آخر ردود الفعل الدولية والمحلية على أزمة تونس
أعربت دول عن رفضها قرارات الرئيس التونسي تعطيل البرلمان وحل الحكومة بوصفها انقلاباً، فيما دعت دول أخرى للهدوء وأعربت عن قلقها. في الوقت ذاته وصفت أحزاب تونسية القرارات بأنها انقلاب على الشرعية بينما التزمت أخرى الصمت.
أثار قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد ليل الأحد تجميد عمل البرلمان ثلاثين يوماً وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه، ردود فعل عدّة في الداخل والخارج.
وبينما اندلعت مواجهات الاثنين أمام البرلمان غداة وصف حزب النهضة الأكثر تمثيلاً ما جرى بأنه "انقلاب"، أبدت أطراف عدّة في العالم قلقها من تبعات الإجراءات الرئاسية المفاجئة.
قلق في أمريكا ودعوات أوروبية للهدوء
أبدت الولايات المتحدة الاثنين قلقها إزاء التطورات في البلاد التي تعد مهد "الربيع العربي"، داعية لاحترام "المبادئ الديمقراطية".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: "نحن قلقون إزاء التطورات في تونس" .
وأعلنت أن "التواصل قائم على أعلى مستوى" وأن واشنطن "تدعو للهدوء وتدعم الجهود التونسية للمضي قدماً بما يتوافق مع المبادئ الديمقراطية".
وتحدّث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الاثنين هاتفيّاً مع سعيّد. وقالت وزارة الخارجية في بيان إن بلينكن دعا سعيّد إلى "الإبقاء على حوار مفتوح مع جميع اللاعبين السياسيين والشعب التونسي".
وأشار البيان إلى أن بلينكن "شجّع الرئيس سعيّد على احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تشكّل أساس الحكم في تونس".
من جانبه قال متحدّث باسم الاتحاد الأوروبي: "ندعو كل الجهات الفاعلة في تونس لاحترام الدستور والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون"، وتابع: "ندعوهم كذلك للتحلي بالهدوء وتجنّب أي لجوء إلى العنف، حفاظاً على استقرار البلاد".
فيما أعلنت الدبلوماسية الفرنسية الاثنين أن باريس تأمل "عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي" في تونس "بأقرب وقت".
ودعت وزارة الخارجية الفرنسية "جميع القوى السياسية في البلاد إلى تجنب أي شكل من أشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية للبلاد".
بدورها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبهر لصحافيين إن بلادها تأمل في عودة تونس "في أقرب وقت ممكن إلى النظام الدستوري".
واعتبرت أن "جذور الديموقراطية ترسّخت في تونس منذ 2011" في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وأوضحت أن بلادها "قلقة للغاية" مما جرى، لكن "لا نودّ الحديث عن انقلاب"، مضيفة: "سنحاول بالتأكيد نقاش (الوضع) مع السفير التونسي" في برلين، كذلك فإنّ "سفيرنا في تونس جاهز للانخراط في مباحثات".
وفي روسيا أيضاً قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريح مقتضب إن بلاده تراقب التطورات في تونس. وأضاف في مؤتمره الصحفي اليومي عبر الهاتف: "نأمل ألا يهدّد شيء استقرار شعب ذلك البلد وأمنه".
بيانات عربية
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال اتّصال مع وزير الخارجية التونسي عن دعم المنظّمة "الكامل للشعب التونسي".
وجاء في بيان أن الجامعة تعرب عن "تمنياتها لتونس بسرعة اجتياز المرحلة المضطربة الحالية، واستعادة الاستقرار والهدوء".
فيما شدّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال اتصال مع نظيره التونسي على "حرص المملكة على أمن الجمهورية التونسية الشقيقة واستقرارها وازدهارها".
ودعت وزارة الخارجية القطرية أطراف الأزمة التونسية إلى "تغليب صوت الحكمة وتجنّب التصعيد"، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (قنا).
وأعربت في بيان عن "أمل" قطر أن "تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة".
من جانبه قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في تغريدة عبر تويتر: "نتابع التطورات في تونس الشقيقة، ونأمل أن يتجاوز الأشقاء هذه الأوضاع الصعبة وبما يحفظ سلامة تونس وأمنها واستقرارها، ويحقق طموحات شعبها العزيز، ويحمي مصالحه ومكتسباته ومسيرته ومنجزاته".
تركيا
أدان مسؤولون أتراك المبادرات التي تفتقر إلى الشرعية الدستورية في تونس، معتبرين إقالة الحكومة بمثابة انقلاب.
وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك في تصريحات الاثنين إن "إقالة الحكومة التونسية انقلاب على الشرعية، وخطوة الرئيس ليس لها أساس دستوري".
وأضاف: "ثورة الشعب التونسي تشكل مثالاً قيّماً للعالم، من المهم جداً حماية مكتسبات هذه الثورة على أساس الشرعية الدستورية".
من جهته قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن: "نرفض تعليق المسيرة الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب في تونس".
وأضاف: "ندين المبادرات التي تفتقر إلى الدستورية والتأييد الشعبي ونؤمن أن الديمقراطية التونسية ستخرج من هذه العملية أقوى".
بدوره وصف الرئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة في تونس بأنه انقلاب، وأبدى ثقته بأن الشعب سيدافع عن النظام الدستوري والقانون.
جاء ذلك في تغريدة نشرها الاثنين تعليقاً على إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد اختصاصات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه.
وقال شنطوب: "ما جرى في تونس يبعث على القلق، فالقرارات التي تمنع البرلمان ونوابه المنتخبين أداء مهامهم انقلاب ضد النظام الدستوري".
وأردف: "الانقلاب العسكري/البيرقراطي غير مشروع في كل مكان، وفي تونس أيضاً"، وأضاف: "واثق بأن شعب تونس سيدافع عن النظام الدستوري والقانون".
حضّت منظمة العفو الدولية الرئيس التونسي على "التعهّد علناً باحترام حقوق الإنسان وحمايتها، بما في ذلك الحق في حرية التعبير والتجمّع السلمي".
وأدانت المنظّمة الإغلاق القسري لمكاتب قناة الجزيرة الإخبارية القطرية، واصفة الأمر بأنه "شائن". واعتبرت أن الإغلاق "سابقة مقلقة للغاية تظهر أن حقوق الإنسان بخطر".
كذلك أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود" إغلاق قوات الأمن التونسية مكاتب القناة القطرية.
وجاء في بيان أصدرته: "نطالب بإعادة فتح المكاتب فوراً ومن دون تأخير وبعودة الصحفيين إلى العمل في ظروف طبيعية".
قال الرئيس قيس سعيد إن خطواته تتسق مع الدستور للرد على "النفاق والغدر والسطو على حقوق الشعب" من الطبقة السياسية، نافياً تنفيذه لانقلاب. وحذر من أن المعارضة العنيفة ستواجه "بالرصاص".
فيما وصف رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي الذي يرأس حزب النهضة أكبر حزب في مجلس النواب هذه الخطوة بأنها انقلاب، ودعا التونسيين للخروج إلى الشوارع احتجاجاً عليها.
ورفضت الأحزاب الثلاثة الكبرى وهي قلب تونس والتيار والكرامة الخطوة باعتبارها انقلاباً.
وكان حزب الشعب الذي له 15 نائباً في البرلمان الذي يتألف من 217 مقعداً، هو أكبر حزب يؤيد سعيد قائلاً إنه "صحح المسار الثوري".
ولم يعلق الحزب الدستوري الحر بزعامة عبير موسي الذي عارض ثورة 2011، والذي حقق مكاسب في استطلاعات الرأي هذا العام، على الخطوة.
من جانبه قال رئيس الوزراء المقال هشام المشيشي إنه لا يمكن أن يكون عنصراً معطلاً وإنه سيسلم المسؤولية لأي شخص يختاره رئيس البلاد، وذلك في خطوة قد تخفف حدة الأزمة السياسية الكبيرة بالبلاد.
وأضاف المشيشي في بيان أنه مستعد لخدمة تونس من أي موقع.
ولم يظهر المشيشي على الملأ منذ إعلان الإجراءات وإن كانت مصادر أمنية قالت إنه في بيته ولا يخضع للإقامة الجبرية.
تفادى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم مليون عضو وكان له دور فيما مضى بالمساعدة في نزع الفتيل بأوقات أزمات سياسية، انتقاد سعيد بشكل مباشر بعد أن التقاه زعيم الاتحاد.
وقال الاتحاد إن سعيد يجب أن ينتقل من الإجراءات الاستثنائية المذكورة في الدستور سريعاً وأن يضع "خارطة طريق تشاركية واضحة تسطّر الأهداف والوسائل والرزنامة (جدول الأعمال) وتطمئن الشعب وتبدّد المخاوف".
من ناحيته قال الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي الذي ساعد في الإشراف على الانتقال إلى الديمقراطية إن خطوة سعيد انقلاب. وأضاف أن التونسيين قد يأملون في أن يكون هذا هو السبيل للخروج من أزمة سياسية لكنه يخشى أن تكون بداية منحدر "إلى وضع أسوأ".
TRT عربي - وكالات