الصفدي: يجب وقف الممارسات الاسرائيلية التي فجرت التصعيد في فلسطين



أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، أن الممارسات الاسرائيلية تدفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد والصراع، وبما يهدد الأمن والسلم الدوليين، مطالبا الأمم المتحدة للتحرّك فورا من أجل حماية ميثاقها وقراراتها، كما طالب المجتمع الدولي بالتحرك لالزام اسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال بوقف اختراقاتها للقانون الدولي والاعتداءات على القدس المحتلة وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.

وأضاف الصفدي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "هناك 65 طفلا و39 أما وأختا وزوجة وابنة، ارتقوا منذ شنّ اسرائيل عدوانها على قطاع غزة المحاصر في العاشر من الشهر الحالي، ومع كل يوم يمرّ دون وقوف المجتمع الدولي على مسؤولياته بوقف العدوان، هناك أب يفقد ابنه وأم تفقد طفلها وطفل يفقد أمه وأباه".

وأشار إلى أن الاحتلال شنّ 120 غارة بواسطة 52 طائرة على قطاع غزة خلال 25 دقيقة، تمّ خلالها تدمير بيوت وقتل أطفال ونساء، لافتا إلى أن العدوان القائم حاليا تسبب خلال الأيام العشرة بتشريد 75 ألف فلسطيني في غزة.

وأكد أن الممارسات الاسرائيلية تدفع المنطقة نحو مزيد من الصراع وتهدد الامن والسلم الدوليين.

وأشار إلى أن الاحتلال الاسرائيلي أحال القدس وهي مدينة السلام إلى ساحة للقهر والتهجير والقمع والظلم، مضيفا إن اسرائيل تستفز مشاعر نحو 2 مليار مسلم باعتداءاتها على المسجد الاقصى الذي يشكل مكان عبادة خالص للمسلمين بمساحة 144 دونم.

ولفت إلى أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعتدي على حقوق الفلسطيين في بيوتهم في سعي منها لتغيير هوية القدس المحتلة، مشددا على أن تهجير سكان الشيخ جراح هي جريمة حرب.

ولفت إلى أن المقدسيين سكان محميون بالقانون الدولي، وأن الدفاع عن سكان الشيخ جراح دفاع عن القانون، كما أن قرارات مجلس الأمن تنصّ على أن لا سلطة للاحتلال ومحاكمه على المقدسيين.

وشدد على أن الأردن سيواصل بذل كل جهد لزوال الاحتلال وتأمين حقوق الشعب الفلسطيني.

وبالعودة إلى العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، قال الصفدي: "إن التصعيد الأخير والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة يجب أن يتوقف، واسرائيل هي من يتحمل مسؤولية هذا التصعيد والعدوان، ويجب أيضا وقف الممارسات التي فجرت هذا التصعيد، وأن تتكاتف جهود المجتمع الدولي لانهاء الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني والذي إن لم ينته فسيتفجر تصعيدا أخطر، ويبقي المنطقة رهين التصعيد، فالاحتلال هو أساس الشر كله، ولن تنعم اسرائيل والمنطقة كلها بالسلام ما لم ينعم الفلسطينيون به".

وأكد أن اسرائيل تقوّض فرص السلام بممارساتها من توسيع الاستيطان ومحاولات تغيير الوضع الديمغرافي في القدس والضفة الغربية المحتلة، لافتا إلى وجود 700 ألف مستوطن في القدس والضفة الغربية المحتلة، مقارنة بنصف مليون في 2010، فيما يمضي بناء المستوطنات اللاشرعية بوتيرة غير مسبوقة وبما يقوّض حلّ الدولتين الذي أجمع عليه العالم كله.

واختتم الصفدي حديثه بالقول: "إن قتل حل الدولتين يجعل حلّ الدولة الواحدة مآلا حتميا، وهذا يفرض سؤالا عن طبيعة هذه الدولة؛ دولة تمنح كل سكانها حقوقا متساوية أم دولة فصل عنصري؟"، مؤكدا أن امكانية تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في ظل نظام أبارتايد هو وهم.


وتالياً نص الكلمة: 

"بسم الله الرحمن الرحيم

معالي السيد فولكان بوزكير، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
الزميلات والزملاء الأعزاء، 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

خمسة وستون طفلاً، وتسعة وثلاثون أماً، وأختاً، وزوجةً، وابنة، ارتقوا منذ أن شنت إسرائيل عدوانها على غزة في العاشر من الشهر الجاري. ومع كل يوم يمر من دون أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، ويوقف العدوان، يفقد أب ابنه، وابن أباه، وأم طفلها، وطفل أمه. 

مئة وعشرون غارة تشنها اثنان وخمسون طائرة على قطاع غزة المحاصر في خمسة وعشرين دقيقة. يرتقي الأبرياء. تدمر بيوت المدنيين العزل، وتنتهك حقوقهم، ويُقتل أملهم في بيت آمن، وفي مدرسة، وفي عيادة.  

في أحد عشر يوماً، شرد العدوان الإسرائيلي حوالي خمسة وسبعين ألف فلسطيني في غزة، لجأ معظمهم إلى مدارس الأنروا، التي ما تزال غير قادرة على تأمين إيصال المساعدات الإنسانية لهم والتي يجب أن يستمر توفير الدعم المالي لها. 

كفى. كفى قتلاً، كفى تدميراً، وكفى انتهاكات للقانون الدولي، ولميثاق الأمم المتحدة، ولقرارات الشرعية الدولية، ولحقوق الإنسان. كفى قتلا للأمل وتجذيرا لليأس وعبثاً بمستقبل المنطقة، التي تدفعها الممارسات الاسرائيلية نحو المزيد من الصراع، وتحرم كل شعوبها حقهم في الأمن والسلام، وتهدد الأمن والسلم الدوليين.

يجب أن تتحرك الأمم المتحدة فوراً لتحمي ميثاقها، وتحمي قراراتها. يجب أن يتحرك المجتمع الدولي فوراً ليوقف العدوان على غزة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وليلزم، إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بوقف خروقاتها للقانون الدولي، واعتداءاتها في القدس المحتلة، وعلى مقدساتها، وفي باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليوفر الحماية للشعب الفلسطيني.  

أحالت سلطات الاحتلال القدس، مدينة السلام، ساحة للقهر والقمع والظلم. تستفز مشاعر نحو ملياري مسلم باعتداءاتها على المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، الذي يشكل بمساحته البالغة 144 دونما، مكان عبادة خالصاً للمسلمين.

وتعتدي على حقوق المواطنين الفلسطينيين في بيوتهم في سعيّ لتغيير الهوية العربية الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة. تهجير سكان حيّ الشيخ جراح من بيوتهم سيكون جريمة حرب. فلهؤلاء المواطنين الفلسطينيين حق بين في بيوتهم، التي ولدوا فيها، وعاشوا فيها، والتي عاش فيها آباؤهم وأجدادهم. أي ظلامية تلك التي تعطي نفسها صلاحية استباحة هذا الحق.

وفق القانون الدولي، المقدسيون سكان محميون. ووفق قرار مجلس الأمن رقم 478 للعام 1980 لا سلطة للاحتلال ومحاكمه عليهم.

الدفاع عن حق أهالي حي الشيخ جراح في بيوتهم دفاع عن القانون الدولي، وعن قيمنا الإنسانية المشتركة. والمملكة الأردنية الهاشمية ستظل تدافع عن أهالي الشيخ جراح وعن حقوقهم عبر جميع الوسائل المتاحة، وبالتنسيق مع أشقائنا في دولة فلسطين.

وسيظل الأردن يوظف كل امكاناته لحماية المقدسيين، والدفاع عن القدس. وسيبقى الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للمقدسات في القدس المحتلة، وحماية الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، أولوية الوصيّ عليها، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي ما انفك يحذر من أن القدس خط أحمر وأن المساس بالقدس ومقدساتها لعب بالنار. 

وستظل المملكة تبذل كل جهد ممكن، وتعمل مع جميع الأشقاء والشركاء، من أجل زوال الاحتلال، وتلبية جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967، ليتحقق السلام العادل والشامل.

يجب أن يتوقف التصعيد الخطير الذي تتحمل إسرائيل مسؤوليته. هذه أولوية اللحظة، وطريقها وقف العدوان فوراً ووقف كل الممارسات الإسرائيلية التي فجرته، والتوصل لوقف لإطلاق النار يُنهي هذه الدوامة الدموية من العنف.

ويجب أن تتكاتف كل جهود المجتمع الدولي لإنهاء الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، والذي، إن لم ينته، سيتفجر حتماً تصعيداً أخطر، وسيُبقي المنطقة كلها رهينة الصراع في كل لحظة.

فالاحتلال هو أساس الشرّ كله. وزواله هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام. لن تنعم إسرائيل بالأمن ما دامت تحرم الفلسطينيين منه. ولن تنعم إسرائيل والمنطقة كلها بالسلام ما ظل الفلسطينيون محرومين منه.

تقوض إسرائيل فرص السلام ببناء المستوطنات وتوسعتها، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، وتهجير السكان، ومحاولة تغيير الوضع التاريخي والقانوني في المقدسات، وتغيير التركيبة الديمغرافية في القدس، وفي باقي الضفة الغربية المحتلة.

هناك أكثر من 700 ألف مستوطن في القدس وباقي الضفة الغربية المحتلة حاليا، مقارنة بحوالي نصف مليون في العام 2010، ومقارنة بحوالي 370 ألف في العام 2000. بناء المستوطنات اللاشرعية يمضي بوتيرة غير مسبوقة. وهذا تقويض ممنهج لحل الدولتين، الذي أجمع العالم كله على أنه السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.

وقتلُ حل الدولتين سيجعل من خيار الدولة الواحدة مآلا حتمياً، وهذا يفرض السؤال عن طبيعة هذه الدولة، دولة تمنح كل سكانها حقوقًا متساوية أم تكرس نظام الأبارثايد؟ ووهمٌ هو الظن بإمكانية تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في ظل نظام أبارثايد، تماماً كما هو وهمُ الظن بإمكانية تهميش القضية الفلسطينية، والقفز فوق فلسطين نحو السلام، وأن يكون الاحتلال من دون كلفة.

الزملاء الأعزاء،
من دون إيجاد أفق حقيقي لإنهاء الاحتلال، ورفع الظلم، وتحقيق السلام العادل الذي يلبي الحقوق وتقبله الشعوب، على أساس حل الدولتين، ووفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية، لن ينتهي تصعيد حتى يتفجر آخر، في دوامة لا نهاية لها من العنف، التي ستدفع المنطقة والعالم ثمنها.

الزملاء الأعزاء،
اللحظة حاسمة، فإما انتظار تفجر هذه الدوامة وكل ما ستجلب من معاناة وعنف ودمار وتهديد للأمن والسلم الدوليين وخرق لميثاق منظمتنا وقيمنا الإنسانية كل بضع سنين، كما هي الحال الآن، وإما تحرك فوري فاعل لمعالجة أساس الصراع من ظلم، وقهر واحتلال، ولإعادة الأمل، والتوصل للسلام العادل والشامل الذي تستحقه المنطقة وشعوبها، والذي يشكل خياراً استراتيجياً وضرورةً إقليمية ودوليةً.

الزملاء الأعزاء،
الخيار يجب ان يكون واضحا. ووقت التحرك هو الآن.

شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،"