الخطوط الحمراء: لأمريكا وروسيا، والعرب



تثير مناورات حلف الناتو في البحر الأسود وقبلها حادثة المدمرة البريطانية في مياهه مخاطر توترات روسية غربية ، بإفرازتها الفورية من انقسام أوروبي حول كيفية التعامل مع روسيا ، وتأكيد الأطراف على" الخطوط الحمراء " . روسيا ضعيفة اقتصاديا مقارنة بأمريكا ، لكنها ندّا عسكريا نوويا . وفي اجتماع بايدن - بوتين الأخير ركز بايدن على القطاعات الحيوية الأمريكية الممنوع تعرضها لغزو سيبراني ، ويركز الإتحاد الأوروبي على أمن دوله ، بينما يركزبوتين على عدم اقتراب الناتو من فضاء الأمن الروسي خاصة في أوكرانيا وبيلاروسيا . مساحة روسيا ضعف مساحة أمريكا وضعف مساحة الصين ، وخمسة أضعاف مساحة الهند وسبعين ضعف مساحة المملكة المتحدة ، وتكاد ترى أمريكا بالعين المجردّة من طرفها على مضيق " بيرنج " الفاصل بينها وبين ولاية ( ألاسكا) الأمريكية ، وتعرضت للغزو من حدودها الشمالية والغربية خلال الخمسماية عام المنصرمة خمس مرات من : السويد وبولندا وفرنسا وألمانيا ( مرتين ) . 

تأسس حلف الناتو في العام 1949 ليواجه الإتحاد السوفييتي ، وبعده تأسس حلف وارسو (1955) من جمهوريات الإتحاد السوفييتي بقيادة روسيا لمواجهة الناتو ، وفي العام 1989 اختفى حلف وارسو والإتحاد السوفييتي ، وبقيت روسيا. خلال الأعوام 1989 – 2009 انقسمت جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق إلى ثلاثة محاور : محورا انضم لحلف الناتو: التشيك وهنغاريا وبولندا وبلغاريا واستونيا ولاتفيا ولتوانيا ورومانيا وسلوفيكيا وألبانيا ، ومحورا ثان بقي مؤيدا لروسيا: كازاخستان وقرغستان وطاجيكستان وبيلاروسيا وأرمينيا ، ومحورا حياديا : أوزباكستان وأذربيجان وتركمانستان. سارع حلف الناتو ليبني قواعده وأسلحته على أراضي أعضائه الجدد القريبة من روسيا ، خاصة بولندا ، ما دعى بوتين لكبح نوايا جورجيا بالإنضمام للحلف ، ولما رفضت غزاها في العام 2008 ، وتابع نوايا أوكرانيا في الإنضمام لحلف الناتو فاستعاد منها جزيرة القرم ( 2014 ) عقابا لها ، ودعم سكان مناطقها الشرقية والجنوبية من الأصول الروسية مهددا ، ولما استمرت بنواياها ، حشد جيوشه ليمنع أسلحة الناتو من التمركز في أوكرانيا كما حدث مع بولندا ، وهكذا تستمر سياسة محاولات توسيع وتضيق "الخطوط الحمراء" بين الطرفين.

بالمناسبة ، وبعد أن تلاشت خطوط العرب الحمراء منذ سبعين عاما ، واحتلال الضفة الغربية وانقسام السودان واحتلال أمريكا العراق وقنص مياه دجلة والفرات والأردن ومخاطر قنص مياه النيل ، ووحدة الأراضي العراقية والسورية والليبية واليمنية واللبنانية ، وبينما يدخل اللبنانيون واليمنيون والسودانيون وبعض السوريون برامج الغذاء العالمية ، أتساءل ، هل يستعيد العرب خطوطهم الحمراء يا ترى؟.