تراجع ثقافة الاستقالة الحكومية،،،
منذ أن تولى دولة الدكتور بشر الخصاونة سلطاته الدستورية وبعد أن فاجأنا بخبر تقديم وزير الداخلية استقالته بعد إجراء الإنتخابات النيابية على أثر انتشار موجة إطلاق العيارات النارية بشكل كثيف من قبل المواطنين في معظم محافظات المملكة ابتهاجا بنجاح نواب مناطقهم في تلك الانتخابات، ولاقت استياءا شعبيا وانتقادا من أعلى المستويات الرسمية، وبعد عدة أشهر ليفاجأنا كذاك بإقالة معالي وزيري الداخلية والعدل لحضورهم حفل عشاء في أحد المناسبات الإجتماعية في أحد المطاعم مخالفين قانون الدفاع بخصوص التباعد الإجتماعي لتعليمات أزمة كورونا، فاستبشرنا خيرا من دولته بأننا نتجه نحو ترسيخ ثقافة جديدة، ثقافة أوروبية تتمثل بمحاسبة كل مسؤول يرتكب خطأ في عمله سواء من قبله شخصيا أو من قبل أي أحد من كادر وزارته أو مؤسسته وذلك من باب تحمل المسؤولية الأدبية والأخلاقية، ليتبعها بعد ذلك باستقالة ثالثة من وزير الصحة على أثر حادثة نقص الأكسجين في مستشفى السلط الحكومي والذي توفي على أثرها سبعة مواطنين أردنيين، وهنا ثبت لنا على الوجه الشرعي وبما لا يدعو للشك واستبشرنا خيرا بدولة بشر الخصاونة بأن دولته يسير في الأردن نحو أربنة الدولة الأردنية اي باتجاه انتهاج السلوك الأوروبي في المحاسبة القانونية والأخلاقية والأدبية، بأن يبادر كل مسؤول إلى تقديم استقالته مباشرة بمجرد حدوث أي خطأ سواء كان مقصودا أو غير مقصود في واجباته الموكولة له أو لوزارته، وهذا ما أكده وزير الإعلام حينما علق وأكد في المؤتمر الصحفي بأن هناك رؤوسا سوف تتدحرج وذلك تعقيبا وتعليقا على تسرب وثيقة رسمية من رئاسة الوزراء تتضمن بعض قرارات اللجنة الوبائية بشأن البدء بتطبيق الحظر ووقف عمل بعض القطاعات الاقتصادية في ضوء عودة ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بوباء كورونا، وما زلنا لغاية تاريخه بانتظار أسماء الرؤوس التي سيتم دحرجتها والتي تحدثوا عنها، لكن وللأسف سرعان ما تراجعت هذه الثقافة وتوقف العمل بها بعد حدوث عدة أخطاء ارتكبها بعض الوزراء، منهم وزير الإعلام نفسه، الذي أدلى بتصريحات بعضها متضاربة اربكت المشهد الأردني، وبعضها نالت من قواتنا المسلحة الأردنية.. الجيش العربي، وتبعه وزيرة الطاقة قبل أيام حينما انقطع التيار الكهربائي عن المملكة لعدة ساعات وأعقبها تصريحات ومبررات متناقضة تنقصها الصحة والدقة في أسباب الانقطاع، ليتضح لنا أن النهج الحكومي وفلسفته تقوم على الكيل بمكيالين في التعامل مع محاسبة الوزراء والمسؤولين عن التقصير في أعمالهم، كنا نتمنى أن يستمر دولته بنفس الثقافة والنهج الذي بدأ به ليعزز الثقة بحكومته، ويرفع من رصيد شعبية الحكومة، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا توقف العمل بهذه الثقافة الإيجابية التي أعطتنا دافعا وحافزا نحو استكمال مسيرة الإصلاحات الإدارية؟ حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.