الاصلاح السياسي مسيرة وليس نقطة وصول




فعلى اعتاب المئوية الثانية لتأسيس المملكة الاردنية الهاشمية أراد جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله الدخول لها بخطى ثابتة نحو الاصلاح السياسي، تترجمت هذه الارادة بتشكيل لجنة ملكية للإصلاح السياسي مشكلة من 92 عضواً، وبرئاسة رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي، وتتمحور الفكرة بدمج كافة التيارات والاحزاب والعقليات الاصلاحية كما هو مأمول، وذلك للوصول الى أفكار ناجعة لتهيئة الحياة التشريعية والسياسية وشكل الدولة في المستقبل، وبما يتواكب مع متطلبات النهوض بمسؤوليات الدولة الحديثة.

لكن السؤال الذي يحتاج لإجابة ما هو المختلف في هذه اللجنة عن سابقاتها؟ وما هي المستحدثات لهذه المرحلة ؟ وهل هي اللجنة الاخيرة او الاولى ؟ فالإجابة يجب أن تكون بأن الاصلاح السياسي مسيرة وليست نقطة وصول، اذ يجب ان تكون هناك دوماً لجان تواكب التطورات الداخلية والخارجية للإصلاح سواء السياسي او الاداري أو الاقتصادي وما تتطلبه مقتضيات هذه المرحلة، رغم تسطير جلالة الملك عبد الله الثاني لأوراقه النقاشية إلا أنه ودون وجود شخوص يرغبون بالإصلاح الحقيقي ويملكون الولاية العامة والارضية الثابتة للإصلاح والخطط الاستراتيجية للإصلاح البعيد المدى وعدم ترحيل الازمات، فأنه وهذه الحالة لم ولن يتم الاصلاح نهائياً لأن الاصلاح حينها سيكون محفوفاً بالخطر والفشل .

وعن الفشل الحديث يطول وسيتم التطرق له في مقالات لاحقة أن شاء الله ، لكي نستفيد من أخطائنا السابقة بعدم تكرارها في المستقبل أن اردنا اصلاح حقيقي ،وعليه سأقوم بطرح بعض النقط لنقد بناء نابع من المسؤولة الوطنية والمواطنة الايجابية والداعمة للإصلاح وسيتم استعراضها على نقاط :

أولاً : عدم وجود ذكر للإصلاح الاقتصادي في توصيات تشكيل هذه اللجنة، حيث أن هذه المرحلة المهمة من حياة الدولة الاردنية تحتاج لتوصيات حقيقية للوصول الى اقتصاد أمن، فنحن لم نتعافى بعد من الوباء الذي دمر أقتصادنا.

ثانياً : عدم وجود أفكار حزبية فاعلة قادرة تملك الإرادة الحقيقية للإصلاح السياسي في تشكيلة اللجنة الملكية والقلة المتواجدة لا تغني عن وجود قيادات حزبية فاعلة ايضاً يجب ان تمثل في اللجنة الملكية.

ثالثاً : عدم وجود أرضية ثابته لدعم الإصلاح السياسي وهذا ثابت من خلال ما هو ظاهر من العجز السياسي السابق والحالي، رغم وجود لجان إصلاحية سابقة ولنفس الغاية الحالية التي اريد بها تشكيل اللجنة الملكية الحالية.

رابعاً : لا زالت السياسة المتبعة في أختيار لجان الإصلاح هي ذاتها والقائمة على سياسة جوائز الترضية، وهذا ثابت في إختيار أعضاء هذه اللجنة.

خامساً : وجود أعداد كبيرة من الاعضاء حتماً سيعيق العمل واللقاءات رغم انبثاق لجان فرعية ستة عنها إلا أنهم بالمعظم غير مختصين بها، كما أكرر لا يوجد أي مستشارين اقتصاديين أو سياسيين، وتهميش دور مجلس نقابة المحاميين الاردنيين والنقابات الاخرى الفاعلة، يضعف من قدرة اللجنة للوصول إلى أفكار حقيقية للإصلاح.

سادساً : عدم وجود أي ذكر للإصلاح الإداري.

سابعاً : عدم تمكين أصحاب الفكر والرأي من خلال إدماجهم بعملية الإصلاح من خلال الاستفتاء واللقاءات والحوارات على مستوى المحافظات والأقاليم والجامعات ومراكز الابحاث ووضع مخرجات لهذه اللقاءات تتبلور بأفكار تطرح على طاولة اللجنة الملكية.

ثامناً : ضرورة اشراك كبار ضباط القوات المسلحة والاجهزة الامنية المتقاعدين في الرأي للاستفادة من خبراتهم العملية والعلمية المجبولة بجدهم وحرصهم على الوطن.

تاسعاً : خلو البرنامج الاصلاحي من الزيارات واللقاءات مع ما تم ذكرهم اعلاه.

عاشراً : عدم رغبة بعض المسؤولين في مواقع القيادة وصنع القرار من سماع هموم وأفكار المواطنين من خلال ابوابهم المغلقة والتي تخالف سياسة جلالة الملك بوجوب ان تكون الابواب مفتوحة أمام المواطنين والتواصل معهم بالزيارات الميدانية ايضاً للوقوف على حاجات المواطن.

الحادي عشر : التحفظات على اختيار رئيس اللجنة والذي من شأنه أن يقلل من حظوظ نجاح اللجنة وعلينا الرجوع بالذاكرة لعام 2011 ودور دولة سمير الرفاعي والرضا الشعبي الذي يكاد أن يكون معدوماً عن حكومته حينها.

والحديث يطول لكن أسأل الله الخير لهذا الوطن ولأهله الطيبين بقيادته الهاشمية الحكيمة منتظرين مخرجات قابلة للتطبيق من هذه اللجنة للوصول الى بيئة تشريعية وسياسية حديثة مهنئهم بثقة جلالة الملك عبد الله الثاني أبن الحسين المفدى حفظه الله ورعاه وأدام ملكه.