الأوضاع في عالمنا العربي أسوأ ..!
أثناء مطالعتي للصحف العربية خلال الأيام المنصرفة أحصيت أكثر من عشر مقالات معتبرة انطلقت منها كلها دعوات «الإنقاذ» : انقذوا لبنان .. انقذوا السودان .. وكذلك اليمن والعراق.. وغيرها أيضا.
من ينقذ من؟ ثمة ست دول عربية مصنفة في قائمة الدول الفاشلة عالميا، ثمة حروب أهلية طاحنة تنذر بخطر التقسيم في أكثر من دولة عربية، ثمة تقارير عربية ودولية تشير إلى تخلف عام تعاني منه المجتمعات العربية، الصورة تبدو قائمة تماما، ودعوات «التنمية» وبرامجها التي انشغلنا بها علي مدى العقود الماضية انتهت - للأسف - الى زيادات مفجعة في مستويات الفقر والبطالة والجريمة ، ومشروعات الإصلاح تراجعت وأصبحت مجرد "ترف" لا علاقة للمواطن العربي المنهك بها ، وحالة انعدام الثقة بين الحكومات وشعوبها في تصاعد ، والمطلوب - ألان - فقط ان تحافظ الدولة على وجودها ، وان لا تنتقل عدوى «الصوملة» إليها ، حتى وان بقيت مؤسساتها مجرد «هياكل» يملؤها الفراغ.
الوضع في عالمنا العربي ، كما ورد تكرارا في تقارير التنمية البشرية العربية ، أسوأ مما كان عليه قبل الربيع العربي،يبلغ عدد الشباب في العالم العربي ( من أعمار 15-34) 147مليون منهم أكثر من 35% عاطلون عن العمل ، وأكثر من ذلك يعانون من الأمية ، 50% من النساء عاطلات عن العمل ، نسبة الانتحار ارتفعت وكذلك الجرائم والمخدرات ، اما التهميش والعزوف عن المشاركة في العمل العام والخوف من عصا الأمن وانحباس الحريات العامة ..الخ ، فما زالت شواهد ماثلة على ان أوضاع العرب الآن أسوأ مما كانت عليه قبل 2010 ، العام الذي احرق فيه بوعزيزي نفسه وأطلق حينئذ "مارد" الاحتجاجات من قمقه.
مع فشل الدولة العربية يشعر الشباب بالانتماء لدينهم او طائفتهم او قبيلتهم اكثر من الانتماء لبلدانهم ( الوطنية) ، ويميلون للاحتجاج أكثر من المشاركة في التصويت ، العالم العربي وطن ل 5% من سكان العالم لكن هنالك 45% من النزاعات العنيفة الموجودة في العالم موطنها عربي ، و68% من الوفيات في العالم ناجمة عن المعارك التي تدور فيه ، وهنالك 47% من النازحين داخليا و 58% من اللاجئين هويتهم عربية.
ثم جاءت " كورونا " فانقلب المشهد نحو الأسوأ ، يكفي ان نستعرض الأوضاع الصحية والاقتصادية والنفسية التي حملها هذا الوباء لندرك ما وصل اليه عالمنا العربي من أوضاع كارثية.
والسؤال : هل نحن إذن أمام جولة جديدة من "الربيع" الذي سميناه عربيا..؟ وهل سيكون سلميا ام اشد عنفا ..والاهم كيف يمكن ان نستبقه واذا فاجأنا كيف سنتعامل معه..؟
اترك الإجابة لمن يعنيهم الأمر ، لكن لدي ملاحظة على الهامش وهي تتعلق بعاملين اثنين ما زالا قيد الرهان لجولة قادمة من هذا الانفجار الذي حدث، أحدهما: الشعوب التي استيقظ منها مارد الغضب قبل سنوات، ولم تستسلم بعد رغم ركونها لمحاولات الإخضاع والإسكات، والعامل الآخر الظروف الموضوعية التي رافقت انطلاق الثورات العربية كما رافقت إجهاض ما أنجزته من تحولات ، وأعادت عقارب الساعة للوراء، هذه الظروف التي أصبحت أسوأ - بعد كورونا - كفيلة بدفع الشباب العربي ربما الى " انفجار" جديد، او جولة أخرى من جولات الغضب، خاصة بعد هذا الثمن الكبير الذي دفعته الشعوب للتغيير، والنتيجة التي صدمت بها بعد انكشاف المستور.