رشدي أباظة.. رفض بطولة " لورانس العرب" ولم يكن يحلم بالتمثيل
في الثالث من آب/أغسطس من عام 1926 ولد رشدي سعيد بغدادي أباظة، والذي تعود أصوله للعائلة الأباظية الشهيرة في مصر، والشائع عنها أنها ذات أصول شركسية، وتسمية العائلة جاءت من الجدة زوجة الشيخ العايد، التي كانت من إقليم أباظيا، وقد تعرف والده الذي يعمل في سلك البوليس في محافظة المنصورة على والدته الإيطالية تيرزا لويجي، وقد رفضت أسرته هذه الزيجة لكنه أصر عليها، ولكن بعد الخلاف عادت إلى أهلها وهي حامل، حتى جاءه خبر ولادتها لطفله رشدي أباظة، وحينما علمت الجدة بالامر وافقت على عودة الطفل فقط ولكنها رفضت عودة الأم مجدداً، فرشدي هو من العائلة الأباظية ولا يتربّى خارجها، وتمت الموافقة على أن يظل تحت رعاية والدته لمدة عامين، وحينها تزوجت والدته من رجل غير والده بعد إلحاح من أسرتها لجمالها الفاتن، فتربى رشدي أباظة في بداية حياته مع رجل غير والده ،وألحقته والدته بمدرسة الخرنفش كي تجنبه الصدامات مع زوجها الجديد.
وبعد فترة إستقر والده في القاهرة ليبدأ رشدي الدخول في عائلة والده الأباظية، وكانت الجدة تعامله بصرامة شديدة كي تكون وقورة كأفراد عائلتها، وبعدها عاش تشتتاً بسبب زواج والده من إمرأة صعيدية كانت تعيش عادات وتقاليد مختلفة عن حياته، فقرر رشدي أن يبتعد عن التفكير في أسرته، وركز على الرياضة وكمال الاجسام، وكان حينها في الثانية عشرة من عمره، وحصل رشدي أباظة على شهادة البكالوريا من مدرسة سان مارك في الاسكندرية.
نشأ رشدي أباظة كباقي أفراد أسرته الارستقراطية، وتعلم خمس لغات، منها الإيطالية، لكنه قرر ألا يكمل تعليمه الجامعي، فكان يسعى للتفوق الرياضي. ولرشدي أباظة ثلاث أخوات من والده هن رجاء ومنيرة وزينب، وأخ غير شقيق هو فكري والذي عمل ممثلاً لفترة، وله أخ غير شقيق من والدته هو حامد.
لا يعلم الكثيرون أن رشدي أباظة الذي يتمتع بكل مواصفات الفتى الأول والنجم، لم يكن يضع في حساباته أن يكون ممثلا، ولكنه في عام 1948 حينما شاهده المخرج بركات ووجده يتمتع بجسد رياضي، رشحه ليشارك أمام فاتن حمامة بدور في فيلم "المليونيرة الصغيرة"، وقتها فكر رشدي أباظه بأنه قد يجد فرصة أكبر في إيطاليا، فسافر إلى هناك على أمل أن يصل إلى العالمية، ولكنه عاد إلى مصر من دون أن يحقق هذا الحلم، ليقدم أدوارا صغيرة ككومبارس في أفلام، منها رد قلبي ودليلة وجعلوني مجرما وموعد غرام، وذلك قبل أن يصعد على سلم النجومية.
ظل رشدي أباظة يقدم أدواراً صغيرة معتمداً على جسده الرياضي حتى جاءته فرصة البطولة عام 1957 ليشارك أمام نعيمة عاكف وأحمد رمزي في فيلم "تمر حنة"، وفي نفس العام قدم دورا مع فاتن حمامة في طريق الأمل، وظهر في هذا العام بشخصيات مختلفة في أفلام رد قلبي وأنا وأمي وتجار الموت ولن أبكي أبدا ونساء في حياتي ولا أنام، وعلى الرغم من حصوله على بطولة في تمر حنة، الا أنه عاد مجددا للأدوار المشاركة في فيلم سلطان مع فريد شوقي وجميلة أمام ماجدة.
بدأ رشدي أباظة يلفت الأنظار في نفس العام بعد مشاركته في بطولة فيلم إمرأة على الطريق عام 1958 أمام هدى سلطان، وجمعت بينهما مشاهد جريئة، وأشيع حينها أن هذا الفيلم كان سبب انفصال هدى سلطان وفريد شوقي، إلا ان ابنتهما ناهد نفت الأمر وقالت إن المرشح لبطولة الفيلم في البداية كان والدها فريد شوقي، ولكنه إعتذر لإنشغاله وسفره، وصناع الفيلم كانوا يحجبون عنه ألبومات الفيلم كي لا يغضب.
وظل رشدي أباظة يجمع بين البطولة والأدوار الثانية، ففي نفس العام شارك في ماليش غيرك وقلوب العذارى، وبعدها بعام قدم الفيلم الاشهر في مشواره الرجل الثاني، ومفتش المباحث وأنا بريئة وصراع في النيل وأحلام البنات وبفكر في اللي ناسيني وقاطع طريق ورحلة إلى القمر ،ومع عام 1960 شارك في بهية ونهاية طريق ويا حبيبي ورجال في العاصفة وقلب في الظلام، ومن افلامه ايضا صراع في الجبل و وا إسلاماه وسلوى في مهب الريح وحلوة وكدابة وشهيدة الحب الإلهي و لا وقت للحب مع فاتن حمامة ،وزوجة من باريس وبدوية في باريس وهو والنساء وشقاوة رجاله وآخر أفلامه كان بياضة عام 1981.
كوّنرشدي أباظةثنائيات فنية ناجحة مع العديد من النجمات، وحققت نجاحا كبيرا رغم أنها لم تكن في أفلام كثيرة، فشارك مع ماجدة بطولة أفلام المراهقات والقبلة الأخيرة وجميلة وحواء على الطريق والسراب وزوجة لخمسة رجال.
ومع سعاد حسني قدّم المراهقة الصغيرة وشروق وغروب وصغيرة على الحب وجناب السفير ومبكى العشاق والحب الضائع وأين عقلي، ومع نجاة الصغيرة قدم إبنتي العزيزة، ومع نادية لطفي عدو المرأة وجريمة في الحي الهادي وعندما نحب وأبدا لن أعود و وراء الشمس، ومع نعيمة عاكف قدم خلخال حبيبي وتمر حنة، ومع شادية قدّم الزوجة الـ13 والطريق ونص ساعة جواز، وقدم مع لبنى عبد العزيز بهية وعروس النيل والعيب، ومع مريم فخر الدين قدّم لقاء في الغروب وملاك وشيطان وبلا عودة ، ومع وردة الجزائرية قدم أميرة العرب وحكايتي مع الزمان وآه يا ليل يا زمن، وقدّم مع نجلاء فتحي روعة الحب ومن البيت للمدرسة والعاطفة والجسد والقاضي والجلاد، ومع الشحرورة صباح قدّم إيدك عن مراتي والرجل الثاني ونار الشوق.
في عام 1953 وافق رشدي أباظة على أن يكون دوبلير للممثل العالمي روبرت تايلور في فيلم وادي الملوك، على أمل أن ينضم للمصريين المشاركين في الفيلم مثل سامية جمال ومحمود السبع وغيرهما، وفي عام 1954 كتب رشدي أباظة مقالاً عن هذه التجربة نشر في مجلة الجيل الجديد وقال إنه لم يصدق العرض في البداية، إلى أن إرتدى ملابس تايلور التي ظهرت بمقاسه وكأنها فصلت خصيصاً له، وكشف أنه كاد يموت أكثر من مرة، وقال إن ما كسبه من هذه التجربة هو الدقة والنظام في العمل.
كان المخرج البريطاني لفيلم لورانس العرب الذي ذهب إلى الممثل عمر الشريف وقاده للعالمية، رشح أيضاً رشدي أباظة لبطولة هذا الفيلم كونه يتحدث 5 لغات، وطلب وقتها مقابلته لكي يختبره، لكن رشدي أباظة رفض، وقال إن لديه فيلماً في السينما يستطيع المخرج مشاهدته، فذهب المخرج لمشاهدة الفيلم ورأى عمر الشريف وأعجب به، ولم يتردد عمر الشريف في مقابلة المخرج، وتعاقد معه على بطولة الفيلم.
وتردد أيضا بأن بطلة فيلم وادي الملوك أعجبت برشدي أباظة ودعته لزياره هوليوود وتقديم أعمال هناك، لكنه رفض أن يحقق النجاح من خلال إمرأة.