هل الدفع عن طريق الهاتف آمن؟
زاد اعتماد الأشخاص على المدفوعات الإلكترونية وعمليات الدفع اللاتلامسية وتخلوا عن المعاملات النقدية في ظل تفشي أزمة فيروس كورونا، ولذلك احتلت الهواتف الذكية أهمية كبيرة في ظل الاتجاه المتزايد نحو المدفوعات الإلكترونية.
وأوضح كيفين هاكل، خبير الأعمال المصرفية والمالية في الرابطة الألمانية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات "بيتكوم" (Bitkom)، أن "جائحة كورونا ساعدت على هيمنة الاتجاه نحو المدفوعات غير النقدية وعمليات الدفع اللاتلامسية، بالإضافة إلى زيادة الإقبال على الدفع عن طريق الهاتف الذكي".
وإذا رغب المستخدم في استعمال هاتفه الذكي كمحفظة إلكترونية، فلا بد من استعمال أحد التطبيقات، وعلى الرغم من تنوع باقة الاختيارات أمام المستخدم فإنها مربكة بعض الشيء، وهناك بعض البنوك توفر أنظمة دفع إلكترونية خاصة بها.
آبل باي وغوغل باي
بالإضافة إلى قيام العديد من شركات التكنولوجيا العملاقة بتوفير التطبيقات الخاصة بها مثل آبل وغوغل، والشركات المنتجة للهواتف الذكية مثل سامسونغ وهواوي، علاوة على قيام بعض المتاجر الكبرى بإتاحة تطبيقات خاصة بها توفر للعملاء إمكانية الدفع عن طريق الهاتف الذكي.
وتشترك جميع هذه الأنظمة في عدم تحمل المستخدم أية تكاليف إضافية، وعادة ما يقوم العملاء بتخزين بيانات بطاقة الخصم أو بطاقة الائتمان في تطبيق الدفع الإلكتروني، وفي حالة عدم توافر مثل هذه البطاقات فإن المستخدم يحتاج إلى شركة تقبل خدمة باي بال (PayPal).
تقنية "إن إف سي" (NFC)
ومن جانبه، قال ماركوس مونتز، خبير المدفوعات الرقمية بمجلة شيت (c’t) الألمانية المتخصصة، إن "تقنية اتصالات المجال القريب (إن إف سي) تعد الأكثر شيوعا وانتشارا في البلدان الأوروبية".
وأوضح مونتز أنها عبارة عن شريحة لاسلكية في الهاتف الذكي تقوم بإرسال البيانات إلى جهاز في المتجر أثناء عملية الدفع، ولا يقتصر وجود هذه الشريحة اللاسلكية على الهواتف الذكية فحسب، بل إنها توجد في بطاقات غيرو (Giro) أو بطاقات الائتمان، التي تتيح للمستخدم إجراء المدفوعات اللاتلامسية، ويمكن للمستخدم معرفة ما إذا كان المتجر يدعم استعمال هذه التقنية من خلال علامات تحمل أيقونة الموجات اللاسلكية.
وتعتمد بعض التطبيقات على أكواد الاستجابة السريعة "كيو آر" (QR) أو الباركود بدلا من تقنية اتصالات المجال القريب "إن إف سي".
وأوضح ماركوس مونتز أننا "عند إجراء عمليات الدفع يقوم التطبيق بإنشاء أحد الأكواد على الهاتف الذكي، والذي يتم مسحه ضوئيا بعد ذلك بواسطة القارئ الموجود في الخزينة".
وقد أبدى معظم الأشخاص، الذين لم يستخدموا الهاتف الذكي في المدفوعات الإلكترونية من قبل، بعض المخاوف الأمنية، إلا أن الخبير الألماني كيفين هاكل أكد أن المدفوعات الإلكترونية بواسطة الهاتف الذكي أصبحت أكثر أمانا من البطاقات التقليدية، نظرا لأنه لا يتم تخزين أرقام البطاقات على الجهاز.
وإذا تم إلغاء قفل الهاتف الذكي بواسطة بصمة الأصابع أو وظيفة التعرف على الوجه، فإنه يتم تخصيص البطاقة المخزنة لهذا المستخدم بوضوح، وأضاف الخبير الألماني أنه "مع أنظمة (إن إف سي) لا تقوم الشريحة بنقل بيانات البطاقة المخزنة، ولكنها تقوم بدلا من ذلك بنقل كود المعاملة أو ما يعرف باسم التوكن (Token)، والذي لا يمكن استعماله إلا مع هذه العملية من الشراء".
علاوة على أن أكواد الاستجابة السريعة "كيو آر" (QR) أو الباركود لا يمكن استعمالها إلا مرة واحدة، ولا يتمكن الغرباء من استقراء شريحة "إن إف سي" في الهاتف الذكي، نظرا لأنه عندما تكون الشاشة مغلقة، تكون الشريحة مغلقة أيضا في أغلب الأحيان.
ومن الأمور المهمة أيضا، أن البائع لا يعرف سوى رقم المعاملة لعملية الدفع، ومع ذلك فإن كيفية التعامل مع البيانات الأخرى يرتبط بالشركة المقدمة لتطبيق المدفوعات الإلكترونية، وأضاف هاكل "بالنسبة لحلول المدفوعات الإلكترونية الخاصة بسلاسل السوبر ماركت الكبيرة، فإن العملاء يمنحون معلومات حول سلوكياتهم الشرائية للشركة المقدمة للتطبيق نظير الحصول على خصومات أو الاستفادة من العروض الترويجية".
وهذا ما أكدته دراسة أجرتها هيئة اختبار السلع والمنتجات بالعاصمة الألمانية برلين، وقامت بفحص تطبيقات المدفوعات الإلكترونية عبر الهاتف الذكي خلال عام 2019، واتضح أن هذه التطبيقات تقوم بجمع بطاقات العملاء وبرامج المكافآت ومعرفة سلوكيات العملاء من حيث الأصناف، التي يتم شراؤها وأماكن الشراء وتوقيت عمليات التسوق.
وعلى الجانب الآخر، لا تقوم شركة آبل بجمع مثل هذه المعلومات، وأضاف ماركوس مونتز أن "الشركة تساهم في الرسوم، التي يدفعها التاجر للشركات المقدمة لخدمات المدفوعات الإلكترونية، على غرار خدمة سامسونغ باي، حيث لا تحتاج مثل هذه الشركات إلى البيانات لنموذج أعمالها، على العكس من شركة غوغل التي تقوم بجمع بعض هذه المعلومات، مثل موقع المستخدم".
ويرتبط اختيار الشركة المقدمة لخدمات المدفوعات الإلكترونية بنوع الجهاز، حيث تقوم الشركات العالمية بتثبيت تطبيق الدفع الإلكتروني بشكل مسبق على هواتفها الذكية، ولا يتوافر لأصحاب هواتف آبل آيفون فرصة كبيرة لاختيار تطبيقات الدفع الإلكتروني، حيث يقتصر هاتف آيفون على استعمال خدمة آبل باي، ولا تسمح الشركة الأميركية باستعمال تطبيقات "إن إف سي" الأخرى، وتتعاون جميع البنوك الكبرى تقريبا مع شركة آبل حاليا.
ويمكن لأصحاب هواتف آبل آيفون تثبيت بطاقات العملاء من متاجر السوبرماركت والأنظمة، التي تشتمل على أكواد الاستجابة السريعة أو الباركود.
أما أصحاب الهواتف الذكية المزودة بنظام غوغل أندرويد، فتتوافر أمامهم فرصة الاختيار بين تطبيقات المدفوعات من الشركات المنتجة للهواتف الذكية أو تطبيقات البنوك، التي يتم التعامل معها، وخدمة باي وبطاقات العملاء.