أحزاب وشخصيات تونسية ترفض قرارات الرئيس وتؤكد أنها "انقلاب" على الدستور

تواصل الأحزاب والشخصيات السياسية التونسية إعلان مواقفها الرافضة لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد حلّ البرلمان والحكومة والسيطرة على السلطة التنفيذية والقضائية، مؤكدة أنها قرارات تخرق الدستور.

وأعلنت كتلة "قلب تونس"، وهي القوة الثانية في البرلمان، رفضها قرارات الرئيس، ووصفتها بأنها "خرق جسيم للدستور"، وعبّرت عن تمسكها بالشرعية الانتخابية واحترام القانون والمؤسسات.

كما دعت الكتلة الحكومة إلى ممارسة مهامها الشرعية وتفادي إحداث فراغ مؤسساتي، وحثّت الجيش والأمن على التزام دورهما التاريخي في حماية الدولة ومؤسساتها وقيم الجمهورية والثورة.

ومساء أمس الأحد أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، حلّ البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يعين رئيسها.

ودعت الكتلة مجلس نواب الشعب (البرلمان) إلى الانعقاد فورا، كما دعت المشيشي إلى تولي مهامه الشرعية وتفادي إحداث فراغ في مؤسسة رئاسة الحكومة.


‎وعبّر "ائتلاف الكرامة" في تونس، فجر اليوم الاثنين، عن رفضه القطعي للقرارات الأخيرة التي أعلنها الرئيس، ودعا الشعب إلى "الدفاع عن حريته وثورته".

وقال سيف الدين مخلوف، الناطق الرسمي باسم الائتلاف، إن "ائتلاف الكرامة يرفض قطعيا هذه القرارات الانقلابية الفاشلة" وفق وصفه.

وتابع مخلوف، في فيديو نشره على موقع حزبه عبر فيسبوك، "ندعو الشعب التونسي لرفضها (قرارات الرئيس) والدفاع عن حريته وعن ثورة شهدائه وجرحاه".

ورأى مخلوف أن الفصل (المادة) 80 من الدستور التونسي لا يسمح لسعيد باتخاذ هذه القرارات، وأضاف "عندما يبلغ الأمر برئيس الجمهورية أن ينقلب على المسار الديمقراطي والحرية والثورة نقول له: قف".

وشدّد مخلوف على أن "مجلس نواب الشعب ليس مجمدا ولن يُجمّد"، وأهاب بالقوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي عدم الانصياع لتلك القرارات.

وأعرب حزب التيار الديمقراطي اختلافه مع تأويل رئيس الجمهورية للفصل 80 من الدستور، مؤكدا رفضه لما ترتب عنه من قرارات وإجراءات خارج الدستور، وفق وصفه.

وأكّد التيار، في بيان، أنّه لا يرى حلًّا إلا في إطار الدستور، داعيا رئيس الجمهورية وكل القوى الديمقراطية والمنظمات الوطنية لتوحيد الجهود للخروج بالبلاد من الأزمة، باحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان ومقاومة الفساد المالي.

وحمّل البيان، في الوقت نفسه، الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة وحكومة المشيشي مسؤولية الاحتقان الشعبي والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية.

ويعدّ حزب التيار الديمقراطي من أبرز مكونات الكتلة الديمقراطية المعارضة لحكومة المشيشي، ويعدّ موقفه المعلن في البيان متناقضا مع موقف سامية عبو القيادية بالحزب التي كانت قالت في مداخلة سابقة مع الجزيرة إنّ الإجراءات التي اتخذها الرئيس لم تخرق الدستور.

ودافعت سامية عبو عن عدم استشارة رئيسَيْ الحكومة والبرلمان قبل اتخاذ هذه الإجراءات.

وفي مقابلة مع الجزيرة، أشار الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي إلى ما سماه "قرارا إقليميا بتصفية الربيع العربي".

وعدّ الرئيس التونسي السابق ما يحدث في تونس إخفاقا للمنظومة كلها، وجزم المرزوقي بأن من وصفهم بالانقلابيين لا يحملون حلولا، واتهم الرئيس بالحنث بوعده بحماية الدستور في أثناء القسم الرئاسي.

من جهته، عدّ رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، فجر اليوم الاثنين، قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة "انقلابا على الثورة والدستور"، وشدد على أن الشعب التونسي سيدافع عن الثورة، وحذر من أن قرارات سعيد "خطأ وستُدخل تونس وشعبها في ظلمات وسلطة الرأي الواحد".

وبدأ الغنوشي صباح اليوم اعتصاما أمام البرلمان بعد منعه مع نواب آخرين من الدخول إلى مقر البرلمان من قبل قوات الجيش التي أكدت أنها تغلقه وفق تعليمات رئاسية.

وإزاء ما صرح به سعيد من أنه استشار رئيس البرلمان ورئيس الحكومة في قراراته، نفى الغنوشي ذلك، وقال "الرئيس سعيد استشارني فقط في إجراءات طارئة، وقد اعتاد الاستشارة بشأن الطوارئ، ولم يُعلمنا مقدما بقراراته" التي أعلنها مساء أمس الأحد.

وشدد الغنوشي على أنه يرى أن "البرلمان في حالة انعقاد دائم والحكومة ما زالت قائمة" كما ينص على ذلك الدستور، داعيا النواب إلى "الثبات والدفاع عن شرعيتهم أمام الإجراءات الباطلة التي اتخذها رئيس الدولة".

وتابع أنه اتصل بنور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي (أقدم منظمة نقابية في تونس) من أجل استعادة الديمقراطية، داعيا في الوقت نفسه بقية المنظمات الوطنية إلى "الدفاع عن الشرعية".

وأضاف الغنوشي أنه بصدد الاتصال برئيس الحكومة هشام المشيشي إثر القرارات التي اتخذها رئيس الدولة.

وأكد أنه سيدعو إلى اجتماع للكتل البرلمانية، اليوم الاثنين، لمواصلة العمل بشكل عادي في البرلمان، مشيرا إلى أنه في صورة تعطيل عمل البرلمان فـ"سُيعدّ ذلك جزءا من استبداد الرئيس قيس سعيد".

ووصف علي العريِّـض، نائب رئيس حركة النهضة التونسية، قرارات الرئيس التونسي حلّ البرلمان وعزل رئيس الحكومة بالانقلاب على الدستور والثورة، ودعا العريِّـض القوى السياسية والمنظمات المدنية والمواطنين إلى الوقوف في وجه كل النزعات الاستبدادية ومحاولة الالتفاف على الدستور.

وصرح العريض بأن المجموعات التي اعتدت على مقارّ حركة النهضة أمس الأحد "بعضها تحصّل على أموال واستعمل من قبل أطراف سياسية وبعضها قريب من رئيس الدولة التونسية قيس سعيد".

وأكد العريض أن مؤسسات الدولة يجب أن تتابع "ملف العمالة للخارج وأن تحمي الدولة من أي تدخل خارجي".

كما أوضح أن حزبه سيقدم قضايا في كل من ثبت تورطه في الاعتداءات على المقارّ، ولن ينجرّ في الوقت نفسه إلى العنف، وسيتمسك دائما بالقانون.

ودعا رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة التونسية، مؤسسات الدولة إلى تجنب تطبيق القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس.

المصدر : وكالات + الجزيرة