سن الشباب و توصيات اللجنة

 
 
لقد اثقل الجميع الحديث عن الشباب وانا واحد من الشباب الذي كتب بضرورة تسهيل ودعم مشاركة الشباب في عملية صنع القرار وكتبت ما يتجاوز العشر مقالات حول الشباب وبذات الوقت هذا ما نتحدث به عند كل لقاء بجلالة الملك و سمو ولي العهد الامين واللذان يؤكدان على هذه الضرورة ، ولكن ما الذي نحتاجه اليوم بعد تشكيل اللجنة الملكية لتطوير وتحديث المنظومة السياسية ؟

ان لجنة الشباب الفرعية المنبثقة عن اللجنة الام على عاتقها عمل مهم حيث أن الشباب كما يعلم الجميع هم عصب الوطن وخط الدفاع الاول والأخير عن هذا الوطن الذي نعشق ولكن من هم الشباب .
اذا اردنا ان نحصر الشباب بالفئة التي عرفتها الامم المتحدة فان ذلك لن يجني اكله على العملية السياسية وهو السن من خمس عشر سنة 15 وحتى أربعة وعشرين 24 ، لهذا اول ما يتوجب على اللجنة تحديد سن الشباب السياسي علماً انه من وجهه نظري لا يوجد سن للشباب فكم من شخص بلغ السبعين عام يتمتع بنشاط وعنفوان الشباب ،فالشباب هو شباب القلب والعقل والانجاز .
ولكن الغاية من تحديد السن هي تأطير العمل وتحقيق نتائج افضل ولا يوجد ما يمنع من تحديد السن الذي سوف تخرج به توصيات اللجان هذا من ناحية ومن ناحية اخرى أن الشباب لا يحتاجون لتعديل أي قانون من حيث الاعمار السنية متعلق بالعمل السياسي والمشاركة به فالدولة الاردنية من خلال تشريعاتها النافذة اعتبرت سن الرشد القانوني 18 ثمان عشر سنة ،وهذا السن المعتبر المعتمد لدينا عكس لبعض تشريعات الدول التي تعتبر سن الرشد القانوني 21 واحد وعشرين ،مما يعني ان الشاب والشابة في المملكة الاردنية الهاشمية يستطيع المشاركة في العملية السياسية من خلال اختيار المرشح سندا لأحكام المادة (3/أ) من قانون الانتخاب التي تعطي من اتم عمر الثامن عشر سنة الحق في انتخاب اعضاء مجلس النواب ،بالإضافة لإعطاء الشباب الحق بالانخراط التام بالعملية السياسية من خلال المشاركة بالأحزاب السياسية سندا لأحكام المادة (6/ب/2) من قانون الاحزاب وان يكونوا مؤسسين لها أيضاً ،مما يعني ان الشاب يستطيع الانخراط بالعمل السياسي مبكراً، اما الترشح للوصول للمشاركة في صنع القرار فقد اعطى قانون البلديات الحق لمن اتم عمر الخامسة والعشرين سنة الترشح لمجالسها وفق المادة (40/أ/1) وهذا ما تم أيضاً في قانون اللامركزية الذي اعطى ذات الحق بالترشح لمن اتم عمر الخامسة والعشرين سنة وفق المادة (19/أ/3) من القانون، وبعد استعراض هذه المواد يتضح ان الشاب يستطيع ان يكون ممثلاً وصانع للقرار ومشارك بالعملية السياسية.

يدور الحديث عن ان توصيات اللجنة سوف تكون حول تخفيض سن الترشح الى مجلس النواب الى 25 خمس وعشرين سنة أو 18 ثمان عشر سنة وهو سن الانتخاب ، كما في عديد الدول، ولكن في تلك الدول البيئة الحزبية والفكرية السياسية متقدمة جداً عنا حيث ان الفكر السياسي للشاب يبدأ من عمر 15 الخامسة عشر سنة من خلال المشاركة باللجان والجلسات المتعلقة بأيدولوجيات الاحزاب والفكر السياسي والتطوع فيها، وبذات الوقت هذه الاحزاب هي من تحمل هذا الشاب المرشح مادياً من خلال الحملة الانتخابية والدعم القاعدي ، وهذا ان تم من خلال ترشيح شاب عمره 18 ثمان عشر سنة ، علما انها تركز في هذا العمر على مشاركة الشباب في النشاطات الطلابية ومجالس الطلبة في الجامعات والكليات ،حيث ان غالبية الاحزاب ترشح من هم فوق عمر السادسة والعشرين 26 في اغلب الاوقات ،حيث يكون قد وصل لمرحلة من النضج والوعي السياسي أفضل، وان هذه الدول تتمتع بالرفاه الاقتصادي ايضاً عكس ما نحن عليه .

ان الدستور الاردني بالمادة (٧٠) اشترطت ان يكون المرشح لعضوية مجلس النواب قد اتم الثلاثين سنة من عمره وتم تقنين هذا العمر بموجب قانون الانتخاب وفق المادة (10/ب) الذي اعطاء الحق لمن اتم عمر الثلاثين سنة 30 الترشح لعضوية مجلس النواب ، وهذا سن شبابي جيد جدا حيث يكون الشاب قد توسعت مداركه السياسية والشخصية ،و يكون الشاب مادياً اكثر استقلالا نوعاً ما على الاغلب رغم الظروف الاقتصادية الصعبة كون ان اغلب المترشحين مستقلين وان الاحزاب لا قاعدة جماهيرية كبيرة لديها تستطيع حمل المرشح مادياً و قاعديا ، ويكون الشاب قد وصل للنضج السياسي الافضل بهذا السن علما انه ليس مقياس ولكن نحسب الامور وفق واقعنا ومعطياتنا وبيئتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبذات الوقت لا يوجد فرق عمري كبير بين من اتم عمرا لثلاثين وبين الخامسة والعشرين .

ان القوانين الناظمة للحياة السياسية لدينا ليست بحاجة الى تعديلات فقد اعطت الشباب حق المشاركة بالاختيار وعملية المشاركة في صنع القرار ، ولكن المطلوب اليوم هو ليس تخفيض سن الترشح أو وضع كوتا للشباب للعمل البرلماني أو الحزبي ،فالأصل الابتعاد عن الكوتا فالشباب اغلبية المجتمع ومن يرغب بالمشاركة يستطيع ذلك كلا بطريقته .

لهذا فأن مهمة اللجنة بوجهة نظري فقط التركيز على اعداد خطة للتوعية والتثقيف السياسي للشباب لمعرفة حقوقه وواجباته من خلال الدستور و اطلاعه على الايدولوجيات الفكرية حتى تتضح معالم شخصيته السياسية و الأيدولوجية التي يرغب بها تبدأ بالمرحلة الثانوية بالمدارس ومن ثم الجامعات ،وتقديمها كتوصية واضحة المعالم لتقوم الحكومات بتنفيذها لنتمكن من تحقيق الغاية المرجوة من مشاركة الشباب الصحيحة والفاعلة تعتمد على مراحل المشاركة السياسية الشبابية والتي تبدأ بالاهتمام السياسي ومن ثم المعرفة السياسية ومن ثم الانخراط بالعملية السياسية، وهذا كله يكون من خلال التوعية والتثقيف ، ولا ننسى دور الاحزاب المهم في هذا الشأن من حيث استثمار الطاقات الشبابية، والتي يتوجب عليها ان تعمل ايضا على تغيير خطابها ومواكبته للعصر وان يكون اكثر جدية في استقطاب وجذب الشباب للعمل تحت مظلتها .