بفضل هؤلاء الطبيبات.. دخلت النساء عالم الطب

مستشفى نيو إنجلند للنساء والأطفال صنف كواحد من أول المستشفيات التي اعتمدت بروتوكولات النظافة والتعقيم بالبلاد أثناء العصر الفيكتوري، حظيت النساء بحظوظ ضئيلة لمواصلة دراستهن والحصول على وظائف مرموقة مقارنة بالرجال. فخلال تلك الفترة التي تربّعت خلالها الملكة فيكتوريا على عرش البلاد، كانت أغلب الوظائف والمهن حكرا على الرجال فقط واضطرت أغلب النساء للاكتفاء بشؤون البيت والأعمال الفلاحية في أفضل الحالات.

إلى ذلك، رفض العديد من النساء البريطانيات هذا الواقع واتجهن لتغييره بشتى السبل. ومن ضمن هؤلاء النساء، يذكر التاريخ اسم الطبيبة صوفيا جيكس بليك (Sophia Jex-Blake) التي فعلت المستحيل لإقحام النساء بعالم الطب الذي كان حكرا على الرجال منذ قرون.

 

قواعد اجتماعية

وخلال العصر الفيكتوري، مثّل مجال الطب أولى ساحات المعارك بمجال تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء حيث تشاءم كثير من النساء، وعلى رأسهن الطبيبة صوفيا جيكس بليك، من اقتصار دور النساء على مهام التمريض فقط دون الحصول على تعليم كاف حول الصحة وجسم الإنسان والأمراض.

 إلى ذلك، عاش المجتمع البريطاني خلال تلك الفترة على وقع عدد من القواعد الاجتماعية التي اضطهدت المرأة. فبالنسبة للعائلات الأرستقراطية والبورجوازية، مثّل عمل المرأة وحصولها على أجرة مقابل ذلك إهانة لسمعة العائلة. من ناحية ثانية، سمح للمرأة العزباء فقط بالعمل للحصول على بعض المال لتلبية حاجياتها على أن تتخلى عن وظيفتها وتهتم ببيتها حال زواجها. في الأثناء، امتدت هذه التقاليد الاجتماعية الفيكتورية لتبلغ المجتمع الأميركي. فبينما سمح والد صوفيا جيكس بليك لابنته بالعمل دون الحصول على مقابل ببريطانيا، أحس والد الطبيبة الأميركية روزالي سلوتر موتون (Rosalie Slaughter Morton) بالإهانة عند سماعه لفكرة عمل ابنته وحصولها على مقابل مادي. ولهذا السبب، انتظرت الأخيرة وفاة والدها لتلتحق بمدرسة الطب النسائية ببنسلفانيا (Women's Medical College of Pennsylvania) وتحصل على شهادة في مجال الجراحة.

مدارس ومستشفيات نسائية

وبالولايات المتحدة الأميركية، كانت إيميلي بلاكويل (Emily Blackwell) وماري زاكرزيوسكا (Marie Zakrzewska) من ضمن أولى النساء اللوات حصلن على دكتوراه في مجال الطب ما بين عامي 1854 و1856. ورفقة عدد من صديقاتهما، اتجهت هاتان الطبيبتان لافتتاح مستشفى النساء بنيويورك الذي استقبل عددا كبيرا من النساء وتوسع في وقت سريع ليضم العديد من الأقسام الإضافية. لاحقا، أضافت الطبيبتان جامعة طب نسائية للمكان.

ومع نجاح هذه التجربة بنيويورك، انطلقت ماري زاكرزيوسكا نحو بوسطن (Boston) وافتتحت عام 1862 مستشفى نيو إنجلند للنساء والأطفال (New England Hospital for Women and Children). وقد حظي هذا المستشفى حينها بمكانة هامة بالولايات المتحدة الأميركية عقب تصنيفه كواحد من أول المستشفيات التي اعتمدت بروتوكولات النظافة والتعقيم بالبلاد.

وببريطانيا، بعثت الطبيبة صوفيا جيكس بليك مشروع مدرسة الطب المسائية بلندن عام 1874. وعلى مدار سنين طويلة، مثّلت هذه المدرسة المكان الوحيد الذي مكّن النساء البريطانيات من الحصول على شهادات بمجال الطب. وما بين عامي 1874، تاريخ افتتاح هذه المدرسة، وعام 1911، ارتفع عدد الطبيبات البريطانيات من طبيبتين لحوالي 495 طبيبة.

 

وبإسكتلندا، أسست صوفيا جيكس بليك مستشفى بإدنبرة (Edinburgh) وفّر مواطن شغل للعديد من الطبيبات البريطانيات. وعلى مدار الثمانين عاما التالية، قدّم هذا المستشفى خدمات صحية متميزة للمواطنين.

بفضل إنشائهن مدارس الطب والمستشفيات النسائية، أزاحت هؤلاء الطبيبات عقبة أمام دخول النساء مجال الطب بالقرن التاسع عشر حيث وفرت هذه المنشآت مكانا ملائما لتخرج الطبيبات، عقب حصولهن على شهادات علمية، وفرص عمل أثناء فترة رفضت خلالها أغلب المستشفيات الأخرى توظيف النساء.