سمير غانم.. "طالب الشرطة" الذي أضحك الملايين

بينه وبين جماهيره مساحة من المحبة لم يبددها الموت الذي غيّبه عن عالمنا الخميس، عن عمر يناهز 84 عاما، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، ومع إعلان خبر وفاته ضجت منصات التواصل بالتعازي، ومشاركة مقاطع الراحل التي تكتسي بخفة ظل وحضور طاغ، ليبدأ الجميع سرد حكاية غانم منذ بدايتها، وكأنهم يستحضرون بها روحه.


طالب "الشرطة"

ربما لا يعرف الكثيرون أن سمير غانم بدأ يتأهب لحياته العملية بالدراسة في كلية الشرطة، استعدادا لأن يصبح ضابطا مثل والده، عندما جاء إلى القاهرة قادما من قرية عرب الأطاولة من محافظة أسيوط، التي ولد بها عام 1937.

ومن المفارقات أن ضابط السرية لدى غانم في كلية الشرطة كان الفنان صلاح ذو الفقار؛ إذ كان يحمل رتبة نقيب حينها، وكان غانم شديد الإعجاب به، وكان يرى فيه فنانا رغم شدته وانضباطه، بحسب تصريحات متلفزة سابقة له.

وكما لعبت الأقدار دورها مع ذو الفقار وتحول إلى الفن، تدخلت الأقدار أيضا مبكرا في مصير غانم الذي تحول للدراسة في كلية الزراعة في الإسكندرية، بعدما رسب في كلية الشرطة عامين متتاليين، ومن الإسكندرية بدأت مسيرته الفنية تتشكل.

في عروس المتوسط تعرف غانم إلى وحيد سيف وعادل نصيف، وشكل الثلاثي فرقة "اسكتشات" غنائية تقدم عروضها الفنية على مسارح المدينة، لم تستمر الفرقة طويلا؛ حيث انتقل غانم إلى عالم الأضواء في القاهرة، وبقي سيف في الإسكندرية بسبب دراسته وعمله، بينما سافر نصيف إلى بلجيكا.
 
ثلاثي أضواء المسرح

من القاهرة بدأت الأبواب تُشرع أمام موهبة وخفة ظل غانم، فبعد أن حصل على بكالوريوس الزراعة، التحق بفرقة ثلاثي أضواء المسرح، التي شكلها مع جورج سيدهم والضيف أحمد، لمع نجم سمير غانم حينها، وتحديدا في مسرحية "طبيخ الملائكة" عام 1964، التي تعد ميلادا فنيا كبيرا للفنان المصري الراحل.

قدمت فرقة "الثلاثي" عددا من الأفلام منها: "شاطئ المرح"، و"30 يوم في السجن"، و"فرقة المرح" والمسرحيات مثل: "حدث في عزبة اللورد"، "الراجل اللي اتجوز مراته"، "حواديت"، "جوليو وروميت"، إلى جانب الاسكتشات مثل اسكتش كوتوموتو.

مع وفاة الضيف أحمد عام 1970، تفكك الثلاثي، لكن حافظ الثنائي غانم وسيدهم على التمثيل معا في عدة مسرحيات والأفلام خلال فترة السبعينيات، ومن علامات تلك الفترة مسرحية المتزوجون عام 1978، وكان آخر عمل مسرحي جمعهما هو مسرحية "أهلا يا دكتور" عام 1981.
 


لون فني جديد

كانت لوفاة سيد غانم، عام 1982، أثر كبير في حياة شقيقه سمير غانم، وصفها في تصريحات تلفزيونية قائلا إن وفاة شقيقه السبب الرئيسي في خروجه من فرقة ثلاثي أضواء المسرح، لأنه كان يعتمد عليه في كل شيء، خاصة الأمور المالية والضرائب.

ولفت إلى أنه اعتذر لسيدهم قائلا له إنه لن يستطيع دخول المسرح من دون شقيقه سيد، ليبدأ غانم مسيرة جديدة في الثمانينيات.

في عام 1983 قدم الراحل غانم مع المخرج فهمي عبد الحميد أول حلقة من حلقات فوازير فطوطة باسم "فطوطة والأفلام"، التي نجحت بدورها نجاحا هائلا، ثم تكررت التجربة في "فطوطة والشخصيات" عام 1986، وفي عام 1993 قدم فوازير المتزوجون في التاريخ، من إخراج محمد عبد العزيز، وفوازير أهل المغنى 1994، وفوازير المضحكون 1995.

 إبداع لا ينقطع

امتدت مسيرة غانم وتنوعت بين المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، وشهدت الألفية الجديدة زخمًا في أعماله، ومن أشهرها في السينما "على جنب يا أسطى"، "تتح"، "الحرب العالمية الثالثة"، و"المشخصاتي".

كما شهدت أعماله الدرامية نشاطا ملحوظا خلال الأعوام العشرين الأخيرة؛ إذ شارك في نحو 38 عمل تلفزيوني، من بينها: "بدل الحدوتة تلاتة"، "سوبر ميرور"، "عزمي وأشجان"، "يوميات زوجة مفروسة أوي" بأجزائه الأربعة، "نيللي وشريهان" و"إنسي اللي فات يا فرحات".

وقدم غانم في الألفية الجديدة 7 مسرحيات، ربنا من أشهرها "دو ري مي فاصوليا"، و"خلوصي حارس خصوصي"، و"ترا لم لم"، وآخرهم في عام 2020 مسرحية "الزهر لما يلعب"، كما حفلت مسيرة الراحل بمسلسلات إذاعية، ورسوم متحركة، وكذلك تقديم البرامج مثل "سمير شو".

ربما تبقى من أهم العلامات التي تركها سمير غانم لمحبيه، ابنتيه دنيا وإيمي؛ حيث تحملان جينات فنية استثنائية، امتدت من الأم الفنانة القديرة دلال عبد العزيز، ومن الوالد الذي رحل عن عالمنا وترك فراغًا أسريًا وفنيًا، ربنا لن يخفف من ألمه سوى ابتسامته المحفورة في وجدان الجميع.