حي البستان بالقدس.. "الدرع الواقي" للأقصى وإرث تاريخي
عاد ملف حي البستان في القدس المحتلة للواجهة من جديد بعد أن أعلنت بلدية الاحتلال مؤخرا أنها أوقفت تجميد أوامر الهدم لمنازله؛ والتي تنوي هدمها جميعا لإقامة حدائق توراتية للمستوطنين على أنقاضها.
ويقع الحيّ في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، ويتكون من حوالي 100 منزل، يسكنها نحو 1200 شخص، نسبة كبيرة منهم من الأطفال والنساء.
وحي البستان يعتبر الدرع الواقي للحفاظ على المسجد الأقصى المبارك، إذ إنه لا يبعد عنه سوى 300 متر جنوبا، ويمتد على مساحة 70 دونما وعدد سكانه 1550 نسمة منهم 63% أطفال.
والأحد الماضي، انتهت المهلة التي حددتها سلطات الاحتلال للإقدام على هدم منازل الحي، حيث أمهلت سلطات الاحتلال عائلات الحي مدة 21 يوما لهدم منازلهم بأيديهم أو أن يقوم الاحتلال بعملية الهدم ويفرض عليهم كلفة الهدم.
وشبح الهدم ليس وحده الذي ينغص حياة الأهالي في حي البستان؛ حيث ينفذ الاحتلال سلسلة إجراءات لإجبار أهاليه على الرحيل منه، مثل انعدام الخدمات والبنية التحتية وتعمد رفض ترخيص المنازل أو إيجاد مخطط هيكلي محدد للسماح للمواطنين بالبناء، كما أنه يخلو من وجود أي ساحات أو ملاعب أو أماكن ترفيهية للأطفال، بينما تغرق منازله بالمياه في فصل الشتاء بسبب منع الأهالي من ترميمها.
ويقول عضو لجنة الدفاع عن الحي وأحد سكانه الناشط فخري أبو دياب لـ"عربي21"، إن الحي هو أول وقف إسلامي خارج جزيرة العرب؛ حيث أوقفه الخليفة عثمان بن عفان لنسّاك وعباد وزوار الأقصى وفقراء القدس؛ وسمي بحي البستان لأنه عبارة عن أرض مستوية وفيها عين مياه تسمى عين سلوان التاريخية التي تصب في هذا البستان.
وأوضح أن الاحتلال وبسبب موقعه الاستراتيجي ادعى أنه إرث حضاري وتاريخي وديني للشعب اليهودي؛ ولذلك تم تهويد اسمه بالمؤسسات الرسمية الإسرائيلية؛ فأسماه الاحتلال حي "جان ميلخ" أو حديقة الملك بادعاء أن الملك داود قام كما يزعمون بإقامة دولة اليهود الأولى في سلوان قبل ثلاثة آلاف عام، وأن الحي كان المنطقة التي يجلس فيها ويتشاور مع زوجاته وأعوانه ومستشاريه.
وبناء على ذلك فقد بدأت محاولات محمومة للاحتلال عن طريق بلديته في القدس بالسيطرة على الحي؛ فأصدرت أوامر الهدم والاستيلاء على الأراضي ومصادرتها، وأصدرت قرارا بإزالة أو هدم 100 منزل بحجة أنها بنيت دون ترخيص؛ علما بأن معظم المنازل بنيت قبل عام 1967 وبعضها قبل عام 1948.
وفي ما يأتي أبرز التطورات في حي البستان خلال ربع قرن:
1995، نشرت لجنة تابعة لبلدية الاحتلال في القدس مخطّطًا شاملًا لإقامة متحف أثريّ على أراضي حي البستان.
2000، رسمت خطة استيطانية لحيّ البستان والّتي نُشرت لاحقًا عام 2004، حيث أُدرج الحيّ تحت تعريف "منطقة سكنيّة جديدة" وتوسّع لمنطقة سلوان.
2004، أصدرت بلدية الاحتلال أمرًا بهدم منازل الفلسطينيين في حيّ البستان، بحجّة الحفاظ على المنطقة منطقة عامّة مفتوحة، والبناء غير القانوني.
2005، بدأت بلديّة الاحتلال بإصدار أوامر هدم وتوزيعها إلى سكان حيّ البستان، وهدمت بلديّة القدس بيتين تابعين لعائلتين في الحيّ.
على إثر ذلك، تحرّكت جماهير سلوان في أعقاب هذا الهدم وهذه الأوامر وولّدت ضغطًا شعبيًا محليًا ودوليًا هائلًا، ما دفع رئيس البلديّة في ذلك الحين "أوري لوبليانسكي" إلى تأجيل المخطّط.
2006، قدّم أهل الحيّ مقترحًا لخارطة هيكليّة للحيّ، ورغم ذلك فقد رفضت ما يسمى "لجنة التخطيط اللوائية" المخطّط عام 2009، وفي ذات العام، عرض الاحتلال على أهل الحيّ إمكانية ترك منازلهم طواعيّة إلى بلدة بيت حنينا، ورفض السكّان هذا المقترح.
2010، قدّمت البلدية مخطّطًا جديدًا يحوي إقامة متنزه "حديقة الملك" في الحيّ بحيث يكون امتدادًا لما يسمى بـ"الحديقة الوطنيّة"، المقامة أيضًا على أراضي بلدة سلوان.
اشتمل هذا المخطط على ضرورة هدم 22 بيتًا واقعة في غرب الحيّ تحت مزاعم تطوير الحديقة، وتأهيل المباني الموجودة في شرق الحيّ وهي تقريبًا 66 بيتًا.
2017، وُزّعت أوامر هدم مجدّدًا لعدد من البيوت، ومنها عائلة الرويضي والقاضي والشلودي والعباسي وحمدان.
عربي21