بعد الكشف عن سوء معاملة الحيوانات.. السيارات الكهربائية تحل محل الخيول في البترا

بدأ اعتماد السيارات الكهربائية بدلا من الخيول والعربات في منطقة البترا السياحية بالأردن، في خطوة تاريخية لحماية الحيوانات التي تُستخدم في الجولات بالموقع المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وفي تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" (Middle east eye) البريطاني، أشارت الكاتبة تشارلي فولكنر إلى أن السلطات أطلقت يوم الخميس أسطولا أوليا من 10 سيارات كهربائية صديقة للبيئة، لتحل محل عربات الخيول التي كانت تنقل السياح في البترا الأثرية.

وقال رئيس مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا التنموي السياحي سليمان فرجات، إنه "كان من المفترض بدء تنفيذ هذه الفكرة في عام 2019، لكن جائحة كوفيد-19 أجّلت ذلك".

ويمكن لسيّاح البترا الآن شراء تذاكر من مركز الزوار لركوب هذه السيارات ذهابا وإيابا، مرورا بوادي السيق. وأوضح فرجات أن "السيارات ستكون ذات سرعة محدودة، ولن يكون هناك أي ازدحام أو أي طلبات للحصول على إكرامية على الإطلاق".

وحتى الآن، أسفرت المبادرة عن 20 فرصة عمل أوليّة، وتلقى في هذا الإطار مجموعة من السائقين والمهندسين تدريبا.

وتم إطلاق المخطط بالتعاون مع جمعية مربي الخيول التي ستُمنح 75% من الأرباح المتأتية من السيارات، وذلك بحسب فرجات الذي أكد أن "بإمكانها جني أضعاف ما كانت تجنيه من العربات 3 مرات على الأقل، فإذا كان لدى الجمعية 12 عربة تسمح بنقل 24 سائحا في الساعة الواحدة. فإن هذه السيارات ستسمح بنقل 64 سائحا"، وأضاف أن المبادرة ستدر "أرباحا أكبر مع كفاءة أعلى. كما أنها أفضل للموقع وستقلل من أعمال التنظيف".

النقل الخالي من الحيوانات
ويعد المخطط جزءا من إستراتيجية أوسع تهدف إلى معالجة القضايا المتعلقة بالرفق بالحيوان في المنطقة، التي تشمل خطة إطلاق "قرية ثقافية" يمكن الوصول إليها بالحافلات الكهربائية.


وأشار فرجات إلى أن "ذلك جزء من إستراتيجية جديدة للنقل، تتضمن دخول السائحين إلى الموقع من جهة وخروجهم من جهة أخرى باستخدام تصاريح رقمية بدلا من التذاكر الورقية. وسيكون المساهمون من المجتمع المحلي، بما في ذلك أولئك الذين يعملون مع الحيوانات الأخرى. وخلال العامين القادمين، سنخلق وظائف جديدة وسنبدأ في تقليل عدد الحيوانات المستخدمة".

وفي الأعوام الأخيرة، كشفت التحقيقات التي أجرتها منظمة "بيتا" لرعاية الحيوان عن الظروف البائسة التي تربى فيها العديد من الخيول والحمير والجمال التي تستخدم لنقل السياح في البترا، وذلك ما دفعها لافتتاح عيادة مجانية خارج ساحة المدينة الوردية قبل 18 شهرا، حيث تعمل على رعاية الحيوانات التي حُرمت من الظل والماء في الحرّ الشديد، وتعرضت للضرب والجلد بشكل روتيني، وأجبرت على حمل السيّاح.

ووفقا للكاتبة، عالجت العيادة أكثر من 3 آلاف حيوان حتى الآن من مختلف الإصابات والمشاكل الصحية، بما في ذلك الجروح والعرج والمغص ونقص التغذية والإرهاق.

ولاقى قرار استخدام السيارات الكهربائية إشادة جيسون بيكر نائب رئيس "بيتا"، الذي أعرب عن تفاؤله باتخاذ المزيد من الخطوات المماثلة، والسعي إلى الاستغناء عن استعمال الحيوانات بشكل تام في النقل داخل البترا.

هل هي خطوة طموحة أكثر من اللازم؟
ومن بين إحدى القضايا الرئيسية التي سلطت منظمة "بيتا" الضوء عليها، كان إجبار الحمير والخيول على نقل السياح على السلالم الشديدة الانحدار التي تتكون من 900 درجة، صعودا لموقع الدير القديم ونزولا منه عدة مرات في اليوم.


مع ذلك، أفاد فرجات بأن الحيوانات ستظل تستخدم للتنقل في هذا المسار، لكنهم سيبذلون جهدهم للحد من ذلك. وقال رئيس المجلس "بيتا تصر على إزالة الحيوانات من الموقع تماما، لكن هذا غير ممكن، إذ إن لدينا الكثير من السياح الأكبر سنا الذين يحتاجون إلى تلك الحمير. بدلا من ذلك، سنشجع السائحين على استخدام طريق مختلف للوصول إلى الدير، وسنفتتح مأوى في المنطقة كجزء من إستراتيجيتنا التي تركز على الرفق بالحيوانات".

وقبل الجائحة، شكل قطاع السياحة 13.8% من الناتج المحلي الإجمالي للأردن. وفي عام 2019، سجلت الدولة نموًا كبيرا في القطاع، بإيرادات بلغت 4.2 مليارات دينار أردني (5.9 مليارات دولار)، وبعدد زوار بلغ 5.4 ملايين زائر.

وفي نفس هذا الوقت من عام 2019، استقبل الموقع حوالي 3 آلاف زائر يوميا، لكنه يستقبل حاليًا حوالي 200 زائر فقط.


وأشارت الكاتبة إلى أن أفراد المجتمع المحلي يكافحون للعيش في ظل الجائحة، فضلا عن إطعام حيواناتهم.

وخلال العام الماضي، استقبلت عيادة "بيتا" العديد من الحيوانات التي انتهى بها المطاف لابتلاع البلاستيك، بعد أن تُركت للبحث في حاويات القمامة عن الطعام. وقال فرجات "لقد وضعنا خطة دعم مالي لمساعدة أصحاب الخيول، لحين بدء موسم السياحة في سبتمبر/أيلول".

وعود مشكوك فيها
ورحب صدام عليا -وهو مرشد سياحي في البترا- بالمخطط، إلا أنه غير مقتنع بأن المجتمع المحلي سيشهد المكافآت المالية الموعودة.

ويتعين على مالكي الخيول استثمار الكثير من الأموال مقدما، على غرار شراء حصانين قويين بتكلفة 1200 دينار أردني (1690 دولارا)، هذا إلى جانب تكاليف الرعاية التي تبلغ حوالي ألف دينار أردني شهريا، لكن الأرباح المحتملة مرتفعة.

وفي هذا الصدد، قال عليا "عندما كانت أعداد السائحين كثيرة، كنت أكسب حوالي 350 دينارا يوميا من خلال تأجير حصان وعربة". ووصف الخطوة بأنها أنباء طيبة لرعاية الحيوان والمجتمع المتعثر في هذا الوقت الحرج، لكنه لا يعتقد أن الكثير من الناس سيكونون قادرين على تحمل التكاليف الأولية الكبيرة حاليا، وأضاف أن المخطط "أنظف وأفضل للموقع، لكن الدخل الناتج عن السيارات لا يزال غير واضح، ناهيك عن تدني ثقة أفراد المجتمع بالسلطات. لذلك، أعتقد أن الناس ما زالوا مرتابين في الأمر".

المصدر : ميدل إيست آي