مجلس الـ91 المختطف وبداية النهاية



كتب شبلي العجارمة -

أنا لم أفلح في مادة الرياضيات يوماً ما، لکنني أجيد حسبة الرعاة ومعادلة الفلاحين عند البيع والشراء، وهي الحسبة التي توارثناها من الأٓباء والأجداد والتي تسمی "طعش طعش"، فعند إعادة المشهد الديموقراطي لعذريته بسلطته الأولی والعليا والممثلة للشعب والتي کانت نتاج مزاج شعبي بامتياز في اختيار من يمثلونهم فقد صعقني نبأ إجماع 91 ناٸباً علی تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة عاماً بأکمله هذا علی الصعيد الشخصي للنائب مما يحيلنا إلی مشهد أوسع وهو تجميد عضوية قبيلة أفرزت للنائب وهي رکن أساسي في مکون الدولة الأردنية من مرحلة التأسيس وحتی الاستقلال، وکذلك تجميد عضوية لواء بکامل رقعته الديموغرافية وکذلك تجميد عضوية دائرة انتخابية مترامية الأطراف من شفا بدران شمالا وحتی حدود محافظة مادبا.

وعند وضع الأمور في نصابها وشکلها الصحيح دون شيطنة الشارع من قبل الحکومة المهيمنة علی المؤسسة الرقابية التشريعية أو بما نسميه في العرف السياسي "مجلس الظل" وهي الأيدي التي تدير دفة المجلس بالخفاء وتسيطر علی معظم قراراته مهما کانت وتشعبت وتنوعت، فإن المشهد لا يتعدی حالة انفعالية لنائب أفرزته منطقة ديموغرافية تم تهميشها وتهميش مکونها الإنساني أكثر من نصف قرن علی الأقل منذ بدء سياسة التمکين ومحاصصة الوظائف العليا والدنيا وکذلك موارد الوطن العامة بحصة لا تتعدی علی أقل تقدير صفر مکعب، فالنائب في کل مناطق المملکة وبالذات في ناعور هو ما بين مطرقة الحکومة المرسوم الضيق وبين سندان إلحاح ناخبيه علی التشريع والرقابة وکذلك أن يمتلك حلولا سحرية لحل کل إشکالاتهم وقضاياهم سواء العامة أو الخاصة، فهنا نجد مجلس ال91 المختطف لم يلتمس البعد النفسي للنواب وحجم الضغوط التي تمارس عليهم من قبل قواعدهم الانتخابية والتي دائما ما تصل إلی حائط التعنت الحكومي أو أصحاب القرار ومزاجية الدولة في منح الفردوس لمن أطاع والعصا السياسية لمن عصی.

إن ال91 ناٸباً الذين تناقضوا مع أنفسهم بالتصويت علی تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة بذريعة أنه أساء لهيبة المجلس المزعومة ولهم شخصياً قد ارتکبوا حماقة ما بعدها حماقة بأنهم أساؤوا لقواعدهم الانتخابية بالدرجة الأولی ولم يعودوا لها لامتزاج رأيها بالتصويت علی هذا القرار الأرعن وکذلك لم يحترموا قبيلة برمتها ولا لواء قدم التضحيات وساهم في مسيرة الوطن الکبری وکذلك الإساءة لأکبر دائرة انتخابية علی مستوی الوطن قاطبة ألا وهي الدائرة الخامسة، ناهيك عن عدم احترام الملح والزاد والهم الوطني المشترك بينهم وبين زميل لهم وصل عن طريق صناديق الاقتراع کما وصلوا هم بذات الصناديق نفسها.

الحائط الأخير والوصول لمرحلة کسر العظم ما بين العقل السياسي والشعب ضمن العقد المدني المبرم باتت حالة أخطر ما تکون طارئة علی صعيد المشهد السياسي الأردني وتحمل من الخطورة أعلی درجاتها بتأزيم الشارع وإلهاء الشارع والرأي العام عن قضايا مفصلية سواء علی الصعيد المحلي والوطني والإقليمي بدءاً من الحالة الوبائية السائدة ومروراً بأزمة الاقتصاد التي تخنق الوطن بإنسانه وانتهاءً لما يجري من صراع البقاء علی أرض فلسطين المحتلة. 

مشهد مجلس ال91 المختطف بالتناقض مع نشوة الاستقلال وما تم من الضرب بعرض الحائط لرغبة الشارع العام وتجميد عضوية آلاف الناخبين لنائبهم أسامة العجارمة ما هو إلا إعادة صياغة لمشهد الشللية وثقافة سياسة اللوبيات والتهميش والإقصاء المتبعة ضمن نهج السياسة العام في مؤسسة أجدی ما تکون أن تکون أنموذجا في استقلالية القرار التشريعي والرقابي والديموقراطية.

الاستقلال هو تاريخ الخلاص من ربقة الأجنبي المحتل، لكن متی سنعلن الاستقلال الداخلي من عدو لا نعرف کم من وجهٍ يرتدي وما هي دوافعه وما هي الأهداف والغايات التي تبنی عليها القرارت الخاطئة وغير المسؤولة؟