مصر.. زيادة حالات العنف الأسري في الآونة الأخيرة
شهدت الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في الأخبار التي تتناول جرائم العنف الأسري، وشاعت بدرجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى درجة أن البعض اعتقاد أن ثمة ارتفاع كبيرا في هذه الظاهرة.
ومن بين تلك الحوادث الشهيرة في مصر، حالة حب بين طبيبين انتهت بقتل الزوج لزوجته أمام أولاده، بسبب خلافات زوجية، ومحاسب قتلته زوجته بسكين خلال مشاجرة بينهما.
وطرحت تلك الحوادث وغيرها أسباب شيوع أخبار هذه الجرائم وتداولها بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي وتأثير ذلك على المجتمع.
ويقول الدكتور فتحي قناوي، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر إن العملية ليست شائعة بشكل كبير، ومثل هذه الجرائم لا يمكن الحكم عليها بالزيادة أو الانتشار، فكل جريمة لها ظروفها وطرق تنفيذها.
وأضاف أن هناك عوامل تؤثر على معدل الجرائم، فعلى سبيل المثال ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف قد يؤثر على انفعالات الأشخاص، ويمكن أن يساهم بحسب بعض الدراسات في زيادة العصبية التي يتولد منها العنف، بسبب وجود إفرازات معينة تزيد خلال فصل الصيف، لكن هذه مجرد عوامل مساهمة وليست الأساس ولا يمكن اعتبارها سببا مباشرة لزيادة الجرائم.
ويضيف الدكتور فتحي إن "الجزء المهم هو أن العنف متولد من انفتاح وسائل الإعلام من إنترنت وفضائيات وأفلام ومسلسلات والتي باتت تعرض مواد بها عنف، وتنقل الحوادث العنيفة ما جعل هناك حالة من استسهال القيام بالعنف دون الاهتمام بمعرفة توابعه".
ويوضح أن البعض لا يتصورون أن "ضربة قد تؤدي للوفاة، لأن طبيعة ما يجري هو اختلافات وليست جرائم بنيّة مبيتة، وهذه الجرائم تحدث نتيجة تفكير لحظي، فعدم التحكم في النفس وعدم التحكم في رد الفعل تحت ضغط الظروف التي قد يمر بها الشخص، يجعله يتصرف بعنف دون وعي بما قد يترتب على فعله".
ويضيف الدكتور قناوي: "الجرائم لم تزد بشكل مقلق وإنما تطور وسائل الإعلام والسوشيال ميديا عوامل ساهمت في سرعة الانتشار وسرعة ردود الأفعال، وسهلت شعور الإنسان بقدرته على أخذ حقه بيديه، فالضرب بات يرد عليه بالضرب دون وجود وعي كافي بفن التعامل عند الغضب، فيجب على كل إنسان التمسك بشعرة مع من يحب دون أن يقطعها".
ويتابع الدكتور فتحي :"الحوادث باتت تنقل بسرعة وتركيز والأهم، من ذلك هو احتواء أفلام الكارتون التي تعرض للأطفال والألعاب الإلكترونية على معدل كبير من العنف، فالطفل عليه أن يقوم داخل اللعبة بعمليات قتل، أو تفجير، أو هدم شيء بعينه للعبور نحو المرحلة التالية".
وأردف: "وبالتالي هذه المواد باتت تحمل قدرا من العنف لا يجب تعليمه لأبنائنا، فهل من المفترض زرع هذا العنف في أبنائنا وترك هذه الألعاب التي ترسخ فكر الغابة داخل أنفس الأطفال بعيدا عن ثقافتهم ودينهم؟".
ويرى الدكتور فتحي أن: "العامل المادي ليس الشيء الأساسي المؤثر في جرائم القتل، فقد يكون سببا في زيادة العصبية، لكنه لا يتسبب في القتل، وإنما الأساس هو وجود ترسبات، يترتب عليها أفعال ليست وليدة اللحظة، وإنما تفكير سيء ناجم عن تراكم أشياء تؤدي لوجود لحظة تنفجر فيها الأوضاع فتقع مثل هذه الحوادث، فالأصل في كل جريمة هو عدم وجود رضا عن الوضع الحالي، ووجود الرضا يجعل العلاقات تختلف تماما".
ويركز الدكتور فتحي على زاوية استقلالية الأسر، مشيرا إلى أنه :"لا يوجد الفكر الاستقلالي، فهناك سيدات يستعن بأمهاتهن في شؤون المنزل، وبعض الرجال يعتمدون على والديهم في الإنفاق على أسرهم، وهو ما يجعل المنزل غير مستقل وعرضة لتدخل الأهل في شؤونه".
وأضاف: "هنا يحاول كلا الزوجين التغلب على نقاط ضعفه عبر نقل صورة مغلوطة لأهاليهم عن الوضع داخل المنزل، وليست صورة حقيقة وذلك نتيجة ضعف مواقفهم، وهو ما يجعل الآراء القادمة من الأهل تكون في صف أبنائهم، فالمشكلة أن الزوج أو الزوجة في وقت الخلاف لا ينقلون الصورة صحيحة لأهاليهم، وإنما وجهة نظرهم التي تجعل أهاليهم يتعاطفون معهم وبالتالي لا تحل المشكلة بشكل صحيح".
وحول أبرز النصائح لتجنب العنف الأسري يرى الدكتور فتحي قناوي أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر أنه لابد من التركيز على الإيجابيات وإبراز القدوة الحسنة للأبناء، والتركيز على العامل الديني الذي قد يساهم في تقليل المشاكل داخل الأسرة.
وشدد على "ضرورة اختيار شريك الحياة من البداية بشكل صحيح دون تسرع قد يؤدي لحدوث مشكلات مستقبلية، إضافة إلى عدم نقل كل ما يجري داخل الأسرة، فالكثير مما يجري داخل المنازل يتم نقله على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الشباب الحالي أن يعرف تماما معنى كلمة الحب أو العشرة ولا يجعلها كلمات يرددها فقط".
سكاي نيوز