واقع ودلالات
بات من الواضح أن دائرة صنع القرار قد اقتنعت بأن الشعب غير مقتنع، بتاتا، بحوارات رئيس مجلس الأعيان، وان تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لم يكن فقط بمثابة الضوء الأحمر الذي فاجأ رُبان تلك الحوارات- وهو في عرض البحر- بل إن نتائج تلك الحوارات قد أخذت نفسها، بسلام، إلى أعماق ذلك البحر.
أما مجلس النواب؛ صاحب الاختصاص الأصيل في القيام بتلك المهمة- من الناحية النظرية- فهو، وبكل موضوعية، أكثر من تعنيه تلك الدلالات، وبالتالي، الأكثر تأثرا بما يحصل، وذلك ما يؤكده الواقع ويبرره، في آن معًا؛ إذ أن مجرد الحديث عن قانون الإنتخاب، ناهيك عن الإجماع الحاصل على ضرورة تغييره، إنما يعني بأبسط عبارة- وعلى نحو موضوعي: أنه لوكان على النحو المطلوب، لما أجمع الكل على ضرورة تغيير القانون الذي هو نتاج له.
أما الحكومة فقد باتت هي الأخرى بعيدة كل البعد عن مضمار العمل، الذي انحصر فيه التنافس، ولم يبقى فيه، إلا لجنة الحياكة، التي باتت ممسكة بخيوط اللعبة، وهي على وشك أن تشرع في نسج الثوب الجديد، المعروف الملامح"!"، المنتظرة ولادته في زمان هذا العام.
وبالتالي فقد بات الجميع؛ حكومة، ومجلس أمة بشقيه، خارج دائرة الفعل السياسي محل الحديث.
وسيقتصر دور الحكومة، فقط، على صياغة مشروعات القوانين المُوصى بها، فيما سيقتصر دور مجلس الأمة بشقيه، على التخريج القانوني( الشكلي) لمشروعات تلك القوانين .
تلك هي دلالات حاولت أن أتناولها بشكل موضوعي، دلالات تؤكد، بمايشبه عين اليقين، بأن المستويات المذكورة باتت أُطر يقتصر دورها فقط على تسيّر المرحلة، وأنها برمَّتها، قيد التغيير.
كل ذلك بعيدا عن رأيي الشخصي، بها، مؤكدا، قبل الانتهاء من الحديث، أن قراءة المشهد الحالي تأخذنا، أيضًا، نحو القول؛ بأن سمير الرفاعي سيكون على رأس الحكومة القادمة، مالم يحصل تغيُّرات، لم تكن بالحسبان لدى دوائر صنع القرار.