حزبيون يحذرون اللجنة الملكية من صيغ تجميلية تفشل في اخفاء قبح المستحوذين على السلطة
كتب المحرر السياسي - لقد بات بحكم المحسوم والمؤكد ان اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، اختصرت اعمالها و تحديثاتها ومفهوم الاصلاح بكل ما يتضمنه هذا المفهوم من معاني و اوجه و انواع ، بتعديل قوانين الانتخاب والاحزاب والادارة المحلية ، هذا الفهم المجتزأ للاصلاح ، حتما سيقود اللجنة ، وكل المراهنين على توفر الارادة الحقيقية للاصلاح و المنحازين الى فكرة ان النظام قادر على اصلاح نفسه ، الى طريق مسدود تماما ..
الاحزاب السياسية التي سيتم انعاشها بعد تعديل قانون الاحزاب ، او حقنها باكسير الحياة و التحديث و العصرنة ، لن تصل الى السلطة ابدا .. الحزبيون قد يتمكنوا من الوصول الى مجلس النواب ، ولكن هذا الحضور الكبير نسبيا هناك - طبعا بعد تعديل قانون الانتخاب - ، لن يضمن حضورا موازيا و ومتساويا ومتماثلا في السلطة التنفيذية .. بمعنى ان جزئية وصول الاحزاب الى السلطة التنفيذية لتنفيذ برامجها وتصوراتها ، ستظل في اطار التعريفات و الادبيات و الاطر النظرية التي لا مكان لها في منظومة التحديث والاصلاح بنسخته الاردنية !!! فالحديث عن حكومة برلمانية ، او ملكية دستورية يبدو انه سيظل في سياق الوعود والالتزامات المقطوعة المؤجلة الى مدد غير محددة بأطار زمني منظور او خارج اطار الرؤيا تماما ..
الاصلاح الموعود المنتظر من هذه اللجنة لا يعدو كونه اصلاح قشري ،لن يمس المسائل الجوهرية ، ولن يرتقي الى طموح الناس ، و امالهم بمستقبل مشرق لهم وللاجيال القادمة ..
المشاركون في اللجنة اكد بعضهم على ضرورة التوسع في الاجندة الموضوعة ، و ضرورة مناقشة حاجتنا الى تعديلات دستورية تعيد السلطة الى الشعب، و تضمن التوازن و الفصل بين السلطات، الا ان ذلك لم يتحقق ، وتم التأكيد على التزام اللجنة بالرسالة الملكية وكأنها نص مقدس، لا يجوز مناقشته او التعامل مع روحه و التوسع في فهم غاياته و اهدافه و معانيه ودلالاته..
حزبيون اعربوا عن خشيتهم من الفجوة بين المأمول و المتاح ، وكذلك قلقهم من الاستمرار في نهج شراء الوقت وبيع الوهم ، و الالتفاف على دعوات الاصلاح ، بصيغ تجميلية تفشل دائما في اخفاء القبح و الزوايا الحادة والبارزة في وجه الثلة العرفية المستحوذة على السلطة طوال العقدين الماضيين .
الفلاحات: اللجنة تعبّر عن قناعات الملك والمحيطين به
وحول ذلك، قال نائب أمين عام حزب الشراكة والانقاذ، سالم الفلاحات، إن الفكرة والمشروع الذي تعمل عليه اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية يفتقر إلى ثقة المواطن الأردني أصلا، حيث أن الفكرة مكررة للمرة الحادية عشرة، رغم أننا لسنا بحاجة إلى كلّ تلك المبادرات التي بدأت منذ عهد أحمد عبيدات مرورا بزيد الرفاعي وعبدالله النسور وغيرهم من رؤساء الحكومات السابقين.
ورأى الفلاحات أن "المبادرة" لا تتجاوز كونها تعبّر عن رؤى الملك ومن حوله في الديوان للاصلاح السياسي، ومن المستغرب تسمية اللجنة بـ "لجنة تحديث المنظومة السياسية"، وكأنها رسالة بأن قوانيننا اصلاحية وجيّدة لكنها تحتاج بعض التحسين والتحديث ليس أكثر، لافتا إلى أن "السلطة ترى الاصلاح محصورا في قانوني الانتخاب والأحزاب كما هو مطروح على طاولة اللجنة الآن".
وأضاف الفلاحات لـ الاردن24: "الأغرب من ذلك، أن اللجنة المكوّنة من (92) عضوا وقُسّمت إلى (6) لجان، تفتقر إلى القانونيين، ولا تضمّ غير اثنين من الخبراء الدستوريين، رغم أن القوانين المطروحة تحتاج إلى قانونيين ودستوريين، ما يعني أن اللجنة لا تضمّ الكفاءات التي يُفترض أنها تمثّل الشعب الأردني، كما تجاهل تشكيلها الشخصيات التي يمكن أن تقدّم اصلاحات سياسية ناضجة".
واعتبر أن الغاية من تشكيل اللجنة الحصول على مباركة شعبية ظاهرية، لكنها في الحقيقة وعلى أرض الواقع لا تمثّل الشعب وتطلعاته في الاصلاح.
وفيما يتعلق بضمانات تنفيذ مخرجات اللجنة بالشكل الأمثل، وكفّ يد الأجهزة الأمنية والجهات الرسمية عن الانتخابات النيابية، قال الفلاحات: "ما لم تكن بداية الاصلاح السياسي بفتح الدستور واجراء تعديلات دستورية حقيقية تفعّل مبدأ الشعب مصدر السلطات، ولا أحد يتدخل فيها، ويقتصر دور الملك على أن يكون رأس الدولة وليس رئيسا للسلطات، ويتمّ الفصل بين السلطات الثلاث، ثمّ نذهب إلى قانوني الانتخاب والأحزاب، وربط الانتخابات بالأحزاب، فإننا نكون ندور في حلقة مفرغة، ولن نحقق شيئا".
وتابع: "في عام 2011، وعند تشكيل لجنة الحوار الوطني، قال الملك إنه الضامن لتنفيذ ما يصدر عن اللجنة من توصيات، وحريّ بنا أن نراجع قرارات وتوصيات لجنة الحوار الوطني ونقارن ما نفّذناه بما تجاهلناه، ثمّ ماذا عن مخرجات لجنة الميثاق الوطني التي تعتبر الأكثر نضجا؟ الحقيقة أن تلك المخرجات وُضعت على الرفّ".
واختتم السياسي العريق حديثه بالقول: "دستورنا كان يقرّبنا من الملكية الدستورية في التسعينيات، لكن الاعتداءات الكثيرة التي تمت عليه وخاصة في الأعوام (2014- 2016)، سحبت العديد من الصلاحيات من يد الحكومة، وجعلت الملك صاحب سلطة تنفيذية كأي رئيس أو وزير، وذلك بعدما كان يُمارس صلاحياته من خلال الوزراء، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن دستور عام 1952 كان متقدما، ولكن للأسف تم الاعتداء عليه".
ذياب: اللجنة لن تخرج عن جدول أعمالها
من جانبه، رأى أمين عام حزب الوحدة الشعبية، الدكتور سعيد ذياب، أن اللجنة لن تخرج عن جدول الأعمال المحدد لها، وهي مناقشة قوانين الانتخاب والأحزاب والادارة المحلية، مستدركا: "حتى لو طرح البعض توسيع دائرة النقاش، فلن يتمكنوا من تحقيق هذا الهدف بحكم تركيبة اللجنة، واستنادي في ذلك إلى تجربة لجنة الحوار الوطني التي شُكّلت عام 2011، وقد نجحنا حينها من حشد (21) عضوا يشكّلون 40% من أعضاء اللجنة بهدف تغيير جدول الأعمال وطرح تعديلات دستورية، لكن الضغوط الخارجية على اللجنة نجحت في تعطيل هذا التوجه وحصر العمل بجدول الأعمال المحدد مسبقا".
وأضاف ذياب لـ الاردن24: "إن الوصول إلى حكومة برلمانية مرتبط بمخرجات عمل اللجنة (مضمون قانوني الانتخاب والأحزاب والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما)، لكن وحتى اللحظة، المقدمات لا تشير إلى أن النتائج قد تشكل نقلة نوعية في بنية مجلس النواب، وبالتالي لن يكون هناك حكومة حزبية أو برلمانية".
ولفت إلى أن التصريحات الرسمية كانت تقول بعدم وجود نية لتعديل قانون الانتخاب، الأمر الذي يجعل التفاؤل بمخرجات اللجنة أقرب إلى الوهم والركض وراء السراب.
وتابع ذياب: "لو كان هناك نية حقيقية للاصلاح الشمولي، لتغيّر جدول أعمال اللجنة، ولكانت تركيبة اللجنة مختلفة، فمن يريد الاصلاح لا يجوز له أن يقصي قوى سياسية فاعلة وراسخة وموجودة على الأرض، لحسابات غريبة، ولا يجوز له أيضا أن يقصي نقابات مهنية دون أخرى"، مشيرا إلى أن ما يجري أقرب ما يكون إلى "رفع العتب وايهام الرأي العام بالاصلاح".
واختتم السياسي المخضرم حديثه بالقول إن حجم التحديات والأزمات التي يعيشها الأردن تفرض اجراء مراجعة شاملة لكلّ المسارات السياسية والديمقراطية والاقتصادية، وأن لا يتم تحجيم وتقزيم ما تقوله الأحزاب ويقوله الشارع عن الاصلاح".
الحروب: توفير المناخ الملائم وكفّ يد الأجهزة الأمنية أساس للاصلاح
ورأت أمين عام حزب أردن أقوى، الدكتورة رلى الحروب، أن هناك مناخا وأرضية يجب العمل على تهيئتها قبل الحديث عن تعديل قوانين المنظومة السياسية، وعلى رأس ذلك الافراج عن كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين، وحلّ أزمة نقابة المعلمين، وحلّ المشاكل والأزمات المفتعلة مع العديد من الأحزاب السياسية.
وأكدت الحروب لـ الاردن24 أن حديث رئيس وأعضاء في اللجنة الملكية عن كون التطرق لملفات المعتقلين السياسيين ونقابة المعلمين والأحزاب السياسية "خارجا عن جدول أعمال اللجنة" استنتاج غير سليم وفهم مغلوط، فعند تكليف أي لجنة بالعمل على تعديل قوانين سياسية، لا بدّ أن يسبق نتائج عمل اللجنة "ديباجة" تتضمن الشروط السياسية والاجتماعية والقانونية والثقافية التي يُفترض أن تتوفر حتى يؤتي تعديل هذه القوانين أُكله، وإذا لم يجرِ التأكيد على خلق أجواء من التصالح بين مكونات المجتمع والنظام السياسي من خلال حلّ الملفات الثلاث (نقابة المعلمين، المعتقلين، الأحزاب)، فكلّ حديث عن الاصلاح لا معنى له على الاطلاق.
وشددت النائب السابق على ضرورة أن يوضع في مقدمة أي توجّه اصلاحي أو تعديل لقوانين الانتخاب والأحزاب "كفّ يد الأجهزة الأمنية، والجهات التي تتدخل في الانتخابات والعمل الحزبي بصورة غير شرعية، وكفّ يد تلك الجهات عن وزارة الشؤون السياسية"، وذلك قبل الدخول في التفاصيل الفنية للقوانين المختلفة.
وأشارت الحروب إلى وجود مشكلة في تشكيل اللجنة الملكية الموسّع، قائلة: "رغم أنها تضمّ أسماء وشخصيات فعالة، إلا أنها تضمّ أيضا عددا من الأشخاص الذين لا داعي لوجودهم على الاطلاق لكونهم يمثّلون قوى الشد العكسي التي دأبت على اعاقة أي توجه اصلاحي منذ ثلاثين عاما".
وأوضحت: "لا أعلم كيف يمكن اعتبار (17) وزيرا بما فيهم وزير الشؤون السياسية، أصحاب رؤى اصلاحية، وهم سبب رئيس من أسباب الوضع المأساوي الذي نعيشه اليوم، والكارثة أن يتطور وجودهم إلى رئاسة اللجان، ليصبحوا أصحاب قرار حاسم في توجيه اللجان الفرعية".
كما انتقدت الحروب طريقة تشكيل اللجنة، قائلة إنها لم تكن ديمقراطية، وكان الأصل أن يتمّ الطلب من الأحزاب السياسية اختيار مجموعة منها لتمثيلهم في اللجنة بعد التوافق على برنامج واحد وأفكار محددة لقانوني الانتخاب والأحزاب وغيرها من التعديلات القانونية والدستورية، لا أن يتمّ تنسيب الأسماء من الديوان الملكي أو الأجهزة الأمنية بذات الطريقة المعتادة والتي أوصلتنا إلى ما نعيشه اليوم من أوضاع سيئة، مشيرة في ذات السياق إلى أن حديث بعض الأعضاء عن وجود تيارات تحاول الاستحواذ على اللجنة حقيقي.
واختتمت الحروب حديثها بالقول: "لو كان البرلمان يتمتع بشرعية حقيقية، وكانت الحكومة صاحبة ولاية عامة، لما احتجنا هذه اللجنة، ولكان البرلمان هو قائد الحوار الوطني حول تعديلات القوانين المختلفة، فالأصل أن تكون الجهة القائمة على الحوار الوطني تتمتع بثقة الشعب، وليست من اختيار أشخاص وجهات محددة".