حقوقيون: اغتيال بنات جريمة متكاملة الأركان

يشكل اغتيال الناشط السياسي نزار بنات على يد الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية المحتلة جريمة متكاملة الأركان، وانتهاكًا صارخًا للقانون، وتهديدًا حقيقيًا وخطرًا على حياة وأمن النشطاء وأصحاب الرأي والمواقف الوطنية الفلسطينية. بحسب مختصين حقوقيين.

وقُتل الناشط السياسي ضد الفساد بنات صباح يوم الخميس، عقب اعتقاله من الأجهزة الأمنية بمكان يتواجد فيه ببلدة دورا جنوبي الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة.

وأفادت عائلة بنات لوكالة "صفا"، بأن ما حدث مع نزار هو عملية اغتيال مع سبق الإصرار والترصد، عقب اقتحام مكان سكنه، والاعتداء عليه بالضرب المبرح بالهراوات على رأسه أثناء نومه ورشّه بغاز الفلفل فور استيقاظه.

انتهاك للقانون

منسق تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية" عمر قاروط يؤكد أن عملية اغتيال الناشط بنات وتصفيته من قبل الأجهزة الأمنية تشكل انتهاكًا للقانون وعدم احترام للمواطن الفلسطيني وحقه كإنسان في التعبير عن رأيه.

ويقول قاروط لوكالة "صفا" إن عملية تعامل الأجهزة الأمنية مع شخصية الناشط بنات تمت خارج إطار القانون والصلاحيات الممنوحة لها، باعتبار أن رسالتها الأولى هي حماية المواطن الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه وإنفاذ القانون.

ويشير إلى أن" ما قامت به تلك الأجهزة بحق بنات، وكذلك استمرار انتهاكاتها وتعدياتها في الضفة الغربية باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لحياة وأمن النشطاء وأصحاب الرأي والمواقف وكل المناضلين في الإطار الوطني والاجتماعي بالضفة".

ويوضح أنه رغم عدم كشف الكثير عن ملابسات تصفية بنات، إلا أن سلوكيات وممارسات أجهزة أمن السلطة تقوم على انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني، وعدم احترام إنسانيته ودوره الوطني في الصمود والتصدي للاحتلال الإسرائيلي.

وبنظر قاروط، فإن "عملية تصفية بنات بمثابة إنذار خطر على كل مواطن فلسطيني يقوم بدوره الوطني سواء في مواجهة الاحتلال أو انتهاكات الأجهزة الأمنية التي تتم خارج نطاق القانون".

والمطلوب-وفقًا لقاروط- أن يتضامن الكل الفلسطيني سواء كانوا نشطاء أو فصائل وقوى سياسية أو مسؤولين في السلطة لأجل فتح تحقيق حقيقي وجاد ومسؤول بقضية اغتيال بنات، واعتبار كل من شارك فيما مجرمًا أمام القانون يجب مساءلته ومحاسبته وفقًا للقانون الفلسطيني.

ويدعو القوى والفصائل لضرورة التداعي لوضع حد لممارسات الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، ووقف تعدياتها واعتداءاتها على المواطنين الآمنين في بيوتهم وممتلكاتهم، وإخضاع كافة ممارستها إلى سلطة القانون ورقابته ومساءلته.

ويشدد قاروط على ضرورة إلزام تلك الأجهزة باحترام الإجراءات القانونية والقضائية عند ملاحقة ومساءلة أي مواطن، كونها لا تخضع لا للقانون ولا للرقابة ولا للمساءلة، بل باتت مطلقة الحرية والصلاحيات في ملاحقة المواطن بغض النظر عن ميوله السياسية أو دوره الوطني.

سابقة خطيرة

الناشط الحقوقي بمركز حماية لحقوق الإنسان عبد الحميد عيد يرى في اغتيال بنات "جريمة متكاملة الأركان، وتشكل اختراقًا للقانون، كون أن عملية الاعتقال تمت في ساعات الليل وبدون حق".

ويقول عيد في حديثه لوكالة "صفا": إن "هذه الجريمة تشكل سابقة خطيرة وتطورًا سلبيًا لحالة حقوق الإنسان في الضفة الغربية، تستوجب محاسبة القتلة وتقديمهم للمحاكمة".

ويوضح أن "جريمة الاغتيال نتيجة حتمية لسياسة قمع الحريات وتكميم الأفواه في الضفة"، مبينًا أن حق التعبير في الرأي وانتقاد رموز السلطة أصبح أمرًا خطيرًا سواء على الإعلاميين أو النشطاء السياسيين.

ويحمل مركز حماية محمد اشتية بصفته رئيسًا للوزراء ووزيرًا للداخلية كامل المسؤولية عن الجريمة، مطالبًا بمحاسبة الجناة وتقديمهم للمحاكمة.

وأشار عيد إلى أن المركز يدرس التوجه لجهات أممية بما فيها خبراء الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان حال تقاعست السلطة عن محاكمة الجناة، كون "الجريمة أصبحت واضحة، ومعدة مسبقًا، خاصة أن هناك تهديدات مبطنة ومتواطئة من الأجهزة الأمنية تعرض لها بنات سابقًا".

أما مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، فيعتبر في بيان وصل "صفا" نسخة عنه أن ما جرى مع الناشط بنات بمثابة رسالة ترهيب من النظام السياسي إلى معارضيه.

ويؤكد أن بنات ضحية جديدة لسلسلة ممتدة وطويلة من القمع الأمني الممنهج للأصوات المعارضة في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولمنظومة قمعية متكاملة تنتقص يوميًا من مساحة الحقوق والحريات.

ويحذر من تداعيات هذه الأحداث القمعية على الحقوق والحريات العامة والخاصة والسلم الأهلي والتماسك المجتمعي، داعيًا لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بشكل نزيه وموضوعي وشفاف، على أن تضم اللجنة طبيبًا شرعيًا ممثلًا عن العائلة، وأن يكون التحقيق مستجيبًا وفاعلًا وناجزًا.

وطالب بنشر نتائج التحقيق وتوصياته وإطلاع الجمهور عليها استنادًا لحق المواطنين في الوصول للمعلومات، وإنفاذ نتائج وتوصيات لجنة التحقيق كاملةً ومحاسبة الجناة بما يحقق الردعين الخاص والعام، واتخاذ ما من شأنه ضمان عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلًا.

ودعا إلى التوقف الكلي عن الاعتقال السياسي أو الاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين، وإعادة النظر في السياسية الأمنية القائمة على الاستهداف الممنهج للنشطاء السياسيين والحقوقيين، عبر إعادة بناء العقيدة الأمنية على أساس احترام الحقوق والحريات.

شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية دانت بأشد العبارات ما جرى بحق الناشط بنات أثناء اعتقاله، والاعتداء عليه بالضرب المبرح، محملة الأجهزة الامنية، والمستوى الذي أصدر قرار الاعتقال المسؤولية الكاملة عن تداعيات ما جرى.

وتحذر المنظمات في بيان من استمرار تغول السلطة، وإطلاق أيدي الأجهزة الأمنية سيحولها لنظام بوليسي تحكمه منظومة القمع، والاستخفاف بحياة الناس، وكرامتهم في واقع الاحتلال الذي ينهش أرضنا، ويدمر مقومات بقاء الشعب الفلسطيني ووجوده.

وتدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق محايدة فورًا للوقوف على حقيقة ما جرى مع بنات، ومنحها الصلاحيات الكاملة للعمل، والتقصي، واصدار تقريرها على الملأ بأسرع وقت ممكن على أن يسبق ذلك توقيف القوة الأمنية التي اقتحمت منزل الناشط بنات الى حين صدور التقرير.

وتطالب المنظمات باتخاذ القرارات والتدابير الفورية من رئيس السلطة محمود عباس لوقف كل التعديات على الحقوق المدنية، والحريات العامة، وكرامة المواطن، وحث الأجهزة الأمنية على التقيد بالتعليمات التي من شأنها صون، وحماية حقوق المواطن بعيدًا عن كل أشكال التخويف والترهيب.