الاحتلال يستهدف شهود الحقيقة ليطمس وحشية ما يرتكبه من انتهاكات وجرائم



أحمد الحراسيس - لم تتوقف الهزائم التي مُني بها الاحتلال الاسرائيلي خلال حربه على قطاع غزة مؤخرا عند خسارة المعركة عسكريا فقط، بل تجاوزت ذلك إلى تمكّن المقاومة والشعب الفلسطيني من كسب تعاطف الرأي العام العالمي مع الفلسطينيين، وهو ما يبدو أن سلطات الاحتلال أدركت أثره، خاصة بعد قرار مجلس حقوق الانسان اطلاق تحقيق شامل حول الانتهاكات الاسرائيلية التي أدت إلى الحرب على غزة.

تغيّر الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية والممارسات الاسرائيلية كان نتيجة للدور الفاعل الذي لعبته وسائل الاعلام العربية والناشطون الاعلاميون الفلسطينيون عبر منصّات وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أثمر ذلك عن رفض موانئ في لوس انجلوس استقبال بضائع اسرائيلية مؤخرا.

وسائل الإعلام، وعلى رأسها قناة الجزيرة، نجحت خلال الحرب الأخيرة على غزة في تقديم الحقيقة الكاملة لما يجري في الأراضي الفلسطينية، وقد ضرب ذلك الرواية الاسرائيلية التي حاولت وسائل اعلام غربية تسويقها على العالم، فيما تمكّن الشقيقان محمد ومنى الكرد من فرض قضية محاولة تهجير الفلسطينيين من حيّ الشيخ جراح على صفحات وشاشات كلّ وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها واحدة من جرائم الحرب التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحقّ الشعب الفلسطيني.

سلطات الاحتلال لاحظت أثر وسائل الاعلام والناشطين الاعلاميين على روايتها عالميا، ولعلّ هذا ما دفعها لاستهداف مقرّات وسائل الاعلام، فقامت بقصف البرجين الذين يضمان أكبر عدد من وكالات الأنباء العالمية، ولكن دون فائدة، بل وساهم استهداف وسائل الاعلام بتعرية الرواية الاسرائيلية أكثر، خاصة وأن القصف شمل مقرّ وكالة الأنباء الأمريكية "اسوشيتد برس"، كما أن وسائل الاعلام تلك واصلت تغطيتها للحرب بحرفية عالية.

بعد انتهاء الحرب على غزة، يبدو أن السلطات الاسرائيلية لا تريد هزيمة سريعة في حيّ الشيخ جراح الذي يضرب أهله أبهى صور الصمود في وجه الاحتلال، فقررت اسكات أصوات الناشطين وقمع الصحفيين، والحديث هنا عن اعتقال مراسلة قناة الجزيرة المخضرمة جيفارا البديري والاعتداء عليها بوحشية في حيّ الشيخ جراح، ثمّ اعتقال الشقيقين الكرد من حيّ الشيخ جراح، واستهداف الصحفيين في القدس بالقنابل الصوتية والتي أسفرت عن اصابة مراسلة الجزيرة في حيّ الشيخ جراح أيضا، نجوان سمري، وذلك بعد أيام من اعتقال الصحفيين زينة الحلواني ووهبي مكية.

الاحتلال يستهدف من خلال هذه الاعتقالات والاعتداءات اسكات شهود الحقيقة ومنع كاميراتهم من التقاط وتوثيق الجرائم التي ترتكبها قواته، وبالتأكيد لن ينجح في ذلك، فجرائمه تزيد الصحفيين والناشطين الاعلاميين اصرارا على كشف ممارساته وأعماله الارهابية.. ولنا في جيفارا والسمري والحلواني ومكية والشقيقين الكرد أنموذج ومثل.

وسائل الاعلام، وعلى رأسها قناة الجزيرة، تستحق اليوم منّا التحية والتقدير على الدور الاستراتيجي الذي لعبته وتلعبه اليوم، خاصة ونحن نرى وسائل اعلام تتعامى عن الجرائم الاسرائيلية بحقّ الفلسطينيين، بل إن بعضها -ومنها عربية- لعبت دورا سلبيا واختارت الانحياز إلى المحتلّ المجرم.