بعد كلمة الخصاونة "المؤثرة" تحت القبة.. اربعة وزراء يحاكون عبقرية الرئيس!
كتب محرر الشؤون المحلية - عُقد بالامس ايجاز صحفي كبير في دار رئاسة الوزراء شارك به وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال صخر دودين ووزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي ووزير الداخلية مازن الفراية ووزير الصحة د. فراس الهواري ومدير عام شركة الكهرباء الوطنية امجد الرواشدة وذلك للحديث عن عملية الانقطاع الشامل للتيار الكهربائي في المملكة.
الغريب في الموضوع ان الوزراء الأربعة بالاضافة الى المدير العام المختص لم يجيبوا على السؤال الهام: لماذا انقطع التيار الكهربائي عن المملكة؟ وما هي ضمانات ان لا تتكرر عمليات الانقطاع التي غالبا ما تحدث اضرارا كبيرة يصعب حصرها؟
الرواشدة اكد في الايجاز الصحفي ان الانقطاع جاء بسبب خلل فني ادى الى عدم استقرارية على النظام الكهربائي وفصل خطوط الضغط العالي ومحطات التوليد الكهربائية العاملة .. ما قاله يعني ان الشركة لم تعرف للان سبب الانقطاع الشامل للتيار الكهربائي ، وهذا يعني ان الانقطاع قد يحدث في اي وقت لمدد متباينة قد تزيد عن ست ساعات ..لان كوادر الشركة كما يؤكد الرواشدة لم تشخص السبب لتمنع حدوث الانقطاع مرة اخرى؟ وهذا كلام في غاية الخطورة ..
الرواشدة اضاف ان تحديد الاسباب يحتاج لبحث وتحليل هندسي ، وهذه الانقطاعات تحدث في الانظمة الكهربائية في كثير من دول العالم ، لم نسمع من قبل ان الكهرباء قطعت عن دولة بكاملها دون ان يكون هناك سبب قاهر او كارثة طبيعية او حرب طاحنة ، و هذه كلها لم تحدث ، ثم ما الذي منع كوادر الشركة من القيام بدارسة وتحليل هندسي وتقديم نتائج اولوية تفسر ما حدث بشكل مبدئي وبعد ذلك تقدم تقريرها النهائي ..
اما الوزير دودين فلقد ارتقى مرتقى صعبا للغاية، واخذ يخلط الحابل بالنابل، ويمزج بين السياسة والرأي الفني على نحو ادخلنا في دوامة لا يمكننا معها ان ندرك مرامي ومعاني ودلالات عباراته واستعاراته وعلاقة هذا كله بالموضوع مدار البحث، فما علاقة انقطاع التيار الكهربائي بالجائحة ومسيرات فلسطين وقصة الاختبار الوطني، ثم عن اي اختبار وطني كان صاحبنا يتحدث؟ فلا اظننا قد نجحنا باي اختبار وطني او غير وطني في الاونة الاخيرة!
ويستطرد دودين في عمليات الحشو غير المفيد، فيتحدث عن التناغم بين المؤسسات والتنسيق الذي يجسد عراقة الادارة وقدرتها على مواجهة التحديات.. وكأن عودة التيار الكهربائي يسجل انتصارا كبيرا للادارة العامة الاردنية!!! كلام كبير وجميل ولكننا لا نعرف لماذا قاله الوزير بهذه المناسبة، ونحن امام عملية انقطاع شاملة للتيار لم تستطع الحكومة ان تحدد سببها حتى الان، بمعنى اننا امام حالة فشل كبير للادارة العامة و ليس العكس..
ولم تختلف مداخلة الفراية عن مضمون ما أورده دودين كثيرا، حتى أن الايجاز انتهى ولم نعرف سبب حضور وزير الداخلية فيه!
الهواري تحدث عن استعدادات مبكرة من قبل كوادر الوزارة منذ تسعة اشهر لمثل هذه الحالة الطارئة تحديدا، هذا كلام كبير، يؤكد فيه الوزير بانه ضليع في علم المستقبليات، والخلل في مولدين فقط يعكس جاهزية ممتازة، ولكن كنا بحاجة لمعلومات فنية تفصيلية تؤكد جاهزية مستشفياتنا لعمليات انقطاع طويلة، لاسيما بان جميع المواطنين الذين يحتاجون للاوكسجين سيتوجهون للمستشفيات فور انقطاع التيار الكهربائي، وهذا امر يتطلب جاهزية واستعداد كبير لفرق الإسعاف.
اما تصريحات الوزيرة المعنية بهذا الملف هالة زواتي فكانت مقتضبة للغاية وتتحدث عن خلل فني ونية للتحقق من الاسباب والتعامل مع النتائج..
الوزيرة لم تتحدث عن اسباب انقطاع خطي الضغط العالي كلاهما معا، وعن فشل نظام الاستجابة الفورية وتعويض الاحمال، لم تتحدث عن خطورة اعتمادنا على مغذّ واحد للطاقة، وعدم تخزينها او توليدها في اكثر من منطقة حتى لا يكون استهدافنا سهلا، لم تتحدث عن الانكشاف الامني الذي وقع وكيف يمكننا معالجة هذه الثغرة القاتلة، لم تتحدث عن لجنة للمحاسبة، وسقوط رؤوس كبيرة جراء ما حدث.. الوزيرة للاسف غادرت القاعة دون ان تجيب على اي من هذه الاسئلة!!
لذلك كله استغربنا منذ البداية، ان يتم عقد ايجاز صحفي والوزيرة المختصة لا تعرف طبيعة هذا الخلل الفني، وظهورها امام شاشات التلفزة يعني اعترافها بعجزها وعجز كوادرها عن معرفة ما جرى ..اذا ما الذين ارادت الحكومة ان تقوله للناس؟! يستطيع الناطق الرسمي باسم شركة الكهرباء ان يقول السطرين غير المهمين الذين قيلا في الايجاز، وذلك بدل ان يخرج علينا أربعة وزراء ومدير عام ليقولوا كلاما عاما ،لا يجيبون به على الاسئلة الرئيسية.
الايجاز الصحفي أعاد إلى أذهاننا الكلمة التاريخية التي ألقاها رئيس الوزراء بشر الخصاونة أمام مجلس النواب، وألقى فيها سلامه على أعضاء مجلس النواب وأعضاء حكومته، دون أن نعرف ما الذي أراد الرئيس قوله والرسالة التي أراد ايصالها..