليها جزء من الحلّ، ليست بجودة "فيسبوك" في هذه الفترة لكنها تغني عنه، والحديث هنا عن تطبيق "Baaz"، وهو تطبيق عربي للتواصل الإجتماعي يعمل على Android و iOS.

وحول آلية تعامل فيسبوك مع المحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، بثّ الخبير في مواقع التواصل الاجتماعي، حسام خطاب، منشورا أوضح فيه عدة نقاط هامة، لافتا إلى تحقيق نشره موقع The intercept، واستطاع الوصول إلى سياسات داخلية سرية لشركة الفيسبوك خاصة بالتعامل مع مفردة "الصهيونية"، وهذه السياسات معمول بها منذ 2019 مع أن الشركة أنكرت وجودها في شهر آذار الماضي. لم يكونوا صادقين حيالها.

وقال خطّاب: "في شهر آذار الماضي، صرّحت فيسبوك بأنها لم تصل لقرار حاسم بشأن استخدام كلمة (الصهيونية) كمفردة خطاب كراهية، وامكانية اعتبارها بديلا عن (اليهود)، بينما وجد التحقيق أن السياسة موجودة فعليا منذ عام 2019، ومطبقة على المنتجات التابعة للشركة بما فيها الفيسبوك والإنستغرام".

ولفت إلى أن مراجعة المنشورات والتعليقات ليست كلها آلية، فشركة فيسبوك توكل هذه المهمة أيضا إلى شركات وسيطة لتراجع المنشورات والتعليقات، ويقوم بها موظفون بشريون؛ بمعنى أنها خليط من الاثنين: آلية ويدوية، وهذا يتيح فرصة جيدة لعدم تطبيق سياسة موحدة مع جميع المنشورات والتعليقات من كل البلدان.

وكان "فيسبوك" حظر عشرات آلاف الحسابات من مؤيدي المقاومة في الأردن، فيما أوقف موقع "يوتيوب" بشكل مؤقت خاصية البث المباشر عن قناة الجزيرة عبر الموقع قبل أن يعيدها للعمل، وهو ما حدث مع عدد من وسائل الاعلام المحلية ، حيث قامت منصة ال تيك توك بحظر عدد من صفحات وسائل الاعلام الاردنية.

الادهى ، والامر ، ان ادارة الفيس بوك اخذت تعبث باللوغارثيم الخاص بوصول الادراجات الى الناس ، الى الاصدقاء والمتابعين ، بمعنى ان ال reach بات في ادنى معدل له على الاطلاق وذلك كما اكد لنا عدد كبير من المختصين في هذا المجال ، وخاصة تلك الادراجات التي تتضمن هاشتاغات تتعلق بقصف غزة او دعم المقاومة وادانة العدو الصهيوني .

العدوان الاسرائيلي الحالي على الأهل في فلسطين أثبت بما لا يدع مجالا للشكّ انحياز مواقع التواصل ضدّ العرب والفلسطينيين، فقد سقطت هذه المواقع سقوطا أخلاقيا كبيرا بعدما تحوّلت إلى أداة من أدوات تزييف الوعي وتقييد الحريات، لتصبح أداة من أدوات القمع والتنكيل والاستعمار.

لعلّ الأمر الايجابي في تلك الممارسات، هو تجذير ثقافة المقاطعة في نفوس العرب ومناصري القضية الفلسطينية، حيث يهجر الشخص المحظور من أي موقع تواصل اجتماعي ذلك الموقع إلى آخر تكون القيود فيه أقلّ حدّة.. وهو ما ظهر جليّا من خلال ارتفاع الإقبال على موقع "تويتر" كبديل عن "فيسبوك”..، الامر الايجابي ان العرب وكل الشرفاء في هذا العالم باتوا على قناعة تامة بان منصات التواصل هذه ، هي ادوات في يد السلطات والانظمة ، تستخدمها للعبث بقناعاتنا او تحويلنا الى سلعة تباع لوكلاء الاعلانات حسب التصنيف الذي يحددونه .. لقد سقطت اكذوبة الحياد والمهنية وتقديم خدمة التواصل غير المشروطة للمتابعين ، وباتت ادارات هذه المؤسسات في مأزق اخلاقي ومالي كبير سيكون له ارتدادات مزلزلة ، وسيفتح هذا الامر المجال واسعا لولادة بدائل اكثر التزاما بالفكرة واحتراما لذكاء الناس و ارائهم و وجهات نظرهم .